Share
  • Link copied

هذه دلالات وتداعيات قرار فتح الإمارات قنصلية لها بمدينة العيون المغربية

قررت الإمارات، فتح قنصلية لها بمدينة العيون، جنوب المغرب، إسوةً بمجموعة من الدول الإفريقية، ودولتي جيبوتي وجزر القمر العربيتين، التي فتحت، سفارات وقنصليات لها، بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث أخبر محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، الملك محمد السادس، في اتصال هاتفي، أمس الثلاثاء، بقرار بلاده، فتح قنصلية عامة لها بالجنوب المغربي.

ويأتي قرار الإمارات، في وقت، باتت فيه الأقاليم الجنوبية قبلة للدول الإفريقية، بعدما فتحت ما يزيد عن 15 دولة، سفاراتها وقنصلياتها بمدينتي العيون والداخلة المغربيتين، كما طرحت الخطوة، أكثر من سؤال، خاصة بعد التوتر الذي عرفته العلاقات بين البلدين في السنوات الثلاث الأخيرة، بسبب الأزمة الخليجية، وعدد من القضايا الإقليمية.

الصديقي: القرار الإماراتي دعم سياسي ومعنوي لمغربية الصحراء

وعن الخطوة الإماراتية، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن القرار ليس مفاجئا، “بالنظر إلى العلاقات بين البلدين، فمنذ تأسيس دولة الإمارات كانت داماً داعمةً ومساندةً للحقوق المغربية، وعلى رأسها قضية الصحراء”، كما أن أبو ظبي، حسب المتحدث، كانت دائماً متوافقة مع المغرب فيما يتعلق بأهم القضايا العربية.

وأوضح الصديقي، بأن أهم دلالات المبادرة الإماراتية، تكمن في أنها أول دولة خليجية تفتح قنصليتها بمدينة الداخلة، بعدما بادرت مجموعة من الدول الإفريقية إلى ذلك، خلال الشهور الماضية، “إذ يمكن النظر إلى فتح القنصلية بكونها خطوة قد تدفع مجموعة من الدول العربية الأخرى، لأن تحذو حذوها، وفتح قنصلياتها بالصحراء المغربية، خاصة أن المغرب جعل من فتح قنصليات الدول الداعمة له في الصحراء، أحد عناصر إستراتيجيته الجديدة فيما يتعلق بقضية الصحراء على المستوى الدولي”.

والدلالة الثانية حسب الصديقي، هي “أن دولة الإمارات ليست لديها جالية في الأقاليم الجنوبية للمغرب، مقارنة مع بعض الدول الإفريقية التي فتحت قنصلياتها في الداخلة، ما يعني أن المبادرة الإماراتية هدفها الأساسي هو دعم المغرب سياسيا ومعنويا، لاسيما وأن هناك تحركات لخصوم المغرب خلال الشهور الماضية، لخلق بعض المشاكل خاصة في المنطقة العازلة ومعبر الكركارات”.

وتابع المتحدث نفسه، بأن الدلالة الثالثة لقرار الإمارات، هي أن الأخيرة، “تعتبر أحد المستثمرين الكبار في المغرب، ولديها أيضا إستراتيجية استثمارية في خارج الإمارات، ولعل أحد النتائج المحتملة لهذه المبادرة أن تتوسع استثمارات دولة الإمارات في منطقة الصحراء، ولاسيما أن المغرب، خلال العقدين الأخيرين، عمل على تشجيع الاستثمار الأجنبي في الأقاليم الجنوبية، لأن لها أهدافا كثيرة، على رأسها التنمية، إضافة إلى أن استثمارات الأجانب في الأقليم الصحراوية تعتبر دعما ضمنيا لمغربية الصحراء”.

أما الدلالة الرابعة، وفق الصديقي، فهي “أن هذه الخطوة الإماراتية جاءت لتبدد كثيرا من الشّكوك التي حامت حول العلاقات المغربية الإماراتية خلال الأسابيع والشهور الماضية، بشأن وجود خلافات محتملة بين الدولتين”، مسترسلاً بأن الخطوة “جاءت لتؤكد بأن جوهر العلاقات المغربية الإماراتية لم تتأثر بسوء الفهم العابر الذي يعدّ أمرا عاديا في العلاقات بين الدول في بعض القضايا”.

اسليمي: قرار الإمارات يعزل الجزائر إقليميا وعربيا

ومن جانبه، قال عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، إن قرار دولة الإمارات، يأتي “بعد فترة من البرودة في العلاقات بينها وبين المغرب، خلال السنتين الماضيتين، نتيجة بعض الخلافات حول ملفات إقليمية منها ملف ليبيا”، مردفاً: “واليوم بعودة دولة الإمارات بهذا القرار الإستراتيجي الكبير تكون العلاقات المغربية الإماراتية قد عادت إلى خاصيتها التاريخية والتقليدية في التقارب الكبير والتنسيق المشترك بين البلدين”.

وأشار اسليمي إلى أن “القرار الإماراتي له دلالات متعددة، أولها أن الأمر يتعلق بدولة عربية خليجية، فبعد فتح القنصليات في الأقاليم الجنوبية المغربية، من طرف الدول الإفريقية يفتح قرار دولة الإمارات الباب أمام دول الخليج وباقي دول العالم العربي، لذلك من المتوقع أن تبادر باقي الدول الخليجية ومصر والأردن إلى اتخاذ نفس المبادرة خلال الأيام المقبلة”.

وذكر المتحدث نفسه، بأن هذا القرار “له أبعاد جيوستراتيجية كبيرة لأنه يُغير التوازنات من جديد داخل العالم العربي وفي شمال إفريقيا، فالمحور التقليدي التاريخي الذي له تأثير في العالم العربي يعود إلى الاشتغال بقوة، وهذا من شأنه في ملف الصحراء أن يدفع إلى عزلة قاتلة لدولة الجزائر التي تظل وحدها متمسكة بكيان البوليساريو، ويزيد من صعوبات الوضع داخل الجزائر الذي بدأت تظهر خلافات فيه حول العلاقات مع المغرب”.

واسترسل أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن هذا “القرار الإستراتيجي يعيد بناء قوة التحالف داخل العالم العربي، ومن شأنه أن يدفع بالمغرب للقيام بوساطة في الأزمة الخليجية وتركيز الاهتمام على الخطر الخارجي، الذي يهدد دول الخليج من إيران خصوصا، فالمملكة شريك استراتيجي لدول الخليج، ولازال خطاب الملك محمد السادس في شهر أبريل من سنة 2016 بالرياض، خطابا مرجعيا في العلاقات المغربية الخليجية”.

أما الدلالة الرابعة حسب اسليمي، فهي “أن توقيت هذا القرار الإماراتي يصادف انعقاد جلسات مجلس الأمن لإصدار قرار حول نزاع الصحراء، فالأمر يؤشر على أن هناك تغييراً كبيراً قادماً في ملف الصحراء لصالح المغرب، من شأنه أن يطوي كل المحاولات التي يقوم بها البوليساريو والجزائر للعودة بالنزاع إلى مرحلة الحرب الباردة”.

وبذلك، فالمغرب والإمارات، وفق المتحدث نفسه، “كسبا عودة العلاقات التاريخية بينهما إلى مسارها الطبيعي بعيدا عن كل الخلافات التي جرت في السنتين الماضيتين، كما أنهما كسبا إمكانية إعادة بناء التحالف العربي-العربي في كل القضايا المصيرية، في مرحلة صعبة يشهد فيها النظام الدولي تحولات سريعة ويتعرض فيها النظام الإقليمي العربي لمخاطر كبيرة”.

Share
  • Link copied
المقال التالي