أحيى المغرب ليلة أمس (الثلاثاء) الذكرى الـ20 لأعنف تفجيرات انتحارية في تاريخه، والتي كانت مدينة الدار البيضاء، مسرحا لهذه الأعمال الإرهابية، حيث أودىت بحياة 45 شخصا معظمهم مغاربة، في سلسلة تفجيرات متزامنة استهدفت 5 مواقع متفرقة، باستعمال أحزمة ناسفة، وسط مخاوف لعدد من الخبراء والمراقبين من أن يتكرر ذات السيناريو مستقبلا.
والبرغم من المجهودات الأمنية المبذولة في محاربة ظاهرة التطرف ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، والضربات الاستباقية التي تباشرها الوحدات الأمنية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، إلا أن المغرب، على غرار مجموعة من الدول، ليس في منأى عن تكرار سيناريو 16 ماي سنة 2003، لاسيما أن الخلايا النائمة تشتغل تحت الظل وتستعمل أحدث المعدات والأدوات التكنولوجيا لتنفيذ برامجها الخبيثة.
توظيف الجزائر الجماعات الإرهابية لاستهداف المغرب
الخبير في الشؤون الأمنية وقضايا الإرهاب والتطرف، محمد شقير، اعتبر”أن أهم خطأ يمكن أن يرتكبه أي جهاز أمني هو أن يعتقد أنه تم القضاء نهائيا على العمليات الإرهابية، بدليل أنه رغم كل الضربات الاستباقية التي باشرتها الفرق المتخصصة في مكافحة الإرهاب، فقد تم تنفيذ عملية “مطعم أركانة” بمراكش، وتم أيضا قتل سائحتين أجنبيتين في منطقة إمليل بإقليم الحوز.
وشدد شقير، في تصريح لجريدة “بناصا” على أنه من الخطأ الاعتقاد بأن العمليات الإرهابية لن تنفذ مستقبلا بالمغرب، خاصة وأن تنظيمات إرهابية تتحرك بشكل مكثف بدول الساحل، مع رفض النظام الجزائري أي تعاون في مراقبة الحدود بين البلدين، بل يمكن ترقب أي توظيف لهذا النظام لتنظيمات إرهابية لاستهداف الأمن الداخلي للمملكة في إطار عقيدته السياسية التي تقوم على استعداء المغرب.
وأشار المصدر ذاته، إلى أنه من “الضروري أن تطور الأجهزة الأمنية من آلياتها في ملاحقة الخلايا الإرهابية، خاصة فيما يتعلق بجمع المعلومات والتنسيق مع الأجهزة الأمنية الاستخباراتية للدول الصديقة والشقيقة لمحاربة الخلايا والتنظيمات الإرهابية”.
الفضاء الرقمي مشتل لاستقطاب وتكوين الجماعات الإرهابية
بدوره، لم يستبعد محمد أكضيض، الإطار الأمني السابق والخبير في القضايا الإجرامية، من تكرار سيناريو 16 ماي سنة 2003، لاسيما أن الخلايا النائمة تشتغل تحت الظل وتستعمل أحدث المعدات والأدوات التكنولوجيا لتنفيذ برامجها الخبيثة.
وأشار أكضيض إلى أن مدير مكتب الابحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، “أكد بصفة رسمية، في حواره الأخير خلال أسبوع ومايزيد بقليل، مع عدد من الجرائد الإلكترونية والمرئية، أن خطر الإرهاب لازال قائما وباستمرار، وخاصة من جهة دول الساحل وجنوب الصحراء، ناهيك عن خطر التطرف السريع داخل المغرب”.
وأوضح المصدر ذاته في حديث مع “بناصا”، أن “الفضاء الرقمي أصبح اليوم هو مشتل كذلك، وبصريح العبارة للاستقطاب والتكوين والتنظيم في مجال الارهاب وإعداد قنابل موجهة إرهابية بأدوات تفجيرات تقليدية محلية، وخلايا أو ذئاب منفردة تم استغلالهم من حيث اختلالهم “السيكولوجي” وهساشتهم الاجتماعية والثقافية على حد سواء”.
ولفت الخبير الأمني إلى أن” الهشاشة الاجتماعية واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، باتت ملعبا بامتياز لاختيارات الجماعات الإرهابية، وأحد معايير الاستقطاب، وذلك من خلال رصد لما تم تفكيكه في قضايا سابقة، وخاصة في صفوف الشباب، الذين يشتغلون في الغالب في مهن عادية وبسيطة لا تغني ولا تسمن من جوع”.
ظاهرة الذئاب المنفردة
وفي المقابل، يرى إحسان الحافظي، الخبير في مجال الحكامة الأمنية، “أن المقاربة الاستباقية الوقائية التي تشرف عليها المصالح الأمنية وسرعة التدخل والتفوق الاستخباراتي على مستوى جمع المعلومات الأمنية، كلها عناصر تشكل أدوات لمنع تكرار سيناريو 16 ماي”.
وأكد الخبير في مجال الحكامة الأمنية في تصريح لجريدة “بناصا” أنه ومنذ هجمات 16 ماي، تبنت المملكة استراتيجية لمكافحة الارهاب تقوم على عنصري المقاربة الامنية الوقائية الزجرية والاستباقية والمواكبة القانونية والاجتماعية للظاهرة الارهابية”.
وأضاف المتحدث ذاته، أن هذه المقاربة، “نجحت في تطويق الظاهرة وتخفيف منسوب التهديد الارهابي إلى مستويات غير مسبوقة، اخذت بعين الاعتبار تراجع عدد الخلايا الارهابية التي جرى تفكيكها خلال السنوات الخمس الاخيرة”.
وأبرز الحافظي، أن “الاستراتيجية المغربية في مجال مكافحة الارهاب، استطاعت مواكبة التحولات التي تعرفها الظاهرة، حيث انتقلت التهديدات الأمنية من أسلوب العمل الجماعي، أي الخلايا إلى أسلوب العمل الفردي، أو ما يسمى بظاهرة الذئاب المنفردة.
وأشار الخبير في مجال الحكامة الأمنية، إلى “أن الشراكات الأمنية المغربية، شاركت مع بلدان من قبل، نظير اسبانيا والولايات المتحدة الامريكية في تطوير البنية البشرية، والتقنية لمكافحة الارهاب، علاوة على تنسيق عمليات أمنية مشتركة بين البلدين”.
تعليقات الزوار ( 0 )