دعا عدد من كبار المسؤولين الأفارقة وممثلي منظمات دولية معنية بقضايا الهجرة، الأربعاء، إلى التطبيق الفعال لمضامين الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة(ميثاق مراكش)، معتبرين أن الأمر يتعلق بتحدّ كبير يتعين رفعه في زمن الجائحة.
واستعرض المشاركون، بمناسبة افتتاح أول مؤتمر بين حكومي من أجل البحث الإقليمي بشأن تنفيذ الميثاق العالمي لهجرات آمنة ومنظمة ومنتظمة، بمبادرة من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، والمنظمة الدولية للهجرة وشبكة الأمم المتحدة المعنية بالهجرة، مختلف المراحل التي مهدت لإعداد ميثاق مراكش، وكذا التحديات الرئيسية التي يتعين مواجهتها في مجال الهجرة على مستوى القارة، في سياق تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
وهكذا، أكدت نائبة الأمين العام، والأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، فيرا سونغوي، في كلمة تُليت بالنيابة عنها خلال هذا المؤتمر، المنعقد بشكل افتراضي برئاسة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن “الهجرة لعبت دورا حاسما في النمو الاقتصادي” للدول، مشددة، في هذا الصدد، على أن المهاجر يظل “رافعة أساسية للاقتصاد العالمي، وخاصة الإفريقي”.
وبلغة الأرقام، أشار المسؤولة إلى أن “الهجرة في إفريقيا زادت بنسبة 76 في المئة من 15 مليون مهاجر عام 2000 إلى 26.5 مليون عام 2019″، مبرزة أن معظم هؤلاء المهاجرين أي 75 في المئة تنقلوا داخل القارة.
وأضافت السيدة سونغوي أن الهجرة والتنقل البشري مرتبطان بتنمية المبادلات التجارية، مشيرة إلى أن منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية ، التي تم تفعيلها في مطلع يناير 2020، عززت تبادل السلع وحركية الأشخاص على المستوى القاري.
ومع ذلك، أعربت المسؤولة عن أسفها لأن “هذا التقدم كان محدودا بسبب تفشي جائحة كوفيد-19، معربة عن عزم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا على “تعزيز التعاون مع جميع البلدان الإفريقية بغرض توطيد السياسات والبرامج الإقليمية في مجال الهجرة”.
من جهته، أكد المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أنطونيو فيتورينو، أن “ميثاق مراكش” هو دليل أساسي لتعزيز مزايا الهجرة ورفع تحدياتها من خلال التعاون الدولي، داعيا إلى اعتماد نهج شمولي لتنفيذ الاتفاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة.
وقال، “يجب أن نضمن، أثناء تنفيذ الميثاق، احترام النهج الشمولي وتشجيعه”، معربا عن أمله في أن يسلط هذا اللقاء الضوء على الأهداف الـ 23 لميثاق مراكش، وعلى الطريقة المثلى للمضي قدما نحو تنفيذها بشكل كامل.
وأبرز السيد فيتورينو أن جائحة كوفيد-19 سلطت الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه المهاجرون في تعزيز مجتمعات صحية ومزدهرة ومندمجة.
وأشار السيد فيتورينو، الذي يشغل أيضا منصب منسق شبكة الأمم المتحدة حول الهجرة، إلى أن “الجائحة كشفت أوجه القصور في بعض سياساتنا وممارساتنا الحالية”، مضيفا أنه “في إفريقيا، تشير التقديرات إلى أن الاضطرابات في مجال تحويل الأموال إلى بلدان المقصد، فضلا عن قيود الإغلاق، ستؤدي إلى انخفاض بنسبة 5,4 في المائة في التحويلات المالية في سنة 2021 لوحدها، أي ناقص مليار دولار”.
واعتبر المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أن الجائحة كانت لها أيضا آثار إيجابية غير متوقعة، حيث “دفعت بعض الحكومات الإفريقية إلى توسيع الخدمات الأساسية، بما في ذلك الخدمات الصحية لفائدة المهاجرين”.
وشدد على ضرورة الولوج العادل والمنصف إلى اللقاحات المضادة لكوفيد-19 للحد من تداعيات الجائحة وتأثيرها على السكان المحليين والمهاجرين في جميع أنحاء العالم.
من جهتها، استعرضت مفوضة الشؤون الاجتماعية بمفوضية الاتحاد الإفريقي، أميرة الفاضل، الجهود المبذولة على مستوى المنظمة الإفريقية للنهوض بخطة العمل من أجل تدبير الهجرة على المستوى القاري.
وأعربت المسؤولة، في هذا الصدد، عن انخراط مفوضية الاتحاد الأفريقي في تفعيل ميثاق مراكش، الذي “يعكس تطلعات الشعوب”، مشيرة إلى أن التنفيذ الفعال لهذا الميثاق يواجه العديد من التحديات، منها تعبئة الموارد المالية والكفاءات، وكذا الحد من آثار جائحة كوفيد -19 التي “عطلت جميع جوانب حياتنا”.
وأكدت السيدة الفاضل على ضرورة بذل مزيد من الجهود للتغلب على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للجائحة، وذلك بالموازاة مع التفكير في كيفية تعبئة الموارد، وكذا الدعم السياسي للدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لإدماج الميثاق ضمن القوانين الوطنية.
من جانبه، اعتبر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، فيليبي غونزاليس موراليس، أن ميثاق مراكش حول الهجرة هو مبادرة كبرى تتطلب التعاون بين جميع الأطراف المعنية لتنزيل أهداف الميثاق بشكل ناجع وفي إطار “عمل تعاوني”.
وبخصوص تأثير كوفيد-19 على المهاجرين، أشار السيد موراليس إلى تراجع حقوق هذه الفئة، مشددا، في المقابل، على أن الجائحة “يجب ألا تُستخدم، بأي حال من الأحوال، كذريعة لعدم القيام بما هو ضروري بغية التنفيذ الأنجع لميثاق مراكش”.
من جهته، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال هذا المؤتمر، إن إفريقيا تتموقع كفاعل مركزي في تنفيذ ميثاق مراكش.
وشدد الوزير على أنه “على الرغم من أن الهجرة الإفريقية تظل موصومة ومحملة بالأفكار المسبقة والمفاهيم التبسيطية، فإن إفريقيا فرضت نفسها كفاعل مركزي في تفعيل الميثاق”.
ويتضمن الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، الذي تمت المصادقة عليه سنة 2018 بمراكش، 23 هدفا يتوفر كل هدف منها على دليل للمبادرات الممكنة، من قبيل تيسير الولوج إلى قنوات الهجرة وجعلها أكثر مرونة، وكذا تسهيل الولوج إلى مساطر التجمع العائلي للمهاجرين، وتقليص آجال معالجة طلبات الحصول على تصاريح العمل العادية.
تعليقات الزوار ( 0 )