عندما تُوّج نادي “تشيلسي” البريطاني ببطولة “كأس العالم للأندية كان صاحبه رومان أبراموفيتش في أسعد أيامه. فقد نزل الملياردير الروسي إلى أرض الملعب في أبوظبي، واحتفل بالفوز مع اللاعبين والمدرب توماس توخيل. لكن، منذ ذاك المساء بطقسه المعتدل في فبراير 2022 لم تعد الأمور تسير كما هو مخطط لها.
بعد أسابيع قليلة، أُجبر أبراموفيتش (56 عاماً) على عرض ممتلكاته الثمينة في لندن للبيع بعد غزو روسيا لأوكرانيا. إذ شرع المشرعون البريطانيون، بعد عقود من الاستثمار والمشاركة الروسية في الأعمال والعقارات والرياضة، في الضغط على أولئك الذين يُعتقد بأنهم على صلة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لم تكن هناك في بريطانيا شخصية روسية مرموقة تتمتع بالمكانة التي كان يتمتع بها أبراموفيتش.
ازداد الأمر سوءاً بالنسبة إلى الملياردير، الذي جنى ثروته الضخمة من النفط والمعادن، إذ عانى من أعراض تسمم مشبوه في مارس الماضي، بعد مشاركته في محادثات سلام عقيمة بين أوكرانيا وروسيا، بينما لم يتضح من يقف وراء الحادث أو نوع السم الذي ربما جرى استخدامه، بحسب ما قاله في ذلك الوقت أشخاص مطلعون على الأمر.
فرض الاتحاد الأوروبي على أبراموفيتش عقوبات، وجرى تجميد 6 مليارات دولار من استثماراته في صناديق التحوط التي قامت بها شركة “كونكورد مانجمنت” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها. كذلك، أعلنت الحكومة الكندية في نونبر الماضي اعتزامها مصادرة أصول له بقيمة 26 مليون دولار للمساعدة في تمويل إعادة إعمار أوكرانيا.
قبل العقوبات كانت ثروة أبراموفيتش تقدّر بنحو 13 مليار دولار، وبات أكبر الخاسرين من بين ما يقرب من عشرين مليارديراً روسياً تتبع ثرواتهم “بلومبيرغ”، الذين جنوا في غالبهم ثرواتهم الأولية عندما خصخصت روسيا الصناعات التي تديرها الدولة في التسعينيات. في المجموع، انخفض صافي ثرواتهم بنحو 95 مليار دولار العام الماضي.
ليس أبراموفيتش الأكثر ثراءً من بين ما يُطلق عليها الأوليغارشية الروسية (المقربون من السلطة)، لكنه الأكثر شهرة، خصوصاً بعد شرائه نادي تشيلسي عام 2003، إذ شرعت وسائل الإعلام في الاهتمام بتفاصيل مساره ونمط حياته.
وُلد أبراموفيتش ذو الجذور اليهودية الأوكرانية في سراتوف بالاتحاد السوفييتي، وتوفي والداه وهو لم يتجاوز الرابعة، وتولى عمه رعايته. درس الرياضيات في موسكو، قبل أن يدخل عالم الأعمال، حيث أسس شركة صغيرة، في ظل “البريسترويكا” التي أشرفت على تحرير الاقتصاد في الاتحاد السوفييتي، التي أطلقها ميخائيل غورباتشوف، اعتباراً من 1986 وإلى غاية سقوط النظام في 1991.
استفاد من قربه من الملياردير بوريس بيروزوفسكي، الذي أتاح له الاستفادة من علاقاته الممتدة، نظراً لتحكمه في العديد من وسائل الإعلام الروسية، قبل أن يرحل في ظروف غامضة إلى بريطانيا في 2013، التي اختارها منفىً له، نظراً لمعارضته فلاديمير بوتين.
يمثل أبراموفيتش نموذجاً جيداً لما يريده بوتين من الأوليغارشية، حيث كان ينتظر منهم المساهمة في المشاريع الكبرى في روسيا، وعدم الانخراط في الشأن السياسي، حيث ضمن لهم عدم التعرض للمساءلة من قبل القضاء.
نقلا عن العربي الجديد ـ بتصرف
تعليقات الزوار ( 0 )