Share
  • Link copied

خريف نظام جنيرالات الجزائر

استوقفتني صرخة مواطن جزائري مكلوم ليس لأنه فقد اباه أو أمه او أخاه أو حبيبته وانما لأنه يشعر بفقدان الأمل في وطن يحميه. تلك الصرخة التي أطلقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا زال رنينها يتردد في أذني من كثرة حسرته على مصير بلاده الذي سرق حكامه أحلامه وأحلام كل الجزائريين.

وعلته في ذلك الطفرة النوعية التي حققها المغرب الذي أصبح قوة في المنطقة يضرب له ألف حساب بفضل ما حققه من انجازات أبهرت العالم كله وأصبح محط أنظار كل الشعوب ونموذجا يحتذى به خاصة في مجال مكافحة جائحة كورونا.

ولم أكن أرغب أن أعلق على كلام هذا المكلوم الذي كان مليئا بالاستعلاء تارة وبالانتكاسة تارة. فكلامه كان يتمحوركله حول تفوق المغرب على بلاده ويردد مثل هذه العبارة ” كيف أصبح المغاربة الذين كنا لا نعير لهم اي اهتمام يحظون بتقدير عالمي وتمكنوا من تجاوز أزمة الجائحة بنجاح منقطع النظير وأن الجزائر لا تزال تتخبط تخبط عشواء وعاجزة على توفير لمواطنيها أدنى وسائل الوقاية”. و قد اعتبرت ذلك الكلام مجرد ردة فعل مواطن جزائري يغير من المغرب أسوة بالعديد من أبناء جلدته.

لكن لما تجرأ نظام الطغمة العسكرية على استفزاز المغرب شعرت بأن جيراننا في الشرق والذين نعتبرهم أشقاء ويربطنا نفس المصير ونتقاسم نفس الخصوصيات كمغاربيين يجمعنا تاريخ مشترك ودين واحد ونفس اللغات والمكونات الاجتماعية أمازيغ وعرب، لا يبادلوننا نفس الشعو.

ففي الوقت الذي ضحى فيه المغرب بأمواله وأرواح ابناءه في أواخر الخمسينات وبداية الستينات من أجل استقلال الجزائر واليد المغربية الممدودة لحكام هذا البلد حاليا من أجل تجاوز الخلافات و مد جسور التعاون للارتقاء الى طموح الشعبين الذين لا تفرقهما الا الخلفيات السلبية التي تطغى على حكام هذا البلد الجار نلاحظ أن هؤلاء لا يهمهم سوى الاساءة الى المغرب.

فمحاولة ركوب الطغمة العسكرية على زلة لسان القنصل العام المغربي بوهران وإعطائها أبعادا مغايرة للحقيقة، أنما الغرض منها اتخاذها كطوق نجاة لتصريف أنظار المواطن الجزائري على فشل هذا النظام في مختلف المجالات، ومطية لشرعنة وجوده وتجاوز الخلافات الداخلية التي قد تعصف به من حين لآخر بسبب احتكارها للسلطة بالقوة ضدا على ارادة الشعب الذي ظل مرابطا في الشارع لمدة تربو عن سنة من أجل تغيير النظام واختيار حكامه بطريقة ديموقراطية والتخلص من طغمة الجنيرالات الدين افقروه وأجهزوا على البلاد كله. أن عقدة المغرب كانت على الدوام و ستظل شوكة في حلق هذا النظام الى أن ينعتق الشعب الجزائري من سطوته و جبروته.

وهذه العقدة لها ما يبررها وتتعدد مسبباتها بعراقة الدولة المغربية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ وبالتلاحم الراسخ الذي يربط المواطن المغربي بمؤسساته وبالتقدم الهائل الذي أحرزه المغرب في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية وبالخيرات التي يزخر بها ولاستقرار الذي يتمتع به وما الى ذلك من مظاهر الحياة.

هذه الحقائق كانت ولا تزال تورق هذا النظام الذي بذل كل ما بوسعه لإيهام الشعب الجزائري بأن المغرب عدو لذوذ. وما زاد من توجس الطغمة العسكرية هو وعي الشعب الجزائري الذي انتفض ضدها ولم تهدأ قط جذوة حماسه. صحيح ان النظام استغل وباء كورونا لإخماد الثورة لكن عزيمة الشعب وارادته في التخلص من النظام الذي جثم على صدره لما يزيد عن ستين سنة، لم تخمد بعد الأمر الذي يؤشر على خريف نظام الطغمة العسكرية التي برهنت عن فشلها أن على المستوى الداخلي او الخارجي. فعلى المستوى الوطني فشل في رفع المعاناة على الشعب الذي يعاني من الفقر المدقع بالرغم من كون الجزائر بلد غني بالثروات الطاقية.

وقد انكشفت سوءة هذا النظام في فشله في تدبير جائحة كورونا على خلاف المغرب الذي برهن عن علو كعبه في هذا المجال كما أسلفنا الذكر. أما على المستوى الخارجي، فان النظام في هدا البلد أصبح محل انتقاد معظم الهيئات الدولية والإقليمية بسبب انتهاكات حقوق المواطن الجزائري الاقتصادية والسياسة. هذا ناهيك عن الصراعات الثنائية حشر نفسه فيها خاصة مع المنابر الصحفية التي تحاول تكشف عن الوجه الحقيقي لها.

*أستاذ باحث ورئيس المجلس الفيدرالي المغربي الألماني بألمانيا

Share
  • Link copied
المقال التالي