خلف موقف الحكومة الإسبانية الجديدة بخصوص نزاع الصحراء المغربية، والانحياز الصريح للرباط، عبر تأييد مقترح الحكم الذاتي كحل لهذا المشكل، ردود فعل متباينة في وسائل الإعلام بالمملكة الإيبيرية، ففي الوقت الذي سلطت فيه بعضها الضوء على الشق المتعلق بتجاوز الأزمة بين البلدين، ركزت أخرى على التغيير في موقف مدريد من النزاع الإقليمي، لدرجة اعتبار ما وقع تحولا بمقدار 180 درجة، عن موقفها التقليدي.
إسبانيا تنحاز إلى جانب المغرب في نزاع الصحراء
كان هذا هو العنوان الذي اختارته “elpais” لتقريرها عن تغير موقف حكومة مدريد بخصوص نزاع الصحراء، حيث قالت إن المغرب أنهى أزمته الدبلوماسية مع إسبانيا، والتي استمرت لمدة 10 أشهر، وذلك عقب تخلي الحكومة الإسبانية عن موقفها التقليدي المحايد في نزاع الصحراء، وانحازت إلى جانب الرباط، باعتبارها لمقترح الحكم الذاتي، “الأكثر جدية، والأساس الواقعي والموثوق” للحل.
وأوضحت أن رسالة سانشيز إلى الملك محمد السادس، التي تضمنت الانحياز للمغرب، والاعتراف بما تمثله قضية الصحراء بالنسبة له، تمثل وفق المصدر، “تغييرا في الموقف التقليدي للحكومة الإسبانية، التي كانت دائما تردد أنها مع حل سياسي وعادل ودائم ومقبول للطرفين في إطار الأمم المتحدة، دون اختيار الحكم الذاتي أو استقلال المنطقة، مع فتح الباب على مخرج مختلف عن استفتاء تقرير المصير.
ونبه المصدر، إلى أنه خلافا لما حدث عندما أنهى المغرب وألمانيا أزمتهما الدبلوماسية في فبراير الماضي، لا يوجد بيان مشترك من البلدين، بل هناك بيان من وزارة الخارجية بالرباط، وآخر من الحكومة الإسبانية، متابعةً أن مصادرها تؤكد أن مدريد حصلت على ضمانات بأن “الإجراءات الأحادية لن تتكرر”، مثل دخول أكثر من 10 آلاف مهاجر إلى سبتة، أو توسيع المنطقة الاقتصادية لمياه جزر الكناري.
وكشف المصدر، أن إسبانيا حصلت على ضمانات أيضا، باحترام سيادة ووحدة أراضيها، بما في ذلك مدينتي سبتة ومليلية في شمال إفريقيا، وأن المغرب سيتعاون “في إدارة تدفقات الهجرة في المتوسط والمحيط الأطلسي”، ومع ذلك، تقول الصحيفة، فإن هذه الالتزامات جاءت في بيان الحكومة الإسبانية، وليس وزارة الخارجية المغربية.
تحول تاريخي في موقف إسبانيا بخصوص الصحراء
أما صحيفة “elconfidencial”، فعنونت: “إسبانيا تقترب من حل النزاع مع المغرب من خلال قبول الحكم الذاتي للصحراء”، موردةً في التفاصيل، أنه، وفي تحول تاريخي في موقف إسبانيا بشأن الصحراء، اعترف رئيس إسبانيا، بيدرو سانشيز، في رسالة بعث بها إلى الملك محمد السادس، من أن خطة الحكم الذاتي للصحراء، هي “الأكثر جدية، وواقعية ومصداقية” لحل النزاع.
واسترسلت أن وزير الشؤون الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، سيزور الرباط في الـ 2 من شهر أبريل المقبل، من أجل المصادقة على تطوير خارطة الطريق التي تمثل، حسب مصادر تنفيذية، بداية مرحلة جديدة لتجاوز الصراع الدبلوماسي، أي “مواجهة التحديات المشتركة معا، لاسيما التعاون في إدارة تدفقات الهجرة في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي”.
وذكر المصدر، أن شركاء بيدرو سانشيز في الحكومة، بوديموس، يعارض الخطوة، حيث قالت إن مصادر من الحزب المذكور، ترفض الأمر، بذريعة أن تأييد الحكم الذاتي يعني التخلي عن موقف الحياد، إضافة إلى أنه مبني على “رفض الاتفاق المتبادل” بحكم أمر الواقع، بالنظر إلى الجزائر والبوليساريو لن يقبلا بالمقترح المغربي.
منعطف تاريخي في سياسة إسبانيا بشأن نزاع الصحراء
وتحت عنوان “سانشيز يؤيد ولأول مرة أن تكون الصحراء مقاطعة ذاتية الحكم في المغرب”، سلطت جريدة “elmundo”، الضوء على رسالة سانشيز إلى الملك محمد السادس، واصفة مضمونها بـ”المنعطف التاريخي في سياسة إسبانيا بشأن نزاع الصحراء”، بعدما أيدت فيها إسبانيا مقترح الحكم الذاتي من أجل حل نزاع الصحراء.
واعتبرت الصحيفة، أن رسالة سانشيز تحمل تحولا بمقدار 180 درجة، فيما يتعلق بالموقف الذي تحتفظ به إسبانيا تقليديا، والتي دعت دائما إلى حل النزاع في إطار الأمم المتحدة، مسترسلة أن الرسالة يترتب عليها تخلي مدريد عن الاعتراف بـ”الحق في تقرير المصير للصحراء”، وتمنح خطابا طبيعيا للمغرب، يعترف بسيادته على الإقليم.
