بدأ وزير الخارجية الجزائري الجديد أحمد عطاف، نشاطه الدبلوماسي سريعا، بنسج علاقات مع نظرائه في دول الجوار الاستراتيجي للجزائر. ويرجح أن تكون أول زيارة له نحو تونس التي تمثل أهم دولة للجزائر في المغرب العربي، فيما يتعلق بالتعاون الثنائي الأمني والدبلوماسي.
لم يكن مستغربا أن تكون أول مكالمة هاتفية يتلقاها عطاف آتية من العاصمة تونس. وأورد بيان للخارجية الجزائرية، أن الوزير عطاف تلقى مكالمة من وزير نظيره التونسي نبيل عمار الذي هنأه على نيل ثقة الرئيس عبد المجيد تبون وتعيينه على رأس الدبلوماسية الجزائرية.
واستعرض الوزيران في هذه المكالمة، “علاقات الأخوة والتعاون بين الجزائر وتونس وما تشهده من تطور نوعي تحت الرعاية السامية لرئيسي البلدين الشقيقين، وجددا العزم على مواصلة الجهود للحفاظ على هذه الحركية عبر تبادل الزيارات وتعزيز التنسيق السياسي، فضلا عن تكثيف التعاون الثنائي في مختلف المجالات”.
وفي ما أوردته الخارجية التونسية، أن الوزير نبيل عمّار وجه دعوة لنظيره الجزائري لتأدية زيارة إلى تونس، معبّرا له عن حرصه للعمل سويا من أجل تعزيز روابط العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين التونسي والجزائري وتطوير التعاون الثنائي في كل المجالات خدمة لمصلحة البلدين الجارين.
واللافت في ما تظهره البيانات الرسمية، أن هذه أول مكالمة بين وزيري خارجية الجزائر وتونس، منذ 8 فبراير الماضي، والتي أعقبت بعد حادثة الناشطة السياسية أميرة بوراوي الشهر الماضي التي غادرت الجزائر إلى تونس بشكل غير قانوني، ثم طارت نحو فرنسا، وهو ما أثار أزمة دبلوماسية حادة بين الجزائر وفرنسا.
ودرج العرف الدبلوماسي بين الجزائر وتونس، أن يكون أول اتصال للرئيس أو وزير الخارجية فور توليه المنصب نحو نظيره في البلد الآخر. وتعززت الرابطة أكثر بين الجزائر وتونس في السنوات الأخيرة.
أما المكالمة الثانية التي تلقاها عطاف فكانت دائما من داخل الدائرة المغاربية. وذكر بيان الخارجية أن الوزير الجديد أجرى محادثات مع محمد سالم ولد مرزوك، وزير الخارجية الموريتاني الذي هنأه بالمثل على نيله ثقة رئيس الجمهورية وتعيينه على رأس الدبلوماسية الجزائرية.
وشكلت المكالمة، وفق البيان، فرصة لاستعراض علاقات الأخوة والتعاون بين الجزائر وموريتانيا والاشادة بالجهود المبذولة لبناء شراكة صلبة تعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين وكذا تعزيز التنسيق السياسي حول القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، تجسيدا للتوجيهات السامية لرئيسي البلدين.
وبين الجزائر وموريتانيا، بدأت تتشكل معالم تحالف استراتيجي في المجالات الاقتصادية والأمنية. ومؤخرا، انعقدت أشغال الدورة الأولى للجنة الأمنية المشتركة الجزائرية-الموريتانية، والتي انتهت باتفاق بين البلدين على حماية الحدود وتأمين طريق تندوف الزويرات والخط البحري الرابط بين البلدين الذي افتتح شهر فبراير 2022 وتكثيف المعابر.
وتشهد العلاقات الجزائرية الموريتانية ديناميكية كبيرة بفعل تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين، وديناميكية خاصة في المجال التجاري بعد فتح المعبر الحدودي الوحيد حاليا بين البلدين. وبحسب معطيات أخيرة قدمها المجمع العمومي الجزائري للنقل البري للبضائع واللوجيستيك، فإن موريتانيا تحولت لمركز عبور للصادرات الجزائرية نحو غرب إفريقيا.
وفي خارطة الطريق التي رسمها لنفسه عقب استلامه مهامه، قال عطاف إن “الظرف المفعم بالتحديات والمخاطر يستوجب من سياستنا الخارجية تعبئتها قصد ضمان سبل الامن والاستقرار التي نصبو اليها”، مشيرا إلى أن العالم يشهد أزمات ترابطية اضافة الى ازمة ما يسمى ببنية الامن الجماعي وما تنذر به من اختلالات في منظومة العلاقات الدولية.
وأبرز الوزير أن الرئيس تبون حدد له الأولويات والمقاربات والمنهجيات، مشيرا إلى أن وزارته سيكون لها “في المستقبل القريب فرصة للوقوف عند كل ورشة قصد تحويلها إلى خطط عمل تتلاءم ومقتضيات كل ملف من الملفات التي أضفى عليها الرئيس طابع الاولوية والاستعجال”.
وخلف عطاف الوزير رمطان لعمامرة الذي ظهر أخيرا وهو يودع منصبه في مراسم رسمية بحضور إطارات الوزارة، بعد الكثير من الأقاويل والتحليلات التي رافقت غيابه عن النشاط الرسمي وامتناع الإعلام الرسمي عن رصد بعض استقبالاته القليلة.
وقال الرجل في تصريح له إنه يسجل اعتزازه، بالاستفادة من دعم الرئيس، وعمله إلى جانبه، قائلا إنه بذل قصارى جهده ممثلا للدبلوماسية الجزائرية، لمساعدة رئيس الجمهورية على تطبيق برنامجه فيما يتعلق بالجانب الرامي إلى تعزيز السيادة الوطنية، وجعل الدبلوماسية أداة ناجعة في المساهمة في توجيه وتشجيع التعاون الدولي.
ولا تزال أسباب رحيل لعمامرة محيرة، بين من يرى أن صراعا نشب بينه وبين محيط الرئيس عبد المجيد تبون بعد رفض الرئاسة اعتماد القائمة التي وضعها لحركة السفراء والقناصلة، وبين من يقول إن احتمال أن يكون لعمامرة مرشحا محتملا لرئاسيات 2024 في منافسة الرئيس عبد المجيد تبون، هو ما تسبب في القطيعة بينهما.
تعليقات الزوار ( 0 )