يرتدون وزراء زرقاء وبيضاء، يجر بعضهم محافظ مدرسية ممتلئة ويحملون سلات طعام صغيرة، اصطفوا جميعا أمام بوابة مدرسة “المزيبري” الخاصة بمدينة سلا مرفوقين بأمهاتهم وآبائهم.
كلما اقترب أحد هؤلاء التلاميذ والتلميذات من البوابة إلا واستعد لمد معصم يده للحارس الذي بات قياس درجة حرارة الجسم أحد مهامه الجديدة، خلال دخول مدرسي استثنائي بكل المقاييس.
زياد.س، تلميذ يبلغ من العمر 12 سنة، ويدرس بالمستوى السادس ابتدائي، التحق هذا الصباح بمدرسته مثل آلاف التلاميذ عبر أنحاء المغرب، قال لـ “بناصا” قبل التحاقه بالفصل الدراسي ” إلى ليلة البارحة، كان أكبر مخاوفي أن يتم إعلان اعتماد الدراسة عن بعد عوض الحضوري، سعيد جدا بالتحاقي بالمدرسة هذا الصباح”.
وعلى غرار باقي أطفال العالم، حُرم التلاميذ المغاربة من الالتحاق بالمدارس الخاصة منها والعامة منذ منتصف مارس المنصرم، في إطار الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا المستجد والذي ألزم الشعب المغربي على لزم البيوت احتراما للحجر الصحي المنزلي.
محمد الغوات، مسؤول التعليم الابتدائي بمدرسة “المزيبري”، أكد ضمن تصريح لـ “بناصا” أن المدرسة احترمت البروتوكول الصحي بحذافيره، كما شُكِّلت لجنة يقظة مكونة من ممرضة المدرسة وأساتذة التفتح الفني، من أجل السهر على قياس درجة حرارة التلاميذ صباحا وعند منتصف اليوم زيادة على تعقيم المحافظ واليدين.
المدرسة الابتدائية، اعتمدت نمط التناوب ما بين تعليم حضوري وتعليم ذاتي يعمد خلاله التلاميذ إلى كتابة وتحضير الدروس وإنجاز التمارين، ووزعت تلاميذها على أفواج من 15 تلميذا في احترام للتباعد مع اعتماد التشوير الأرضي والحائطي؟
مدارس لم تستقبل التلاميذ
لم يكن جميع تلاميذ مدينة سلا بنفس حظ زياد، إذ شمل قرار للسلطات المحلية بإغلاق قرابة 30 من المدارس الخاصة والعمومية بكل من أحياء الرحمة وكريمة والانبعاث وتابريكت، لم يجد معها التلاميذ بُدا من أن يلزموا بيوتهم في انتظار انطلاق أقسام افتراضية تعمل هيئة التدريس على إنجازها بشكل يومي.
زينب.ل، أستاذة بمدرسة الراضي السلاوي، التي لم تستقبل التلاميذ خلال الدخول المدرسي الحالي، تقول لـ “بناصا” بحسرة بادية، ” هذا دخول مدرسي استثنائي، أشعر بالضيق بسبب غياب التلاميذ عن المدرسة، افتقدت ضحكاتهم وصراخهم وابتساماتهم”.
لم تُخف الأستاذة زينب صدمتها حين قررت السلطات إغلاق المدرسة التي تُدرس بها إلى جانب عدد آخر من المؤسسات التعليمية بسبب وجود بؤر بالمناطق والأحياء المحيطة، ” لا نعلم متى ستُفتح المدرسة، الكل يعتمد على الحالة الوبائية”.
بالرغم من ذلك، ستعمل الأستاذة الشابة رفقة زملائها على التوجه يوميا صوب المدرسة من أجل تصوير دروس عن بعد، يتوصل بها التلاميذ بشكل مضطرد.
أما آباء وأمهات التلاميذ فيعيشون مشاعر مختلطة، وفق ما أكده عدد منهم تحدثوا لـ “بناصا”، ما بين التخوف من العدوى على الرغم من الإجراءات ومابين رغبتهم ورغبة الأطفال في العودة للأجواء المدرسية للقاء أصدقائهم ومدرسيهم، ” ندعو الله أن يحفظ أبناءنا وأساتذتهم” تقول والدة تلميذة التحقت لتوها بالمستوى الأول ابتدائي.
الأم التي تعمل موظفة بوزارة الأوقاف أكدت، أنها مضطرة لإرسال ابنتها للمدرسة بسبب غياب من يعتني بها، ” أنا ووالدها نخرج صباحا للعمل، وأقاربنا في مدن أخرى، لا خيار آخر”.
تعليقات الزوار ( 0 )