لماذا المدارس والجامعات والمعاهد المغربية لم تستطع أن تنتج لنا عقولا؟ لماذا ننظر الى العلوم التاريخية والجغرافية والفلسفة على أنها مجرد علوم جافة؟ مع ان النقد التاريخي والفلسفي والجغرافي يعتبر عمق الابستمولوجيا ويعطي للمتلقي القدرة على التقييم والتصحيح وخلق فضاء مفتوح قابل للتطور ليعانق آفاق المستقبل.
لماذا هذه النظرة العدائية للمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح؛ التي تشمل مجالات العلوم الانسانية بصفة عامة؟
ما مدى مسؤولية المؤسسات التعليمية في صناعة وانتاج وتكريس الغباء الجماعي؟ فأزمة قضايا الفكر والعقل المغربي تتجلى في عدم قدرتنا على تحرير وتنزيل الأفكار والتصورات والنظريات المجردة وتشكيلها وتنفيذها وتطبيقها؛ من خلال أجرأتها على أرض الواقع.
فلماذا الكثير من شعوب العالم التي آمنت بالفكر والعلم منهجا في الحياة، استطاعت بإرادتها ان تحل هذا الاشكال، في حين بقينا نحن عالقين على مستوى هذه المساحة؛ وكأن أحدهم نصَّب نفسه رقيبًا على التاريخ؛ فقام بالحذف والحجب والزيادة والنقصان؛ في الاحداث والمعطيات؟
هناك إذن رهانات وتحديات أمام الانظمة، فشروط اقتصاد السوق مثلا، ومن خلال البنى الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية لبلدنا ستؤدي إلى مزيد من التهميش والضغط الاجتماعي، كونها لا تتناسب ونظمنا؛ حيث سيطرة المراكز، وقدرتها على التحكم في وسائل التكنولوجيا، والنظام المالي، والتأثير على الرأي العام، والرأي السياسي، والثقافة، كلها أساليب غير اقتصادية، لكن لها تأثير كبير.
فنحن ننتمي إلى العالم المتخلف الذي يلعب دورا متواضعا على المسرح العالمي، وذلك بحكم العلاقة الغير المتكافئة. فالتعاون شمال جنوب في إطار ما يسمى بإمبراطورية الفوضى لا يعد سوى شعارا ديبلوماسيا؛ وبالتالي فاللحاق في إطار الاعتماد المتبادل يبقى طوباويا بحكم عنصر الاستقطاب الذي هو روح الرأسمالية. فالدول تصنف ثلاثة أقسام:
هناك صناع الأحداث (Proactives).
وهناك الفاعلون في الأحداث. (Actives)
وهناك أصحاب ردود الفعل تجاه الأحداث. (Réactives).
صحيح هناك عقول علمية في مجال العلوم الحقة؛ الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية والطب والهندسة وغيرها…؛ لكن هذه العقول بعيدة كل البعد عن الفكر الانساني؛ أشخاص غير قادرين على الحوار والايمان بالفكر المغاير، وغير قابلين للانفتاح على الآخرين. فهم يجهلون الفن والفلكلور ومساحات المشترك مع باقي الناس في المجتمع.
إن التشبع بالعلوم التاريخية وبالفلسفية تعتبر شرطا أساسيا لوعي المجتمع والظواهر الاجتماعية؛ وبالتالي فإن العلوم اليقينية غير قادرة على فهم ووعي الدراسات المستقبلية. فالعلاقات الاجتماعية تشكل في مجموعها مجمل علاقات الفرد، ومجالات تفاعله، وبالتالي فمن الناحية المعرفية تعتبر جميعها ذات تأثير على سلوك الأفراد وعقلياتهم.
- الأسرة وتربية التنشئة:
إذا كان من السهل التغلب على العنصر المادي، فإن العنصر البشري الذي يبقى مجموعة سلوكات، (كوننا أمام أشخاص يفكرون، يأكلون، يشربون، ينامون، يمرضون، يتأثرون بمقاييس مختلفة، يعملون في إطار علاقات داخل الإدارة، المجتمع، الأسرة والأبناء…)؛ يصعب ضبطه والتحكم في سلوكه وعقليته، إلا أن انخراطه داخل مؤسسة مرجعية يمكن من مقاربة ضبطه.
