Share
  • Link copied

 حين انتدبتني الجزائر للحديث باسمها في الخارج!

المهدي وحده طفل داخل حجرة دراسية ، لم يكن يستجيب لرغبة أستاذ مادة  الفرنسية بمؤسسة “ليوطي” وشرطه، حيث كان يشترط الأستاذ  عنصرا واحدا للحصول على المعدل ،وذلك حتى يشيد التلميذ بالعلاقات الفرنسية المغربية ،وهو مالم يفعله المهدي اطلاقا، ويجر عليه في كل حصة دراسية وابلا من التوبيخات السياسية ،ونفس الشكل وقع له مع أستاذ مادة التاريخ، اذ كان المنجرة يحتج داخل القسم ويضرب على الطاولة عندما يتم تحريف وقائع ما، مسار طفولة وطنية الى جانب أخرى حصلت ،والتي شكلت جزءا من مرجعيته فيما يتعلق بحقوق الانسان وبمبادئ الحق والحرية والاستقلال.

وأثناء دراساته بالخارج ، كأول تلميذ مغربي في أمريكا، اشتغل المهدي المنجرة على واجهة المغرب العربي، حيث ذكر في تفاصيل سيرته أسماء حركات التحرر في كل من الجزائر وتونس، وفي يوميات عمله الديبلوماسي بمكتب المغرب، كرس المفكر المغربي جهده ووقته لخدمة بلده ودعم مجهودات الجزائريين والتونسيين في النهوض بقضية بلديهم.

ويبوح المهدي المنجرة في سياق المحكي الذاتي أنه كان اول شخص يستقبل الحبيب بورقيبة بالولايات المتحدة الامريكية، ورافقه من المطار الى القاعة التي تحتضن دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحينها قال الحبيب بورقيبة للمهدي” انك اول سفير لتونس في الخارج”، وحين فتح المكتب الجزائري ،بقيت زوجة المسؤول الجزائري “الحسين آيت أحمد ” عالقة بالقاهرة، وبعد اتصالات عديدة ،تكلف المهدي رحمه الله باتخاذ الإجراءات في إمكانية انتقالها الى الولايات المتحدة ،ونجح المهدي في توفير جواز السفر لها عن طريق السفارة المغربية والسفارة المصرية بلندن.

وتوطدت علاقات المفكر المغربي بالجزائريين الى الدرجة التي حصل فيها على تشريف من الجزائر، حيث انتدبته للحديث باسمها في المؤتمر السنوي السادس “بباركلي” بكاليفورنيا ،وقد أرسل الجزائريون برقية يفوضون فيها للمفكر المغربي الحديث في المؤتمر كناطق باسم جبهة التحرير الجزائرية، تفويضا تاما، بحيث لم يسلمه الجزائريون في الجبهة أية كلمة أو توصية أو توجيه، بل تركوا له المبادرة لاتخاذ الموقف المناسب، والتحدث بحرية في المؤتمر كممثل لجبهة التحرير الجزائرية،  وفي كلمته أمام المؤتمرين ،رفع المهدي المنجرة صوته عاليا، يحتج من خلاله بشدة على  حرب الإبادة التي تشنها فرنسا ضد الجزائر، وذلك  رفقة “المهدي بنعبود” الذي كان آنذاك سفيرا للمغرب بواشنطن، ويعتز المهدي المنجرة في سيرته الذاتية بهذا التشريف الجزائري وبأجواء الثقة وروح التعاون والأخوة التي كانت سائدة بين العرب المغاربيين.

واذا كان التاريخ سلسلة أحداث متعاقبة، فنحن ممتنون لتلك المواقف التي تأتينا على هيئة دروس وعبر ،والتي تستدعي إعادة قراءة التاريخ بعقل متبصر، في ظل حضور خاص للأفراد، باعتبارها منطلقات وامتدادات في الرؤية والخطاب والممارسة.

Share
  • Link copied
المقال التالي