على الرغم من التساقطات المطرية التي عرفها شهر فبراير الماضي، والتي أنعشت آمال الفلاحين المغاربة، في إنقاذ محاصيل الحبوب من “موسم أبيض”، إلا أن مخاطر أسوأ جفاف منذ عقود، ما تزال مستمرة.
وكشف تقرير صادر عن مركز البحوث المشتركة التابع للاتحاد الأوروبي “JRC”، أن توقعات حصاد الحبوب في شمال إفريقيا، تشير إلى انخفاض الإنتاجية، بسبب الجفاف الذي شهدته المنطقة في الأسابيع الأخيرة، مضيفاً أن ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار، أدى إلى تأخير إنتاج الحبوب في عدة مناطق بالمغرب، والجزائر وتونس.
وأوضح المصدر، أن هذا الأمر يمكن أن ينعكس سلباً على استقرار المنطقة، التي تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، بسبب التضخم وارتفاع تكلفة الحبوب جراء الحرب الروسية الأوكرانية، كما أن الجفاف، سينعكس سلباً أيضا على توافر المياه للسكان، وعلى إمدادات الطاقة وإنتاجها.
وفي هذا الصدد، قال الباحث الإيطالي أندريا توريتي، مؤلف التقرير الأوروبي، في تصريح لجريدة “elperiodico” الإسبانية، إن “ترجمة مدى تأثير الجفاف على الاقتصاد، يعتمد على العديد من العوامل، لكن من المؤكد أنه يؤثر بشكل مباشر على الزراعة والإنتاج”.
وضرب توريتي مثالاً بالجفاف الذي “دمر جنوب أوروبا في سنة 2018، غير أن آليات التعويض خففت من تأثيره”، متابعاً: “المغرب العربي منطقة أفقر بكثير من جنوب أوروبا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مفاقمة التأثير”.
وحسب التقرير، فإن ضربة الجفاف، تمتد إلى ما وراء المنطقة المغاربية، وتصل إلى تركيا وسوريا، اللتين ضربهما زلزال في بداية فبراير الماضي، أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، ما من شأنه أن يفاقم الآثار الضارة على النازحين واللاجئين في المنطقة.
وذكر المصدر، أنه من المتوقع، أن يظهر الجزء الأكبر من تأثير الجفاف، خلال الصيف المقبل، إلى غاية نهاية شهر فبراير 2024، متابعاً أن دفء الشتاء الأخير وقلة التساقطات فيه، سيؤثر سلبا على رطوبة التربة، وتدفق الأنهار، التي تعد ذات قيمة كبيرة، خصوصا في تونس والجزائر وتركيا.
أما في المغرب، يوضح التقرير، فإن محصول الحبوب، أقل بكثير من المتوسط في جميع مزارع القمح والشعير تقريبا، حيث يتراوح الانخفاض بين ناقص 15 في المائة وناقص 24 في المائة، مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية للقمح، وبين ناقص 10 وناقص 30 في المائة، بالنسبة للشعير.
وتسود مخاوف في المغرب، من استمرار قلة هطول الأمطار في الأشهر المقبلة، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض في احتياطيات المياه. وذكر التقرير الأوروبي، أن مؤشر الجفاف “CDI”، يضع جميع مناطق المغرب العربي تقريبا في خانة الخطر، باستثناء بعض مناطق شمال المغرب.
ودعا مؤلفو التقرير الأوروبي، إلى إعطاء الأهمية الأكبر، لمهمة “تقدير التأثير المحتمل”، وذلك من أجل إعداد استراتيجيات المساعدة وتقليل المخاطر، مشيرين إلى أنه “يجب اتخاذ إجراءات عاجلة على الفور للحد من تأثير الجفاف على التربة والمحاصيل وتوافر المياه”.
ونبه التقرير الأوروبي إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لبلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى جنوب إسبانيا، خصوصا إن استمرت الظروف الحارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا، وشهد سنة 2023، صيفا قاسيا مثل صيف 2022.
تعليقات الزوار ( 0 )