إسبانيا تنضم إلى ألمانيا وفرنسا
أما “larazon”، فبعد أن تطرقت إلى التطورات الجديدة، اختارت تسليط الضوء على مقترح الحكم الذاتي الذي انحازت إسبانيا إليه، حيث أوردت أن المقترح، تقدم به المغرب في أبريل 2007 إلى الأمم المتحدة، حيث لقي إشادة من كبار المسؤولين الأمريكيين والفرنسيين وحتى الإسبان، لكنها تعرضت لانتقادات من مسؤلين آخرين، ما أدى لانقسام الرأي العام الدولي على مرّ السنين.
وواصلت، أن فرنسا، الحليف الرئيسي للمغرب، لن تتردد في الدفاع عن المقترح في مواقع رئيسية مثل مجلس الأمن، كما انضمت ألمانيا أيضا، بعد تولي أولاف شولتز، لقيادة الحكومة، إلى المدافعين عن المقترح، قبل أن تؤكد رسالة سانشيز إلى الملك محمد السادس، إدراك إسبانيا لـ”أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، ويؤيد مقترح الحكم الذاتي.
وأوردت “لاراثون”، أنه بهذا التطور، يعتبر المغرب وإسبانيا الأزمة الثنائية التي نشأت في أبريل من السنة الماضية بسبب استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي، ما أدى لتأحيل القمة المزمع عقدها بين الحكومتين المغربية والإسبانية، إلى جانب أن الصراع تفاقم بعد دخول أعداد كبيرة من المهاجرين لسبتة في ماي المنصرم، _ يعتبرانها _ قد انتهت.
الموقف الجديد يوتر الأجواء داخل الحكومة الإسبانية
ومن جانبها، تطرقت “publico” إلى التطور الجديد، حيث قالت إن قضية الصحراء تحولت إلى مشكلة بالنسبة للحكومة الإسبانية في الأشهر الأخيرة، كما أن القرار الجديد سيؤدي إلى تكثيف التوتر بين الشركاء الحكوميين، فقد دافع بوديموس، دائما عن “حق تقرير المصير للصحراويين”، ما جعله يتورط في هذه القضية وينحاز للطرف الصحراوي.
وذكرت أن وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أعلن عن طي صفحة الأزمة مع المغرب، بعد أن أكد أن الحكومة الإسبانية، تعتبر بالفعل، أن خطة المغرب لحل نزاع الصحراء، هي “قاعدة جادة”، يمكن البناء عليها، من أجل إنهاء هذه القضية، ودافع عن القيام بذلك الآن، في سياق التحدي الذي يمثله الصراع في أوكرانيا.
اتفاق حول الصحراء يعيد بناء العلاقات الإسبانية المغربية
ونقرأ في “lavanguardia”، تحت عنوان: “إسبانيا والمغرب تعيدان بناء علاقتهما باتفاق حول الصحراء”، موردةً في التفاصيل أن “الحرب في أوكرانيا تغير كل شيء. حتى العلاقات مع الجيران في الجنوب، الغنيين بالموارد الطاقية، التي تحتاجها أوروبا التي تبحث عن جانب آخر من أطرافها المتضاربة، متابعةً أن هذا الأمر، يفسر التغيير التاريخي الذي أعلنت عنه حكومة مدريد بخصوص قضية الصحراء.
واستطردت أن جبهة البوليساريو، اتهمت سانشيز بـ”الخضوع للضغط والابتزاز من المغرب”، وبالتالي دفع “الثمن”، لاستعادة العلاقات مع الرباط، بعد تعثرها لحوالي عام، بسبب استقبال زعيم الجبهة إبراهيم غالي، متابعةً أن هذا التغير، لم يرض أيضا الشريك في الحكومة، بوديموس، الذي جددت وجهه البارز، يولاندا دياز، التزامها بـ”الدفاع عن الشعب الصحراوي”.
سانشيز يستسلم للمغرب
ومن جهتها، عنونت “elespanol”، تقريرها عن التطور الجديد بـ”بيدرو سانشيز يستسلم للمغرب ويعترف بخطة الحكم الذاتي للصحراء التي طالبت بها الرباط”، موردةً أنه وكما سبق لها أن توقعت، بدأ تذويب العلاقات المتدهورة بين مدريد والرباط، حيث استسلم سانشيز لمطالب محمد السادس وغير الموقف التاريخي لإسبانيا فيما يتعلق بالصراع على الصحراء.
وتابعت الصحيفة الإسبانية الشهيرة، أن العبارة التي استعملها سانشيز للتأكيد على بدء مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، تذكر بالعبارة التي استخدمها الملك محمد الساس في شهر غشت الماضي، حين أعلن عن “افتتاح عهد جديد في العلاقات مع إسبانيا”، تقوم على “الاحترام المتبادلة والمصالح المشتركة”.
وأردفت في سياق متّصل، أن إسبانيا، تحاول تخفيف حدة التوترات مع الرباط، وذلك في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الوقود، وهو ما تفسر عبارة “الرخاء والمصير المشترك”، بين البلدين التي تضمنتها رسالة سانشيز وبيان الحكومة، متابعةً أن مدريد أعلنت أن الهدف هو “بناء علاقة جديدة تقوم على الشفافية والتواصل الدائم والاحترام المتبادل واحترام الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين”.
تعليقات الزوار ( 0 )