شارك المقال
  • تم النسخ

سائح إسرائيلي: يمكن للمغرب أن يقدم دروسا لإسرائيل في “فن التسامح”

نشرت صحيفة “Israel Hayom” مقالًا للمراسل الإسرائيلي شاهار كليمان، يسرد فيه ما شاهده بأم عينه من القيم المتشبعة بالتسامح وبالتآخي وبحب الآخر أثناء زيارته التي دامت لمدة عشرة أيام لعدد من المدن والقرى المغربية، مؤكدا أن المغرب رَسَّخ بشكل كبير للأسس والمفاهيم القيمية لثقافة التعايش الحضاري الإنساني والتسامح والتكامل الديني، متسائلا عن الدروس التي يمكن أن يقدمها المغرب لإسرائيل في هذا الجانب؟.

يحكي المراسل الإسرائيلي شاهار تجربته بالمغرب قائلا: “منذ عودتي من المغرب إلى إسرائيل، ما زلت أفكر في الصويرة من حين لآخر، أو بالأحرى في تلك اللحظة الخالدة التي استوقفتني في أحد المواقع الخلابة على ضفاف المحيط الأطلسي أثناء توهج السماء باللونين الأصفر والأحمر لحظة غروب الشمس، حيث تحلق طيور النورس البيضاء مع كل هبة ريح، وغمرتني موجة من الحنين إلى الماضي على الرغم من أنني لم أزر هذا المكان من قبل”.

كلما زحف بي الزمن الذي أمضيته في الصويرة، كلما ارتبطت أكثر بروح هاته المدينة الساحلية، حيث يعود اليهود هنا إلى منازلهم بعد صلاة السبت، وجمال القلب وصفاء السريرة تظهر انعكاساتها على الوجه والمحيا، وبالطريقة نفسها، مشيت في السوق المحلي والشاطئ وعلى جنبات الرصيف المليء بتجار السمك، وبعد فترة طويلة من الجوع الروحي، شعرت بالشبع.

هناك شيء حميمي بشأن المغرب يجذبك إليه مثل المغناطيس، فلكل مدينة قديمة لونها الخاص وطقوسها الخاص، حتى ألوان سيارات الأجرة تختلف من مدينة إلى أخرى. وخلال الأيام العشرة التي أمضيتها في المملكة، كان كل مغربي تحدثت إليه يفتخر بأن لديه صديق يهودي، ذات مرة قال لي سائق في الدار البيضاء، “لدي صديقة يهودية من البرتغال ساعدتني في الحصول على تأشيرة للسفر”، وأطلعني على صور الوثائق الموجودة على “الواتساب”، للتأكد من أنني لا أشك فيه، وقال لي أحد سكان مراكش “أنتم اليهود الأقرب إلينا”، مردفا وعلامات الفخر بادية على محياه “هل شاهدت إنجازات المغرب في كأس العالم؟”.

وتابع المراسل الإسرائيلي، شاهار كليمان، “قد يكون هذا شيئًا يمكننا، نحن الإسرائيليين، أن نتعلم منه، فالأقليات الدينية لها دور في قصة الأمة وتشكل جزءًا صغيرًا من مجملها، فيهود المغرب، على سبيل المثال، يُعتقد (في تقليد قديم) أنهم أولئك الذين استُجيبت صلواتهم من أجل المطر، ولكنه تقليد تسبب في نهاية المطاف في أحداث مؤلمة في التاريخ, فعلى سبيل المثال، صلى مجتمع بأكمله من أجل المطر خوفًا من اتهامه بالتسبب في الجفاف والعقاب.

ترسخت لدي فكرة أن الثقافة المغربية متسامحة للغاية، بينما الثقافة الإسرائيلية عرضة للحالات المطلقة, منذ آلاف السنين، وبالنظر إلى مساحة المغرب الشاسعة، سيكون من الصعب غرس اعتقاد واحد على الجمي،. ففي إسرائيل، من ناحية أخرى، يبدو أن كل قطاع يحتاج إلى النضال من أجل بقائه، والعقل الباطن يعتقد، ربما، أن مثل دولة إسرائيل الصغيرة لا يمكن أن يكون لديها مساحة تسامح كافية للجميع، كما كان من المذهل رؤية الاحترام الذي يكنه المغاربة لموظفي الخدمة المدنية، لمحت في أحد المباني التي مررنا بها لوحة جدراية لجندي وشرطي وممرضة تحمل علم الدولة معًا، فتمنيت من أعماق قلبي أن نكون نحن الإسرائيليين قد طورنا نفس هذه الخصال في تقدير الآخر واحترامه والاحتفاء به كما يحتفي المغاربة ببعضه على الجداريات.

المغرب فضاء أوروبي

وقال المتحدث ذاته، إن دين الدولة يعني أن غالبية المغاربة مسلمين ولا يعني أن الدولة مسلمة، ويعتبر الملك زعيمًا روحيًا، وريثًا للنبي محمد، ويشارك في الصلاة، وخير مثال على ذلك، مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، يمكن أن يستوعب المبنى، الذي بدأ بناؤه في ثمانينيات القرن التاسع عشر عشرات الآلاف من المصلين داخل أسواره أو خارج ساحته الكبيرة المطلة على شاطئ البحر، حيث تقدر تكلفة البناء بأكثر من نصف مليون دولار، وتم تمويلها بشكل كبير من قبل العامة، إذ تبرع في بناء المسجد حوالي 12 مليون مغربي، وكان أدنى تبرع حوالي دولار واحد فقط.

نتاج هذا مجتمع مرن جدا، فبعض المسلمون المخلصون، قد يسمحون لأنفسهم أحيانا بشرب كأس من الخمر (على الرغم من أن الكحول محظور في الإسلام) ويستخدمونه أحيانا كدواء لآلام المعدة. وآخرون يقولون: “شوية لربي وشوية لقلبي“، حيث تقدم النوادي والملاهي اليلية البيرة المخمرة محليًا. حتى أن إحدى الحانات المرموقة في مراكش تزخر بالراقصين وفرق الروك الغربية، تمامًا كما هو الحال في أوروبا.

التاريخ اليهودي


تتجمد مدينة فاس في الصباح الباكر. لكن لا أحد يشغل جهاز التدفئة ما لم يُطلب منه ذلك لأن السكان المحليين يفضلون ارتداء طبقات من الأوشحة والقبعات الصوفية والمعاطف المنتفخة والقفازات. يمكن للمرء أن يرى فقط وجوههم وعيونهم، هل المغاربة مقتصدون ؟ فذلك غير واضح، لكنهم بالتأكيد مرحبون ويمكن للتجار في السوق المحلية التحدث ببعض الكلمات العبرية، وفي السوق أيضا، يبرز فن الفسيفساء. هناك أشخاص يجلسون، من شروق الشمس حتى غروبها في نحت المربعات الخرسانية الرمادية، صدق من قال إن أوروبا شاحبة بالمقارنة بالتقاليد المغربية التي تعتبر مصدر فخر للساكنة.

ويختم المراسل الإسرائيلي شاهار كليمان، “في المقبرة اليهودية المحلية، أشعلت شمعتين. أحدهما للحاخام القبالي يهودا بن عطار، الذي كان يترأس الجالية اليهودية في فا ، والثانية للا سليقة، البطلة المغربية اليهودية التي قُطعت رأسها علانية عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، وتم إعدامها عام 1834 بتهمة الردة عن الإسلام. ذكرني هذا بوالدتي الراحلة التي ولدت في المغرب وهجرت إلى إسرائيل، حاليا، تعمل منظمة “كولنا” على ترميم المقابر اليهودية في المغرب، حيث يترك الشباب الإسرائيليون حياتهم في إسرائيل ويسافرون إلى المغرب للتطوع في المشروع، والتشبع بقوة التقاليد”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي