لم يكن توقيف الشخص الذي ظهر في مقاطع فيديو وهو يهاجم الأساتذة المتعاقدين خلال الاحتجاجات التي نظموها قبل يومين بالعاصمة الرباط، والذي اتضح لاحقاً أنه عون سلطة، كافيا لتهدئة الشارع المغربي، الذي بات يطالب نشطاؤه بمحاسبة المسؤول الحقيقي عن إشراك الأعوان في فض الاحتجاجات، بشكل غير قانونيّ.
واعتبر نشطاء وأكاديميون على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن توقيف عون السلطة الذي عنّف الأساتذة المتعاقدين بوحشية، ليس كافياً، لأنه في المقابل، تغاضت النيابة العامة وولاية أمن الرباط، عن مشاركة أعوان السلطة في فضّ الاحتجاجات، وهو ما يخالف القانون بشكل صريح، بالنظر إلى أن مهنة “مقدم”، ليس لها أي قانون أساسي يؤطرها، ولا حقّ لها في تفريق المظاهرات.
وفي هذا السياق، قال الحقوقي عزيز إدامين، إنه “في الدول التي تحترم نفسها، يقدم وزير الداخلية استقالته، ومحاسبة كل من شارك أو صمت عن جريمة انتهاك حق الناس في السلامة وحقهم في التظاهر، وأيضا جريمة انتهاك القانون بشكل علني وفاضح”، مضيفاً :”المقدم في المغرب ليست لا وظيفة إدارية ولا أمنية، المقدم كيان تابع للقايد الذي ينظم عمله بالأوامر والتوجيهات الشفوية”.
وأوضح إدامين في تدوينة على حسابه الشخصي بـ”فيسبوك”، أن “القانون يحصر بشكل دقيق من له الحق في فض التظاهر، ولا يحق بالمطلق تواجد شخص اسمه المقدم أو عون سلطة أو سلطة محلية (باستثناء القايد فما فوق) في التظاهرة…”، مردفاً: “إذا كان الأصل هو عدم تواجدهم، فمن استدعاهم؟ ومن أعطاهم الحق في الضرب والاعتداء بتلك الطريقة الهمجية ؟”.
وتابع الخبير الحقوقي بأن المسألة متعلقة بما أسماه “تغلغل المقاربة الأمنية وتسلط كل من له علاقة قريبة أو بعيدة بـ:المخزن، لكون هذا الأخير يوفر لهم الحماية والإفلات من العقاب”، مسترسلاً: “لماذا استعانت الدولة بالمقدمين والأعوان (…) رغم أنها تتوفر على جحافل من قوات التدخل السريع، قوات حفظ الأمن، الأمن والشرطة”؟
من جانبه كتب الأستاذ الجامعي، رشيد عدنان، إن “الإشكالية ليست إشكالية وجود نصوص دستورية وقانونية تمنع العنف والمساس بالسلامة الجسدية للأفراد من قبل أي جهة كانت، وتمت مخالفتها؛ والإشكالية ليست هي المطالبة بفتح تحقيق في من عنف من وكيف عنفه؛ والإشكالية كذلك ليست قي تدخل النيابة العامة في الموضوع”.
وشدد عدنان، أستاذ القانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بأن “الإشكالية حقا هي قيمة النص القانوني أمام الأعراف، أمام العقليات، أمام الذهنيات، أمام من يمارس السلطة…”، مؤكداً أنها: “أحيانا..وللأسف…لا شيء”.
بدوره علّق المحامي والحقوقي محمد الغلوسي على الموضوع بالقول، إن “الاعتداء على الأساتذة لا يجب أن يمر دون حساب على الحكومة التي تتفنن في الخطب وتلميع الصورة أن تشرح للمغاربة لماذا تم الاعتداء على الأساتذة بطريقة مهينة، كيف ولماذا تم السماح لأشخاص لا صفة لهم في التفنن في التنكيل بالأساتذة؟؟ لماذا تم التضييق على حرية التعبير والتظاهر؟”.
وأبرز الغلوسي، في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أنه شعر بالإهانة حين تابع الشخص الذي تم توقيفه أمس، وهو يعتدي على أستاذ مسالم، متابعاً: “تأسفت كثيرا لحال البلد، وتساءلت إلى أين نسير؟ رددت بمرارة لماذا لا يتم توقيف واعتقال هذا الشخص فوراً وتقديمه للعدالة وهو في حالة تلبس واضحة؟”.
وتساءل الغلوسي، وهو رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في ختام تدوينته: “هل هذا الشخص وغيره تحرك من تلقاء نفسه دون أوامر وتعليمات؟ هي أسئلة حارقة تنتظر أجوبة شافية وإجراءات عملية وملموسة لا مجرد الإعلان عن فتح تحقيق يبدأ دون أن ينتهي!!!”.
من جانبه قال الناشط خميس بوتكمونت، إن إعلان المديرية العامة للأمن الوطني في بلاغ لها عن اعتقال “الركّال”، بالرغم من أنه قد يفرح العديد، ويعتقدون أنه نصر مبين، إلا أنه في نظري “مجرد أداة ووسيلة للتنفيس قصد احتواء الأزمة وامتصاص الغضب باللعب على العامل النفسي والسيكولوجي، فما حدث للإخوة الأساتذة ليس حداً عرضيا معزولا وفرديا، بل حدث ناجم عن قرار مدروس لمؤسسات وأجهزة”.
وأكد بوتكمونت في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن القطع مع مظاهر تدنيس الكرامة بالقمع، يتطلب “تغيير سادية هذه الأجهزة والمؤسسات، والقطع نع تدبيرها المتخلف لما هو أمني، ووجب أن يطال العقاب كل هذه الدوائر المسؤولة عن القمع والتي أعطت أمر إعماله وتنفيذه ليكون فعلا ماديا..”، على حدّ تعبيره.
ونبه إلى أن “الركال”، قيل له “اضرب ففعل، ولا إنصاف للدم المهدور لإخوتنا إلا بمعاقبة من أعطى الأمر وقال: اضرب، بدل أن يقتصر العقاب على كبش فداء نفذ ما أمر به، أما دون ذلك فمجرد ذر للرماد في الأعين لا غير”، مختتماً: “لا يمكن التغطية عن فعل ممأسس وقمع من لدن الدولة بأسرها بهكذا قرابين وشمّاعات”.
تعليقات الزوار ( 0 )