شارك المقال
  • تم النسخ

زيتوت: الضغوط الغربية دفعت الجزائر لتخفيض ميزانية وزارة الدفاع بحوالي 20%

كشف العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، النقاب عن أن الضغوط الأمريكية والغربية على الجزائر بشأن تخفيف علاقاتها مع روسيا قد نجحت بالفعل، وأن علامات ذلك تجلت أساسا في ميزانية وزارة الدفاع الجزائرية للعام الحالي.

وذكر زيتوت في حوار خاص مع جريدة العربي٢١ اللندنية، أن هناك أربعة أحداث وقعت كلها تنبئ بأن السلطات الجزائرية قد خضعت بالفعل للضغوط الغربية في علاقاتها مع روسيا.

وقال: “كان من المفروض إجراء مناورات عسكرية جزائرية-روسية في الجنوب الجزائرية بالقرب من الحدود المغربية في جهة بشار في منطقة تسمى حمه غير، وكان من المخطط لها أن تجري في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وتحدث عنها قائد الجيش شنقريحة لكنها لم تتم وفي الأخير أعلنوا أنها لم تتم، وكان هذا الإلغاء استجابة لضغوط غربية، حيث طلبوا منهم وقف عدم القيام بهذه المناورات”.

وأضاف: “الحدث الثاني يتعلق بالزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي كان قد أعلن أنه سيزور موسكو قبل نهاية العام المنقضي، ولكن ذلك لم يتم، ولم يزر تبون موسكو.. الأمر الثالث والأهم برأيي هو ميزانية الجيش الجزائري، حيث إنهم أعلنوا في البداية أن قيمتها ستكون بحدود 23 مليار دولار، ولكن طلعت الجريدة الرسمية الأسبوع الماضي، وتم تخفيض ميزانية الجيش إلى 18 مليار دولار، أي تخفيض ميزانية وزارة الدفاع بنسبة نحو 20%، لأن الغرب وأمريكا على رأسهم، تدخل للضغط على السلطات الجزائرية التي كانت تخطط لشراء ما قيمته 11 مليار دولار أسلحة من الروس، وبالتالي جاء الفيتو الغربي ليمنعهم من شراء أسلحة روسية، اللهم إلا بعض العقود القديمة والبسيطة”.

وتابع زيتوت: “الحدث الرابع جاء في تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون لصحيفة لوفيغارو الفرنسية، الذي هاجم فيه بشدة مليشيات فاغنر، وقال بأن وجودهم سيئ في مالي وبأنهم يثيرون القلاقل، وهذا أيضا مطلب فرنسي أمريكي”.

واعتبر زيتوت أن هذه التطورات في علاقة النظام الجزائري بموسكو تكشف أيضا عن وجود صراع بين الأجنحة داخل نظام الحكم في الجزائر، الجناح الروسي الذي يقوده شنقريحة، والجناح الغربي الذي يقوده مجموعة جنرالات ومعهم عبد المجيد تبون..

وأضاف: “المحصلة أن الضغوط الغربية نجحت في القضايا الأربعة المشار إليها آنفا، وقد بدأت الضغوط الغربية عندما أعلن أحد نواب الكونغرس أنه طلب من وزير الخارجية الأمريكي أن يفرض عقوبات على النظام الجزائري بسبب علاقاته مع روسيا، وزيارة السفيرة الأمريكية إلى الرئيس تبون وقائد الجيش السعيد شنقريحة، وأخيرا زيارة منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي، بريت ماكغورك وموظفة في الخارجية الأمريكية للسعيد شنقريحة”، وفق تعبيره.

وكانت تقارير إعلامية قد تحدثت أواخر العام الماضي عن أن الجزائر، قد زادت ميزانيتها الدفاعية للعام 2023 بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الجاري، لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار، وهي زيادة فهمها المراقبون على أنها تأتي في سياق توترات شديدة بين الجزائر والمغرب، بعد أن قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في آب/ أغسطس 2021؛ بسبب الخلافات العميقة بين الجارتين حول إقليم الصحراء المتنازع عليه والتقارب الأمني بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي.

وكان رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، قد التقى منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر، إيليزابيت مور أوبين، وأجرى معها مباحثات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وكذا حالة التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تدعيمها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.

