قال الصحافي يونس دافقير، إن “اسم مملكة آل سعود، لم يعد مرتبطا بقطع يد السارق، ولا بعمليات فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا حتى بجواز قيادة المرأة للسيارة من عدمه، بل صار مرتبطا باستقطاب أغلى وأمهر نجوم الكرة، وحفلات مطربين ومطربات لم يكن لهم ولهن مكان تحت شمس الإسلام الوهابي الحارقة”.
وأضاف دافقير، ضمن مقال تحليلي له، يومه (الجمعة)، أن “ما تقوم به المملكة العربية السعودية من بوابة الكرة رائع، ونحن شهود عصر على أكبر عملية إعادة هندسة مجتمع بشري. نجوم الكرة العالميون يساهمون في صناعة تاريخ سياسي جديد للخليج، بعدما صنعوا للكرة مجدها في الملاعب الأوروبية”.
وأوضح المصدر ذاته، أن “الأمر يختلف عن التجربة القطرية في كأس العالم، في مونديال قطر 2022، حيث كنا أمام مشروع تسويقي محدود قي الزمن ( عمر المونديال)، وفي مساعي تدويل البطولة السعودية ينتصب أمامنا مشروع تسويق ممتد في زمن أطول من الزمن القطري”.
ومن ناحية أخرى، يضيف دافقير، فـ”إن قطر سوقت عبر الكرة صورة بلد يرتكز إلى مجتمع مستقر في محافظته، بينما تبدو الأدوات الكروية في السعودية وسيلة لتسويق بلد قيد التغير وإعادة التشكيل، ولم تتوجه رؤية السعودية 2030 إلى تحويل البنيات الاقتصادية فقط، بالموازاة مع ذلك هناك عمليات كبرى لتغيير بيئة الإنسان السعودي وعقليته، وتصور الآخرين عنه”.
واعتبر المتحدث ذاته، أن “نجوم الكرة العالميون يساهمون في أكبر عملية تحول مجتمعي تشهده منطقة الشرق الأوسط، يمكنهم أن يلعبوا الكرة في أي مكان كما لعبوها في أزقة طفولتهم، لكن الفرص العظيمة في التاريخ ناذرة ولا تتكرر دائما”.
واعترفت السعودية، بحسبه، “بمسؤوليتها عن انتشار الإسلام الوهابي وما نتج عنه من تطرف راديكالي، وانخرطت في توازنات جديدة بين الدنيا والآخرة، لقد تغير السعوديون بفضل النمو الديمغرافي والثروة والتكنولوجيات الحديثة، ولذلك أجبروا نظامهم الايديولوجي على أن يتغير”.
ويرى الصحافي المغربي، أن “فرنسا التاريخية تقدم نموذج مجتمع يتغير من تحت بسبب تحول بنياته الاقتصادية، والإنجليز قدموا في تاريخهم نموذج التغيير من فوق بواسطة القوانين، في الواقع تجمع السعودية بين التغييرين من تحت ومن فوق”.
وأضاف، “لم يعد ولي العهد السعودي ذاك الرجل الذي قدمه بعض الإعلام الغربي على أنه مولع بألعاب القتال، ولا صاحب المنشار … هو اليوم صورة القائد المثالي في أعين الغرب، صورة ولي عهد يقود مملكته نحو مجتمع الحرية والمتعة والفرجة والثراء..”.
تلك صكوك غفرانه، وكذلك كان
وتابع يونس دافقير، بأن “محمد بنسلمان ليس صائد نجوم الكرة فقط، هو يصطاد الفرص الجيوستراتيجية كذلك، مصالحته مع إيران وانفتاحه على التطبيع مع إسرائيل يعيدان صياغة شرق أوسط جديد، مستشهدا بكلام دبلوماسي مغربي رفيع: “نحن أمام عقلية شرق أوسطية جديدة تختلف عما اعتدناه كلاسيكيا، على المغرب أن يعيد قراءة المنطقة جيدا”.
وخلص إلى أنه “يحق للعرب والمتعاطفين معهم أو المتعايشين معهم من الأعراق الأخرى أن يفخروا بما تنجزه قطر والإمارات والسعودية في منطقة الخليج وما تمسك به من خيوط اللعبة الدولية، لقد انتهى زمن “الحكرة” الغربية، ولم تعد شعوب المنطقة وكالة من غير بواب”.
وأضاف، “يطرح سؤال؛ أين الديمقراطية من كل هذا؟ جوابي يقوله أرسطو وهو يؤكد أن “كل دولة ( نظام سياسي) تحمل في أحشائها عناصر فنائها”، وأن ما يعتمل اليوم في أعماق المجتمعات الخليجية سيسقط يوما الاستبداد السياسي مثلما أسقط اليوم السجون الايديولوجية التي اعتقلت الإنسان الخليجي زمنا طويلا”.
تعليقات الزوار ( 0 )