فما هي طبيعة هذه التربية التي نريدها للتنشئة؟
فرانسيس بيكون الفيلسوف الإنجليزي ورجل الدولة، يعد من أبرز سياسي عصره وأبرز مفكريه حيث أشتهر بقيادتهِ للثورة العلمية عن طريق فلسفته القائمة على الملاحظة والتجريب؛ اعتبر أن الدراسة ليست غاية أو حكمة في حد ذاتها؛ وأن المعرفة إن لم تكن مقرونة بالعمل؛ ليست سوى زهو وغرور علمي شاحب.
يقول: ”إن إنفاقك في الدراسة النظرية وقتًا طويلًا؛ هو ضرب من الكسل والخمول، والتحلي بها تصنع وتكلف ومحبة في الظهور واستنادك في حكمك دائمًا على أحكام الدراسة النظرية وقواعدها ضرب من مجون العلماء وأمزجتهم”.
وقد حدد أربعة أنواع من الأوهام أو الاصنام التي يتعرض لها كل شخص منذ الولادة: - أصنام القبيلة أو التنشئة؛
- أصنام المسرح؛
- أصنام السوق أو اللغة؛
- أصنام أو أوهام الكهف؛
فالأسرة هي المدرسة الأولى التي تنتج لنا الموارد البشرية في الإشراف والتأطير في الدولة؛ وبالتالي فالخلفية الأسرية تشكل محورا أساسيا في التربية، بحيث تعتبر عاملا مستقلا. والذي يفترض أن يؤدي فيه التباين إلى تباين معدل ودرجة التربية. وتحليل ودراسة العلاقات الارتباطية بين المدرسية والادارة يتمحور في عدة مؤشرات:
- الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حيث دخل الأب، مهنته، مستوى تعليمه ومستوى تعليم الأم.
- العلاقة الارتباطية بين مؤشر البيئة المادية للبيت، نوعية السكن، معدل الازدحام، عدد أفراد العائلة.
- مدى الاهتمام بتربية التنشئة، كمشاركة الأبوين في النشاط التربوي، مدى استقلالية الأبناء، سيطرة الأب أو الأم … إلى غير ذلك.
فكيف ينتظر من التنشئة أن تعطي وتخدم بصدق وإخلاص وقد تربت في ظل جو عائلي تسوده الأفكار التالية سواء من جهة الأب أو الأم وهما يزرعان في نفوس الأبناء: “انظر إلى ابن فلان كيف استطاع أن يكون رصيدا من الممتلكات والأموال عن طريق الإدارة ؟” كيف يتحكم في الموظفين عن طريق السلطة المخولة له؟ كيف يستفيد هو وأهله ودويه من امتيازات الإدارة واستغلال النفوذ؟ كيف أن سيارات الدولة وأدواتها مسخرة لخدمته؟ وكيف ستتعلم أنت الآخر فتحدو حدوه، وتنتقم لأباك من ذلك القاضي أو القائد أو العقلية الإدارية… إلى غير ذلك من صور الشحن المنحرف، فتتولد لدى التلميذ والطالب مواقف وتترسخ لديه العداوة والبغضاء من هذا المرفق أو ذاك الشخص منذ الصغر.
ويحصل ويقع الصراع بين الوالدين على مسمع من التنشئة، بحيث الأب يريد من ابنه أن يصبح شخصا قويا (قاضي، قائد، دركي، ولما لا وزيرا…) والأم تريد منه طبيبا أو أستاذا… فالذي لم يستطيعا تحقيقه في حياتهما، يصبحان ينتظرانه من أبنائهما. وما يزيد في تعميق الهوة حينما تخرج التنشئة إلى البيئة المحيطة بها فتعاين فعلا سيادة هذه التربية، فتنساق هي الأخرى ويتولد لديها الاقتناع بأفكار وتربية والديها، فتصل يوما لتسلم المسؤولية ويكون همها الوحيد هو تحقيق اقتناع دفين في اللاوعي واللاشعور الماضي والطفولة.