ولم يقدم بيان صادر في حينه عن وزارة الدفاع الجزائرية تفاصيل حول طبيعة المباحثات بين الجانبين الجزائري والأمريكي، إلا أن مجالات التعاون بين البلدين كثيرة، خاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب في الساحل والمناورات المشتركة في منطقة المتوسط وغيرها. وسبق لعدة مسؤولين عسكريين أمريكيين بينهم قائد أفريكوم زيارة الجزائر في الفترة الأخيرة.

وخلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نهاية شهر غشت الماضي إلى الجزائر، كان لرئيس أركان الجيش حضور قوي، حيث استقبل وزير الدفاع الفرنسي بمقر وزارة الدفاع، سيباستيان لوكورنو، وقال في كلمة له إن “هذه الزيارة ستشكل اليوم مرحلة حاسمة في خضم مسعى التفاهم المتبادل بين مؤسستينا، طبقا للإرادة السياسية التي تحدو رئيسا البلدين”.

وأكد الفريق أول على الاهتمام الذي يوليه الطرفان للحفاظ على مكتسباتهما، في الجهة الغربية للمتوسط، وتوطيدها في مجال الأمن البحري، لاسيما الجهود المبذولة في مجال التعاون الثنائي، قصد الارتقاء به للمستوى المنشود”.

وأواخر أيلول شتنبر الماضي طالب 27 عضواً في الكونغرس الأمريكي بفرض عقوبات على الجزائر، وإدراجها ضمن ما يُعرف بقانون “خصوم أمريكا”، على خلفية صفقات الأسلحة التي وقعتها مع روسيا، في ثاني خطوة من هذا النوع بعد رسالة سابقة مماثلة كان وجهها قبل شهر عضو في مجلس الشيوخ.

ووجه مجموعة من أعضاء الكونغرس، تتزعمهم ليزا ماكلين، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، تطالبه فيها بفرض عقوبات على الجزائر، وعبر أعضاء الكونغرس عن “القلق بشأن التقارير الأخيرة عن العلاقات المتنامية باستمرار بين الاتحاد الروسي والجمهورية الجزائرية”. وأكدت الرسالة أن “روسيا تعد أكبر مورد للأسلحة العسكرية للجزائر”.

وأواخر نونبر الماضي نفت وزارة الدفاع الجزائرية، رسميا، تقارير إعلامية تحدثت عن إجراء قواتها المسلحة مناورات مشتركة مع نظيرتها الروسية، قرب الحدود المغربية خلال شهر نونبر الماضي.

ونقل التلفزيون الجزائري الرسمي بيانا لوزارة الدفاع جاء فيه: “تناولت وسائل إعلام دولية مؤخرا معلومات مفادها تنفيذ تمرين تكتيكي مشترك جزائري روسي للقوات البرية في مكافحة الإرهاب جنوب البلاد”.

وأضاف البيان: “في هذا الصدد فإن وزارة الدفاع توضح أن هذا التمرين العسكري المشترك الذي كان مبرمجا ضمن نشاطات التعاون مع الجيش الروسي في إطار مكافحة الإرهاب، لكن لم يتم إجراؤه”، من دون أن يوضح سبب ذلك أو إن كان قد ألغي أو تم تأجيله.

وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت أنه في العام الماضي وحده، وقعت الجزائر صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من سبعة مليارات دولار.

وفي هذه الصفقة، وافقت الجزائر على شراء طائرات مقاتلة روسية متقدمة، بما في ذلك طائرة “سوخوي 57″، وهي طائرة نوعية لم توافق روسيا في السابق على بيعها إلى أي دولة أخرى حتى الآن.

وتمثل الأسلحة الروسية، وفق ذات المصادر، جزءاً مهماً من ترسانة الجيش الجزائري منذ عقود، وحصلت الجزائر في الفترة الأخيرة على منظومات دفاع صاروخي ومقاتلات وغواصات متقدمة من روسيا، على الرغم من وجود توجه لافت لدى قيادة الجيش الجزائري لتنويع شرائها للأسلحة من دول أخرى، مثل الصين وتركيا وإيطاليا وألمانيا.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي