يشكل المعرض المؤقت للفنان الأمريكي الشهير ساي تومبلي “ساي تومبلي، المغرب 1952 – 1953″، الذي تنظمه مؤسسة حدائق ماجوريل بمراكش، مرآة عاكسة لمغرب الخمسينيات، اقتنصتها بدقة عالية عيون رسام مسافر استطاع خلال مقامه القصير بالمغرب، أن يخلّد أبهى الصور عن هذا الحيز الجغرافي وكل ما يمت له صلة.
ومكنت زيارة لهذا المعرض، جرت اليوم الخميس، بحضور فنانين ونقاد وناقدات، إضافة إلى شغوفين بالفنون والموضة يمثلون عوالم شتى، مناسبة لتقدير الملكات الفنية والإبداعية لهذا الفنان الأمريكي دفين روما، والذي بقدر افتتانه بعالم العصور الكلاسيكية القديمة، كان مفتتنا، أيضا، بثقافات القبائل الأمازيغية في المغرب، حتى صار يغالب لسانه ليطوعه على نطق كلمات من الدارجة المغربية على غرار “شكون” و”بزاف”.
ويختزن المعرض، الذي يعد نتاج “تواطئ محمود” بين مؤسسات ثلاث، هي مؤسسة حدائق ماجوريل بمراكش، ومؤسستا ساي تومبلي ونيكولا ديل روشيو، رسومات وصورا لهذا الفنان الذي اكتشف، بمعية الرسام روبرت راوشنبرغ “رفيق دربه”، المغرب والمدن التي تحظى بإقبال كبير، على غرار طنجة، والدار البيضاء، ومراكش، وبقايا المواقع البربرية غير المعروفة نسبيا في تزنيت وورزازات، كما العصور الكلاسيكية في وليلي.
وينطوي المعرض على مجموعة من الرسومات والكتابات، بعضها مسطور في ورق، وأخرى جرى تضمينها في جذاذات، وتصف بدقة عالية ما رمقه وقتها ساي تومبلي، أحد الفنانين الكبار في النصف الثاني من القرن العشرين، ودونها، مثل لفظي “أفريقيا”، أو “مارابو”، على التوالي، في إحالة على الملمح الإفريقي الطافح للمغرب، وعلى الأضرحة به.
وقال ألكسيس سورنان، مدير المتاحف بمؤسسة حدائق ماجوريل بمراكش، ومتحفي بيير بيرجي للفنون الأمازيغية، وإيف سان لوران، إن “المقام القصير للفنان ساي تومبلي بالمغرب مكنه من زيارة مدن بعيدة جغرافيا، على غرار الدار البيضاء، ومراكش، ثم الشمال عبر الريف وطنجة، وتزنيت وورزازات”، مشيرا إلى أن شغف هذا الفنان “حدا به إلى تشاطر المنحة التي خصصتها له مؤسسة الفنون الجميلة بفيرجينيا مع رفيق دربه روبرت راوشنبرغ، الشغوف مثله”.
وكشف سورنان، في تصريح لقناة إم 24 الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الثنائي، كما تشاطر المنحة، اقتسم آلة التصوير الفوتوغرافي، ووثقا سويا ما رأياه حريا بأن يوثق من قبل فنانين يرغبان في الاكتشاف، مستشهدا، في هذا الصدد، بالصور والكتابات التي توثق بقايا الآثار الأركيولوجية، والأحجار، والأضرحة، التي تحيل في مجملها على الثقافة المغربية بما فيها الأمازيغية، وضمّنها ساي تومبلي في كتاباته.
وتابع أن هذه الصور كما الرسومات، والتي تتخذ أشكالا جيومترية شتى ومجردة، وتأتي وفق أشكال محددة، “تحكي عن المعيش اليومي في مغرب الخمسينات”، لافتا إلى الاهتمام الكبير الذي أبان عنه هو وراوشنبرغ، للمغرب.
وإضافة إلى مختلف عناصر الأرشيف التي أغنت المعرض، وستشفي غليل هواة الجمع الخواص، استشهد بـ’وليلي’، اللوحة التي رسمها تومبلي سنة 1953، معبرا عن عميق امتنانه لمجموعة مينيل بهيوستن، في تكساس، على إعارتها.
وأشار إلى أن هذا المعرض بقدر ما يحتفي بهذا الفنان من خلال رسوماته وصوره الفوتوغرافية “الهامة”، “يعيده إلى المغرب ويقرب إبداعاته من الجمهور المحلي، والوطني، والعالمي”.
وتنظم مؤسسة حدائق ماجوريل، من 4 مارس الجاري إلى 2 يوليوز المقبل، بمراكش، معرضا مؤقتا تحت شعار “ساي تومبلي، المغرب 1952 – 1953”.
وبحسب منظمي هذا المعرض، فإن المصمم الفرنسي الشهير إيف سان لوران، المعروف بإعادة النظر بجرأة في قواعد الموضة، كان سيفخر لا محالة باستقبال ونسج روابط مع هذا الرسام الثوري ساي تومبلي، بمتحف إيف سان لوران بمراكش، حيث يمكن للشباب المغاربة، والأفارقة الآخرين والزوار من جميع أنحاء العالم اكتساب فهم أكثر ثراء للتعددية الملهمة للتراث الثقافي للمملكة.
تعليقات الزوار ( 0 )