وهكذا هي الأخرى تنزع إلى الفساد، والرشوة والمحسوبية وأخد المواقف من هذه العقليات أو تلك، فتبدر المال العام، وتسخر أدوات الإدارة لصالحها وكل ذلك على حساب متطلبات التنمية.
نستنتج إذن أن مشكل الإدارة المغربية هو مسألة تربية، والتي تبدأ من المجتمع الصغير الذي هو الأسرة أي دور الأب والأم ومدى وجود نظام تسلطي من جهتهما حيث درجة تهيء الظروف، والتي تنعكس على أوجه أخرى سلبا أو إيجابا على البناء الشخصي للأبناء الذي ليس شيئا آخر سوى هذه العقليات الإدارية التي تؤطر وتشرف على الإدارة المغربية.
- المدرسة وتوجيه التنشئة
المدرسة ليست وحدها الأداة المرجعية لحكم الباحث على موقف وسلوك الفعل الاداري والعقليات الإدارية، ولكن هناك مرجعيات أخرى كالإدارة نفسها أي من خلال مقارنة عقلية إدارية بمن نعدهم مساوين لها في نفس العمل والنشاط الإداري، كمحددات أخرى في مجال التربية.
فحينما نتحدث عن التوجيه، يعني ترشيد وعقلنة العملية التربوية وتعبئة الموارد من منظور استراتيجي حول الهدف من التكوين أو التعليم، حتى يصبح لدينا الرجل المختص في المكان المناسب له. وهنا تكمن المشكلة بحيث إن المعاهد والمدارس والكليات التي تتخرج منها العديد من العقليات الإدارية والأطر لا تسمح بتقييم عمل خرجيها، وذلك لأنه بمجرد الخروج من المعهد أو المدرسة أو الكلية، تتم القطعية.
يبقى السؤال إلى أي حد تساهم هذه البرامج وطرق ووسائل التكوين والتوجيه التي تعمل بها هذه المؤسسات في إغناء الإدارة بعقليات فعالة؟
فالوظيفة العمومية تتواجد في إطار نظام من الاختيار والتكوين المستمر للأفراد، لكن أية تربية أو تكوين نريد، ولأية تنشئة؟ هل هو تكوين مهني وتقني، أم يكفي تكوين وثقافة عامة؟
فالتكوين المهني التقني لوحده غير كاف. والتكوين العام أو الثقافة العامة لوحدها غير كافية أيضا، فالأولى وحدها سوف تقود إلى عقليات تكنوقراطية، في حين التكوين العام النظري سوف يؤدي بصاحبه إلى تقليص معارفه التقنية ومعرفة ووعي خبايا الظواهر الاجتماعية، وبالتالي فقدان التحكم والضبط والرقابة.
نستنتج إذن أن العقلية الإدارية المطلوبة هي التي تجمع بينهما معا.
فالمدرسة هي إحدى الأجهزة الأيديولوجية للدولة كما ذهب إلى ذلك “ألتو سير”، والتي تجعل من التنشئة مخلوقات لها، كسواعد منظمين، ومروضين وحاملي شواهد.
ومشكلتنا ليست قلة مصادر التكوين، ولكن المشكل في تفعيل هذا التكوين والتأثير فيه؛ من خلال البرامج والسياسة التعليمية ورسم الأهداف والتوجهات، بحيث نجد أن هناك جميع مستويات التكوين بالمغرب: التكوين العلمي والتقني؛ التكوين القانوني والاقتصادي والإداري والاجتماعي؛ التكوين التربوي.
إلا أن التطور الحاصل في المجتمع المغربي على المستوى الداخلي وأيضا التطور الحاصل على المستوى العالمي، أصبح يتطلب مسايرة التكوين لهذه المتغيرات.
صحيح أن الاهتمام بالسياسة التعليمية كان منذ المخطط الخماسي الأول، والذي أشرف عليه المجلس الأعلى للتربية الوطنية لوضع البرامج التعليمية، حيث تم رسم التوجهات الكبرى للتعليم في إطار المبادئ الأربع التالية: التوحيد، التعريب، التعميم والمغربة. وقد تخللت هذه المخططات عدة مؤتمرات وتجمعات لتأطير هذه الرباعية السياسية، إلا أنه غلب طابع بحث التعريب على هذه المؤتمرات والاصلاحات دون الاهتمام بعنصر مهم وهو توجيه التعليم نحو المردودية والانتاجية، بحيث إن سياسة التكوين المهني لم تبدأ وتعمم إلا في السنوات الأخيرة.
وهكذا بقي البحث في السياسة التعليمية لم يبرح مكان الشكليات كالتعريب وإدخال بعض التعديلات على برامج التعليم الأساسي الابتدائي والثانوي وتضخيمها ببرامج “كاريكاتورية”، دون أن تمس الجوهر، أي الجمع بين تعليم نظري وتطبيقي عملي، ووضع عدة بدائل للاختيار، حتى تستطيع التنشئة التوجه نحو النشاط الذي تستطيع أن تبدع وتخلق وتجد نفسها فيه.
وبالتالي فالقوة الابداعية الكامنة في المورد البشري لم تستطع الإدارة المغربية من خلال سياستها وخياراتها وبدائلها وبرامجها التعليمية أن تترجمها إلى الواقع، فبقينا نعيش حالة الفقر التكنولوجي والعلمي في العديد من المجالات.
والغريب في الأمر أن نفس العقليات التي قرأت ودرست وتعلمت على نفس تلك الأسس والبرامج التعليمية التي لم يطرأ عليها أي تغيير لحد الآن نجدها تنتقد السياسة التعليمية، وتتموضع في موقع غير المسؤول عن هذه الوضعية التي نعيشها.
والإدارة هي أيضا مدرسة للتربية، بحيث إن الرئيس ذو الشخصية القوية والفعالة يستطيع ترسيخ أهداف الصالح العام لذى مرؤوسيه، وروح المسؤولية وتعاون الجسم الوحيد.
فمن أعطاب الإدارة العمومية؛ استشارة موظف أحيل على التقاعد والإستعانة بخدمات مغادر طوعا؛ أو التمديد لموظف وصل سن التقاعد؛ مما يؤدي الى استمرار نفس الأخطاء وعدم إحداث قطيعة مع عالم وتوجهات أدت إلى ما نحن فيه في الحاضر؛ وبالتالي نعيد إنتاج نفس شروط وجود تلك الوجوه التي غادرت الادارة؛ هذا لا يعني تقديم الشكر لهم كمجاملة معمول بها في عالم الادارة..
فليكتبوا تجاربهم من خلال مذكرات ليستفيد منها الناس إن هم رغبوا في ذلك.
والتربية أيضا تحيل إلى التوجه نحو التكوين واستكمال التكوين للعاملين والمستخدمين كيفما كان مستواهم التسلسلي؛ قصد القضاء على التخلف الإداري في التكوين الذي يسود الإدارة. أو الرئاسي من خلال إسداء النصح والتوجيه وزرع الحماس، واستئصال كل سلوك لا يليق بالعمل والنشاط الإداري، كالتملق، وصور الفساد… وغيرها.
والرقابة الإدارية هي أيضا تربية، قبل إنزال العقاب، وذلك من خلال التوجيه أولا وترشيد الأشخاص نحو الصواب، بحيث كثيرا ما يجهل ويغفل أو يرتكب الأشخاص الغلط ولكن عن حسن نية (كما هو الشأن بالنسبة للعديد من رؤساء المجالس الترابية). إلا أن إنزال العقاب بهم دون التمييز بين كل حالة على حدة يؤدي إلى نوع من الإحباط وعدم القدرة على المبادرة في اتخاد القرار؛ فالتوجيه والترشيد أولا وثانيا، فالعقاب ثالثا، فيما إذا تبين من طبيعة الأخطاء المرتكبة أنها نتجت فعلا عن سوء نية مرتكبيها أو حبها في ذلك.
واحترام التوقيت الاداري أيضا هو مسألة تربية؛ فالعقلية الإدارية التي لا تحترم التوقيت وتلجأ إلى التماطل بشتى الطرق للتهرب من العمل؛ تؤثر سلبا على مردودية العمل الإداري، لنأخذ مثلا يوم الجمعة حيث يبدأ العمل في الساعة التاسعة صباحا (الساعة الثامنة والنصف نظريا) ويتوقف عند حدود الساعة الحادية عشرة، حسب السلطة التقديرية للإدارة في تخويل الأشخاص تسهيلات لأداء صلاة الجمعة. ليستأنف العمل على الساعة الثالثة والنصف (الساعة الثالثة نظريا) لينتهي عند حدود الساعة الخامسة (الساعة الرابعة والنصف نظريا).
إجمالا في المجموع ثلاث ساعات ونصف كعمل فعلي. وعليه يكون من الأفضل أن يكون يوم الجمعة يوم عطلة عوض يومه السبت؛ بحيث أن يومين متتاليين من العطلة (السبت والأحد) يؤديان إلى تراكم العمل الإداري من جهة، وتعطيل عمل المستفيدين من خدمات الإدارة من جهة ثانية.
فهذه كلها صور تربية تساهم بشكل كبير في التنمية الإدارية.
فالذي ينظر إليها في بساطتها قد تحيل إليه بنسبية جدواها، كثيرا ما نجد العديد من العلامات في أماكن عمومية تحمل الإشارة التالية: “ممنوع التدخين” الذي هو في الحقيقة منع قانوني، إلا أنه كيف يعرف التطبيق والرئيس الذي من المفروض فيه أن يكون النموذج والمثال الذي يتحدى به هو أول من يخرق هذا القانون؟ فهو سلوك بسيط، في معناه يحمل دلالة كبرى وعميقة للباقين.
ولكن في الحقيقة لها دلالات تربوية جد عميقة. لأن التربية أو التغيير والإصلاح ليس بهالة كبرى، ولكن يأتي تدريجيا، شيئا فشيئا وفي إطار المتاح والممكنات فقط.
العمل الجماعي حيث أن الأحزاب السياسية هي بمثابة قنوات للتنشئة السياسية تنضاف إلى قنوات التنشئة الاجتماعية في ضبط واستمرارية النسق. وجمعيات ونقابات وهيئات؛ والتي تعتبر أيضا مدارس للتربية. أي ما يصطلح عليه بالمجتمع المدني الذي يستطيع الوقوف في وجه النزعات التسلطية للدولة، التي ليست شيئا آخرا غير تسلطنا وسلوكنا وعقلياتنا جميعا. فالكل متواطئ في آخر المطاف.
ففينا إذن من القوى الروحية والجمالية ما يمكننا أن نتجاوز عتبة التخلف، يكفي توفر الإرادة والاقتناع بضرورة ذلك. لقد تولينا المسؤولية لخدمة متطلبات التنمية، لا لعرقلتها، ولكن نحن الذين نعمل من خلال سلوكنا وعقلياتنا على فرملتها، ونحن سبب التخلف أو التقدم.
فلو كل واحد منا سأل نفسه، هل الطريقة والسلوك والعقلية التي يعمل ويسير عليها تستطيع أن تحقق لنا الافضل، لاستطعنا بالتالي اكتشاف مواطن الضعف والقوة فينا، فتأخذ التنمية والصيرورة التاريخية والحضارية مسارها الصحيح. “والوازع الخلقي هو الرقيب الباطني الذي ما يفتأ أن ينبه الفرد في كل لحظة إلى وجود مراعاة قواعد السلوك الحسن تجاه النفس وإزاء الآخرين، وقواعد السلوك هذه عامة ومتعارف عليها، وهي التي تلزم الموظف والتاجر والزارع والصانع وصاحب المهنة الحرة؛ كالمهندس والطبيب إلى غيره، والتي من مقوماتها اتقان العمل والتفاني فيه بجدية وإخلاص وتفادي كل صور الفساد بالترفع عن الغش والتزوير والتدليس وما إلى ذلك، إذا ما أردنا فعلا الحفاظ على الاستمرارية في الصيرورة التاريخية والحضارية.
ـــــــــــــــــــــــــ - مقتطف من أطروحة الدكتور عبدالله شنفار تحت عنوان: عقلية الادارة المغربية ومتطلبات التنمية؛ دراسة سوسيو قانونية وتحليلية. نوقشت برحاب كلية الحقوق، جامعة القاضي عياض بمراكش، الموسم الجامعي: 1998-1999.
تعليقات الزوار ( 0 )