شارك المقال
  • تم النسخ

ردّاً على دعمها للبوليساريو.. هل يشهر المغرب ورقة “بيدغيمونت” في وجه إسبانيا؟

صدمت المحكمة الأوروبية، أمس الأربعاء، الحكومة الإسبانية، بعدما قررت إعادة الحصانة مؤقتاً لكارلوس بودجيمونت، واثنين من المسؤولين في الحكومة الكتالونية السابق، المتابعين من القضاء في المملكة الإيبيرية بعد سعيهم لانفصال الإقليم، بعدما كان البرلمان الأوروبي قد رفعها عن الشخصيات المعنية في وقت سابق.

وتزامن القرار الذي خلف صدمة في الأوساط الإسبانية، ودفع وزيرة الخارجية لايا غونزاليس إلى إلغاء مؤتمر صحفي كان سيجمعها بنظيرتها البلجيكية صوفي ويلمس، مع الأزمة التي تعرفها العلاقات بين الرباط ومدريد، بعد استضافة الأخيرة لزعيم انفصاليي جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، المتهم في قضايا تتعلق بجرائم الحرب والإرهاب، وتسهيل مهمته في الإفلات من العقاب.

ودفع هذا التزامن بالعديد من المتابعين المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى المطالبة بدعم المملكة لانفصاليي إقليم كاتالونيا، كردّ فعل ومعاملة بالمثل مع إسبانيا التي اخترات الاصطفاف إلى جانب الانفصاليين، سيما وأن بلاغ وزارة الخارجية قبل الأخير، لوّح بشكل ضمنيّ بهذا الأمر، وفق محللين، فيما يرى آخرون بأن الرباط لا يمكنها أن تدعم الانفصاليين بغض النظر عن مآل الأزمة.

واستبعد عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون الدولي العام بكلية الحقوق السويسي بالرباط، أن يلجأ المغرب إلى دعم الانفصاليين، سواء تعلق الأمر بإسبانيا أو بغيرها، باعتبار أن اصطفافه إلى جانب وحدة الدول، يتعلق بمبدأ سارت عليها الدولة منذ الاستقلال، ولن يتأثر نهائيا، حسبه، بمدى تفاقم الأزمة مع الجارة الشمالية.

وقال بنلياس في تصريح لجريدة “بناصا”، إن “المغرب، مهما كانت درجة التوتر الذي قد تصل إليه العلاقات المغربية الإسبانية، لا يمكنه إلا أن يدعم الوحدة الإقليمية والترابية للدول، ضد أي حركة انفصالية، سواء تعلق الأمر بإسبانيا أو بدولة أخرى”، مضيفاً: “لأن الحركات الانفصالية تهدد استقرار المجتمع الدولي”.

وأوضح المتخصص في القانون الدولي، أن هذا النوع من الحركات، “يؤيدي إلى نشوء دولات وأشباه دول قد تهدد استقرار وتماسك مجموعة من المناطق في العالم، وقد تؤدي مع الأيام إلى دخول حتى الدولة الأم إلى مرحلة من مراحل الفشل، لأن عناصر قوتها تتعرض للتراجع وعناصر تماسكها تتعرض للاهتزاز”.

وتابع بنلياس، أنه “من المؤكد أن العلاقات المغربية الإسبانية تمر بمرحلة دقيقة بسبب التوتر المتصاعد الناتج عن مواقف حكومة مدريد من مطالب الرباط، بحيث أن مطالب الأخيرة كانت محددة وواضحة، منها ما يرتبط باستقبال المدعو غالي، زعيم جبهة البوليساريو، وهو ما يعتبر إشارة فيها نوع من العداء، ونوع من عدم التفهم لما يشكله هذا الاستقبال من استفزاز لمشاعر المغاربة، ومن اصطفاف بشكل ضمني بجانب دعاة الانفصال”.

واسترسل أن هناك أسباباً أخرى وراء هذا التوتر، وهي مرتبطة، وفق بنلياس، “بقضية الوحدة الترابية، لأن إسبانيا اختارت أن تعاكس مصالح المغرب فيما يتعلق بقضيته الوطنية، خصوصاً بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء”، مستبعاً في الوقت ذاته، أن تصل هذه التوترات إلى حد دعم المغرب للانفصاليين في كاتالونيا.

وشدد المتحدث على أن “المغرب كان دائما ضد أي حركة انفصالية تمس وحدة الدول والجارة الإسبانية تعرف جيدا ذلك، حيث إن المغرب دائما كان سباقا ومعلنا بشكل واضح وصريح ولا لبس فيه، أنه ضد المحاولات الانفصالية لمنطقة كتالونيا، سواء من حيث مواقفه الرسمية، أو من حيث امتناعه عن استقبال أي شخصية تنتمي إلى الحركة الانفصالية الإسبانية”.

وأردف بنلياس أن “موقف المغرب من الحركات الانفصالية هو موقف ثابت وعقيدة سياسية وقانونية موجودة عند الدبلوماسية المغربية احتراماً لقرارات منظمة الأمم المتحدة التي تدعو لاحترام الوحدة الإقليمية للدول، وجتى إن كانت منظمة الأمم المتحدة تطالب بحق الشعوب في تقرير مصيرها، إلا أنها دائما كانت تربط هذا المبدأ بمبدأ آخر وهو المحافظة على الوحدة الإقليمية والترابية للدولة”.

وأشار المتخصص في العلاقات الدولية، إلى أن المغرب، “لا يمكنه استغلال درجة التوتر لتدعيم الحركة الانفصالية في كاتالونيا، على اعتبار أن هذه القضية تتعلق بمبدأ وعقيدة، وقضية اختيارات اختارها المغرب منذ حصوله على الاستقلال، حيث كان دائما مصطفاً إلى جانب الحفاظ على وحدة الدول والوحدة الإقليمية لها، وضد أي حركة انفصالية”.

حري بالذكر أن المغرب، كان من أوائل المبادرين لدعم وحدة الأراضي الإسبانية خلال محاولة حكومة كاتالونيا، سنة 2017، الاستقلال عن المملكة الإيبيرية، بعد الاستفتاء الذي أقممه رئيس حكومة الإقليم وقتها، كارلس بويغديمونت، والذي أسفر عن اختيار أزيد من 80 في المائة من سكان الإقليم، الانفصال عن الدولة الإسبانية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي