يعيش المغرب على إيقاع ارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن مواطنيه اقتنصوا الفرحة رغم الغلاء مع احتفالهم بأول أيام عيد الفطر هناك اليوم السبت.
وقفز التضخم إلى مستويات قياسية تجاوزت تسعة بالمئة وهي نسبة لم يبلغها حتى في بداية ثمانينيات القرن الماضي عند اندلاع ما سُمي وقتها بانتفاضة الخبز.
وتشير أرقام “المندوبية السامية للتخطيط” إلى أن معدل التضخم في المغرب سجل 9.4 بالمئة في الربع الأول من العام الجاري، مقابل أربعة بالمئة في الفترة نفسها من السنة الماضية.
وتقول الحكومة إن التضخم مستورد بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة إذ يستورد المغرب كل احتياجاته منها تقريبا، كما تعزو ارتفاع أسعار السلع الأولية إلى الحرب الأوكرانية.
غير أن التضخم المحلي صب الزيت على نيران التضخم المستورد بسبب سياسة زراعية أعطت الأفضلية للتصدير، مما رفع أسعار الخضراوات في المغرب الشهر الماضي إلى مستويات لم يسبق لها مثيل خاصة خلال شهر رمضان فغابت خضراوات أساسية عن موائد المغاربة كالطماطم والبصل والبطاطا (البطاطس باللهجة المصرية).
لكن مظاهر الاحتفال بالعيد في المغرب لم تغب.
حلويات العيد
لعيد الفطر في المغرب استعدادات خاصة تبدأ بتنظيف شامل للبيوت وتحضير الحلويات المغربية التقليدية وشراء ملابس العيد للأطفال واللباس التقليدي المغربي بالنسبة للكبار وتبادل الزيارات يوم العيد.
وتقول فاطمة وهي ربة منزل: “العيد الصغير من أحب الأعياد إلى قلبي ليس فقط لمعانيه الدينية بل لأجواء الفرحة التي نعيشها طوال اليوم”.
وتضيف: “يبدأ عيدنا بصلاة العيد حيث نلبس ثيابنا التقليدية الجديدة، ونتوجه إلى المصلى وأحرص أن يرافقني أطفالي منذ نعومة أظافرهم حتى يشبوا على الشعائر الدينية والتقاليد الحميدة”.
وتقول إنها متشبثة بتقاليد العيد كتحضير الحلويات والأطباق التقليدية “بالرغم من أن المحلات التجارية توفر كل شيء جاهز إلا أنني أحرص على تحضيرها بنفسي في البيت، فللعيد روائح جميلة من بينها رائحة الأطباق والحلويات التقليدية التي أحب أن تغمر أرجاء البيت حتى تبقى مطبوعة في ذاكرة أطفالي كما بقيت بالنسبة لي من ذكريات الطفولة”.
وقال أحمد وهو بائع لوازم حلويات بوسط الرباط: “الإقبال جيد لكن ليس كما في الماضي”.
وأضاف: “لا أظن أن تراجع الإقبال فقط بسبب غلاء الأسعار”، وإنما لأن النساء خاصة العاملات يفضلن شراء حلويات العيد جاهزة “لضيق الوقت كما أن المحلات تقدمها بحرفية ومهارة أكبر”.
وزاد: ” لكنني لمست أن بعض الزبائن قلصن مشترياتهن إلى النصف”.
وفي أحد أشهر محلات بيع الحلويات في العاصمة الرباط كان الاكتظاظ شديدا وعاد أغلب الزبائن خائبين بعد نفاد أبرز الحلويات الأساسية على مائدة العيد مثل “كعب الغزال” و”الغريبة” وحلويات اللوز المختلفة.
حناء بالمجان
وفي وسط الرباط، تزدهر حرفة نقش الحناء خاصة على أيادي الفتيات بدءا من ليلة القدر وحتى أيام العيد.
وتقول أمينة التي تعمل في نقش الحناء “الحناء فرحة والعيد فرحة وأجد سعادة في إدخال البهجة والسرور على الطفلات الصغيرات”.
وتضيف: “صحيح نحن في مثل هذه الأيام المباركة نسترزق، ونملأ جيوبنا ببضع الدريهمات لكن مع غلاء المعيشة التي أصبحنا نعيشها اليوم تبقى رمزية إدخال الفرحة على الطفلات أبقى وأكثر قيمة من تلك النقود.. حتى أنني أنقش الحناء مجانا للطفلات الفقيرات”.
وبالقرب من ناقشات الحناء، تبدو السوق رائجة وإن كانت أقل اكتظاظا وحركة من سنوات ليست ببعيدة.
وفي أكبر سوق تجاري لشراء الملابس في الرباط، يبدو الإقبال جيدا.
وقالت شيماء (26 عاما) وهي بائعة في محل لبيع ملابس علامة تجارية معروفة “الإقبال جيد كما كل عام أظن أن الناس بالرغم من الغلاء الذي عرفه المغرب مؤخرا لا يمكن أن يحرموا أطفالهم من لباس العيد فهذا العيد ارتبط في وجداننا بفرحة الأطفال”.
“اليوم عيد وغدا أمر”
يقول محمد استيتو (45 عاما)، ويعمل موظفا في إحدى الشركات، إن كل ما عاشه المغاربة من غلاء للأسعار خاصة خلال شهر رمضان أثر على ميزانيته وعلى استعداداته ليوم عيد الفطر الذي هو “أحب الأعياد إلى قلبي لارتباطه بذكريات طفولية جميلة”.
وأضاف “في كل عيد فطر أو كما نسميه العيد الصغير أشعر بنفسي طفلا يستحق الفرحة مهما تقدم بي العمر وأريد أن أوصل هذه الطاقة الإيجابية إلى أولادي”.
لكنه يسترسل: “ما عشنا على وقعه من ارتفاع الأسعار ينغص فرحة العيد”.
كما يقول إنه اضطر إلى الاقتراض حتى يوفر احتياجات العيد لأسرته خلال العيد وشهر رمضان.
وقال موظف حكومي لم يذكر سوى أول حرفين من اسمه “اضطررت إلى الاقتراض لأدخل الفرحة على أطفالي، فهؤلاء أصبحت أعمارهم ما بين 7 و10 سنوات، ويعون جيدا العيد لكن لا يعون ما هي الأزمة أو غلاء الأسعار”.
وتابع: “كغيرهم ينتظرون هدايا وفرحة ليلة ويوم العيد، ولا يمكنني أن أحرمهم من ذلك.
وختم بالقول: “لا يمكن أن يبقى الحال على ما هو عليه… لست متفائلا بخصوص الوضع الاقتصادي للبلاد… لكن اليوم عيد وغدا أمر”.
(رويترز)
تعليقات الزوار ( 0 )