تعتبر مدينة سبتة المحتلة، بفضل موقعها الجغرافي الفريد، نقطة جذب سياحي مهمة. ومع ذلك، تشهد المدينة ظاهرة جديدة تتمثل في ظهور ما يسمى بـ”السياحة الموازية”، وهي عبارة عن رحلات سياحية منظمة من قبل أفراد بدلاً من الشركات السياحية التقليدية. وهذه الظاهرة أثارت جدلاً واسعاً في القطاع السياحي، وأبرزت مجموعة من التحديات والفرص.
رحلات “بديلة” بأسعار زهيدة
وكشفت تقارير إسبانية، أن هذه الرحلات، التي ينظمها أفراد غير محترفين، تقوم على أساس الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتبادل المعلومات شفهيًا.
وتتراوح تكلفة هذه الرحلات بين 15 و30 يورو، وتشمل عادةً النقل وبعض الوجبات. وتستهدف هذه الخدمات بشكل رئيسي المغامرين وذوي الميزانيات المحدودة، الذين يبحثون عن تجارب سفر بأسعار معقولة.
وتختلف هذه الرحلات عن تلك التي تنظمها وكالات السفر المرخصة، التي تقدم خدمات أكثر شمولًا، مثل وجود مرشدين سياحيين محترفين، وتأمين شامل، ووسائل نقل مريحة.
وتتراوح تكلفة الرحلات المنظمة عبر الوكالات بين 40 و45 يورو لليوم الواحد، ويمكن أن تصل إلى 180 يورو لرحلات تستمر يومين مع الإقامة.
منافسة غير عادلة
ويرى العاملون في قطاع السياحة المنظم أن هذه الرحلات غير الرسمية تشكل منافسة غير عادلة، حيث إنها لا تخضع للضوابط القانونية ولا تدفع الضرائب.
ويقول خوسيه مانويل كاسترو، أحد ممثلي شركة “فلاندريا” المتخصصة في تنظيم الرحلات إلى المغرب: “هذه الرحلات لا يمكن اعتبارها منافسة غير مشروعة فحسب، بل إنها تؤثر بشكل كبير على رحلاتنا القصيرة، خاصة أنها تقدم أسعارًا أقل بسبب عدم التزامها بالضرائب والتأمينات”.
ويشير كاسترو إلى أن وكالات السفر توفر ضمانات قانونية وتأمينية للعملاء، مثل تأمين المسؤولية المدنية، مما يضمن حماية العملاء في حالة حدوث أي طارئ.
وينصح المسافرين بالتعامل مع الوكالات المرخصة، أو على الأقل التأكد من سمعة المنظمين في حالة اختيار الرحلات غير الرسمية.
مصدر دخل لسكان سبتة
من جهة أخرى، يرى المنظمون غير الرسميون أن هذه الرحلات تشكل مصدر دخل مهم لهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الكثيرون بعد جائحة كوفيد-19.
تقول نادية، إحدى المنظمات غير الرسمية للرحلات: “بدأت في تنظيم الرحلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأقوم بذلك في المغرب وشبه الجزيرة الإيبيرية. وأعتمد على مجموعات تصل إلى 38 شخصًا، وأحاول تنظيم رحلة واحدة على الأقل شهريًا”.
وتضيف نادية أنها لا تعمل كمرشدة سياحية، بل تقوم بتوجيه المشاركين إلى الأماكن التي يمكن زيارتها، وتنظيم الأنشطة الاختيارية التي يتم دفع تكاليفها بشكل منفصل. وتكشف أنها تحقق ربحًا يتراوح بين 50 و100 يورو من كل مشارك.
مخاطر وتحديات
ورغم المزايا الاقتصادية التي توفرها هذه الرحلات، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، خاصة في غياب الضمانات القانونية والتأمينية. كما أن عدم وجود مرشدين محترفين قد يعرض المشاركين لمواقف صعبة، خاصة في المناطق النائية.
وتعكس ظاهرة الرحلات غير الرسمية بين سبتة والمغرب تحديًا جديدًا في قطاع السياحة، حيث تبرز الحاجة إلى موازنة بين توفير فرص اقتصادية لسكان سبتة وضمان سلامة المسافرين وحقوقهم.
وفي الوقت نفسه، تظل وكالات السفر المرخصة الخيار الأكثر أمانًا وموثوقية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن تجارب سفر مريحة ومضمونة.
تعليقات الزوار ( 0 )