شارك المقال
  • تم النسخ

رأب الصدع القاري: الصداقة الدائمة بين المغرب وباكستان.. من دعم أحمد بلافريج ضد فرنسا إلى التعاون العسكري

على الرغم من المسافة الجغرافية الشاسعة بين البلدين، فإن المغرب وباكستان يشتركان في تاريخ مميز من الدعم والتعاون المتبادل، وبالعودة إلى الوقت الذي كافح فيه المغرب من أجل استقلاله عن الحكم الفرنسي، لعبت باكستان دورًا حاسمًا في دعم تطلعات المغرب إلى الحرية.

وفي عام 1952، عندما سعى أحمد بلافريج ، أحد زعماء الحركة الوطنية المغربية، إلى مخاطبة مجلس الأمن الدولي ضد السيطرة الفرنسية، واجه معارضة شرسة من فرنسا التي ادعت أن المغرب، كونه مستعمرة فرنسية، لا يمكن السماح له بالتحدث في الأمم المتحدة.

وفي لفتة دعم ملحوظة، رتب وزير الخارجية الباكستاني، السير ظفر الله خان، على الفور لإصدار بلافريج جواز سفر باكستاني. سمح له بالتحدث أمام المجلس في اليوم التالي، معربًا عن امتنانه والاعتراف بالدور المحوري لباكستان في نضال المغرب من أجل الاستقلال.

ووضع هذا القانون الأساس لعلاقات قوية بين البلدين، والتي يرمز إليها بلافريج وهو يعرض بفخر جواز سفره الباكستاني المؤطر في مكتبه بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء في عام 1956.

وعلى مر السنين، على الرغم من تطور هذه الصداقة إلى علاقة دبلوماسية، مع تعاون البلدين بنشاط في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة، فقد شهدت العلاقات الاقتصادية الباكستانية مؤخرًا نموًا كبيرًا، مع زيادة حجم التجارة.

ومع ذلك، يمكن فهم التطور البطيء للعلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال حقيقة أن أول اتفاقية تجارية بين البلدين قد تم توقيعها في عام 1994، وظلت إمكاناتها غير مستغلة إلى حد كبير، وفي عام 2007، شجع السفير المغربي رواد الأعمال الباكستانيين ومجتمع الأعمال على الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمها المغرب مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، الذي يعتبر نقطة قوة لباكستان.

ووفقًا لقاعدة البيانات الإحصائية للأمم المتحدة، بلغ حجم التجارة السنوية بين باكستان والمغرب في عام 2021 حوالي 598.4 مليون دولار، حيث استحوذت الصادرات الباكستانية على 46.4 مليون دولار والصادرات المغربية بلغت 552 مليون دولار.

ويقوم المغرب في المقام الأول بتصدير حامض الفوسفوريك، وفوسفات الأمونيوم الثنائي، والفوسفات الصخري إلى باكستان، بينما توفر باكستان مجموعة من السلع المصنعة، بما في ذلك قماش الدنيم، والأدوات الجراحية، والقفازات الجلدية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدور المهم لباكستان في صناعة الأسمدة المغربية يؤكد الرغبة في التعاون الاقتصادي بين البلدين.

وعلى الرغم من الركود الاقتصادي الناجم عن جائحة “كورونا”، فقد شهدت السنوات الأخيرة اتجاهًا إيجابيًا في التجارة بين البلدين، حيث شهدت الصادرات الباكستانية زيادة بنسبة 10 ٪ في عام 2021.

ويُعزى هذا النمو إلى الاقتصاد المغربي الملحوظ والتنمية الصناعية في بيئة ما بعد كوفيد، مما يجعلها شريكًا تجاريًا محتملاً، بالإضافة إلى ذلك، فإن موقع المغرب الاستراتيجي على مفترق طرق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط يجعله بوابة مهمة، ويوفر فرصًا هائلة للتجارة والاستثمار.

وبصرف النظر عن العلاقات الاقتصادية، تتمتع باكستان والمغرب بعلاقات دبلوماسية ممتازة، ومن الأمثلة الصارخة على صداقتهما أنه في 2 شتنبر 1955، قدم رئيس الوزراء شودري محمد علي، من خلال مقاطعة أعمال الجمعية التأسيسية، “الدعم الكامل” لقضية الشعب المغربي في نضاله من أجل الاستقلال . استمرارًا للاحترام المتبادل والدعم في أعقاب الحرب الباكستانية الهندية عام 1971، أكد وزير الخارجية المغربي مجددًا دعم حكومته لوحدة باكستان وسلامة أراضيها.

وجاء اعتراف المغرب ببنغلادش، التي انفصلت عن باكستان عام 1971، متأخرا جدا في 13 يوليو 1973، حيث نمت هذه العلاقة مع مرور الوقت، ودعمت باكستان، في مناسبات مختلفة، كما اعترف المغرب بالدور المهم لباكستان في أزمات أفغانستان، وقد أدت هذه المواقف المشتركة بشأن الشؤون الدولية إلى تعزيز أواصر الاحترام والتعاون المتبادلين.

كما انخرط البلدان في تدريبات عسكرية وبرامج تدريبية مشتركة لتعزيز العلاقات بينهما، وفي أكتوبر 2021، أجرت القوات الخاصة الباكستانية والمغرب أول مناورة عسكرية ثنائية مشتركة تضمنت برنامجًا تدريبيًا لمدة أسبوعين في باكستان.

وقد ساهم كلا البلدين بشكل كبير في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، مما يدل على التزامهما بالأمن العالمي، وركزت التدريبات البحرية بين باكستان والمغرب على الأمن البحري، لا سيما في المحيط الهندي، والذي يعد بمثابة ممر تجاري مهم للتجارة العالمية، لا سيما عندما يمر ثلثا شحنات النفط الدولية وجزء كبير من البضائع السائبة عبر هذه المنطقة.

وبدعوة من رئيس أركان البحرية الباكستانية، شارك المغرب في التمرين البحري الثامن أمان (السلام) الذي تم تنظيمه يومي 10 و 14 فبراير 2023، والذي أسفر عن محادثات شاملة حول المصالح المشتركة والتعاون البحري والأمن البحري الإقليمي والتعاون الثنائي.

وفي عام 2021، عُقد أول تمرين ثنائي مشترك على الإطلاق بين باكستان والمغرب في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب (NCTC)، في بابي في باكستان، وشمل التدريب تمارين في عمليات التطويق والتفتيش، والتطهير المركب، والقتال القريب، والانتشار السريع، ونزول الحبال، والإجراءات الطبية القتالية، كما تعززت هذه التدريبات المشتركة الروابط بين القوات المسلحة والبحرية في البلدين وتساهم في الحرب العالمية ضد الإرهاب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي