في ظل التطورات السياسية المتسارعة التي أعقبت حرب غزة الأخيرة، عادت القضية الفلسطينية إلى واجهة النقاش الدولي، مما أثار ردود فعل متباينة من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، يقدم محمد شقير، المحلل والباحث في العلوم السياسية، قراءة عميقة لتصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وللخطاب الإسرائيلي الذي يروج لفكرة نقل سكان غزة إلى دول عربية، بما في ذلك المغرب.
الشعبوية الأمريكية وغياب الرؤية السياسية
ويرى شقير في تصريح خص به جريدة “بناصا”، أن تصريحات ترامب الأخيرة، والتي تدعو إلى نقل سكان غزة إلى دول عربية، تدخل ضمن إطار فكره الشعبوي ونهجه كرجل أعمال أكثر منه كرجل دولة.
ويشير إلى أن مثل هذه الأفكار تفتقر إلى العمق السياسي والاستراتيجي الذي يتطلبه التعامل مع قضية معقدة كالقضية الفلسطينية.
“ترامب يتعامل مع القضية الفلسطينية كصفقة تجارية، وليس كقضية سياسية وإنسانية تتطلب حلولاً عادلة ومستدامة”، يقول شقير.
ويضيف أن مثل هذه التصريحات لا تأخذ بعين الاعتبار التعقيدات الجيوسياسية للمنطقة، ولا تلتفت إلى حقيقة أن استقرار الشرق الأوسط مرهون بحل عادل للقضية الفلسطينية.
ويؤكد محمد شقير، أنه “لا يمكن الحديث عن سلام في المنطقة دون التفاوض مع الفلسطينيين والاعتراف بحقوقهم السياسية”.
الصحافة الإسرائيلية والسفسطة السياسية
ويتطرق شقير أيضاً إلى تغطية الصحافة العبرية لقضايا مثل نقل سكان غزة، ويرى أن هذه التغطيات تدخل في إطار “السفسطة السياسية” التي تهدف إلى تشويه الحقائق وإثارة الفوضى.
ويقول شقير: “هذه التقارير ليست سوى محاولة لتحويل الانتباه عن جوهر القضية، وهي ضرورة التفاوض مع الفلسطينيين وحركاتهم السياسية”.
ويشير إلى أن مراسيم تسليم الأسرى التي تمت مؤخراً قد كرست شرعية حركات المقاومة الفلسطينية، وأكدت على ضرورة الاعتراف بها كأطراف سياسية فاعلة.
وأضاف: “هذه الخطوة تؤكد أن أي حل سياسي يجب أن يأخذ بعين الاعتبار وجود هذه الحركات ودورها في المشهد السياسي الفلسطيني”.
المغرب والرفض القاطع للاقتراحات الأمريكية
وفيما يتعلق بالحديث عن نقل سكان غزة إلى المغرب أو دول عربية أخرى، يرى الشقير أن هذه الفكرة هي “ضرب من الدجل السياسي”.
ويشير إلى أن دولاً عربية مثل الأردن ومصر قد رفضت هذه الاقتراحات بشكل قاطع، فكيف يمكن للمغرب، الذي يبعد جغرافيا عن المنطقة، أن يقبل بها؟.
وبحسبه، “المغرب من أكثر الدول العربية التي انتقدت السياسة الإسرائيلية العدوانية، رغم الاتفاقيات الدبلوماسية التي تجمعه مع إسرائيل”.
ويؤكد أن ربط تقارير الصحافة الإسرائيلية بين توطين سكان غزة في المغرب أو الصومال هو “انتقاص كبير لسيادة الدولة المغربية”.
و”مقارنة المغرب بكيان مثل صومالاند، الذي لا يزال يبحث عن شرعيته الدولية، هو أمر غير مقبول ويظهر مدى سطحية هذه التقارير”، يضيف شقير.
الصمت المغربي كردٍّ دبلوماسي
وفي ختام حديثه، يرى شقير أن صمت الدبلوماسية والإعلام المغربي تجاه هذه التصريحات هو “أحسن جواب” يمكن تقديمه.
ويشدد، “الصمت هنا ليس ضعفاً، بل هو تأكيد على أن مثل هذه الأفكار لا تستحق الرد، وأن المغرب يرفض أن يُجرّ إلى نقاشات سياسية لا أساس لها”.
ويخلص إلى أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في التفاوض والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وليس في التلاعب بالحقائق أو نشر الأفكار الشعبوية التي تفتقر إلى أي أساس واقعي أو سياسي.
وتظهر تصريحات ترامب والتغطية الإسرائيلية لقضايا مثل نقل سكان غزة مدى تعقيد المشهد السياسي في الشرق الأوسط. وفي ظل هذه التحديات، يبقى الحل العادل للقضية الفلسطينية هو المفتاح الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
كما أن موقف المغرب الرافض لهذه الاقتراحات يؤكد على التزامه بمبادئ السيادة والكرامة الوطنية، وهو موقف يستحق الإشادة في ظل هذه الظروف السياسية المضطربة.
تعليقات الزوار ( 0 )