في إطار مناقشته لأطروحته لنيل الدكتوراه في القانون العام، حول تحديات عالم ما بعد نهاية الحرب الباردة: مكافحة الإرهاب الدولي نموذجا، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، مختبر الدراسات السياسية والقانون العام، أكد الباحث محمد حومالك أن مكافحة الإرهاب هي من أجل السلام وبناء المجتمعات، وأضاف أن تحقيق هذه الغاية لا يقتضي فقط رصد الآليات القانونية والسياسية والمؤسساتية، بل عملية المكافحة هي عملية بالإضافة إلى البعد القانوني والسياسي تستدعي كذلك مقاربات منظوماتية كعلم النفس وعلم الاجتماعي وغيرها.
مردفا أن البحث في إحدى أخطر الظواهر المهددة لأمن الدول والمجتمعات، كانت فرصة لسبر أغوار هذه الظاهرة التي أرعبت مختلف الكيانات وراح ضحيتها ملايين الأبرياء، في ظل ما نشهده اليوم من تنامي مستمر للإرهاب حيث لا تخلوا أي منطقة في العالم بمنأى عن التهديد الإرهابي، لا الدول الديمقراطية بمنأى عن الارهاب ولا غيرها عرضة للإرهاب وحاضنة له.
مبرزا مدى أهمية الآليات القانونية والمؤسساتية والعسكرية والسياسية في تحقيق مكافحة فعالة للإرهاب من عدمها، لا سيما في ظل الممارسات الدولية التي أبانت عن توجه براغماتي في التعامل مع قضية الإرهاب الدولي، مسردا أن الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب تظل في غاية الأهمية وهنا تبرز أهمية القانون الدولي في تأطير الظواهر الدولية كالإرهاب مثلا، غير هذا التأطير لا يعني تعبير القانون عن كل شيء، بتعبير آخر أن الإطار القانوني الدولي لمكافحة الإرهاب رغم أهميته إلا أن الواقع الدولي يبرز قانون آخر له تأثير كبير ويتعلق الأمر بقانون القوة.
وخلص إلى أن النظام الديمقراطي غير محصن من الإرهاب، يضاف إلى ذلك أن الدول الغير الديمقراطية ليست دائما دول حاضنة للإرهاب؛ لكن الدول الديمقراطية والمؤثرة في صناعة القرار الدولي هي أكثر الدول تعرضا للإرهاب من غيرها؛ ويبدو واضحا أن تغليب المقاربة العسكرية على المقاربات الأخرى كالمقاربة الاقتصادية والاجتماعية، ساهم في تنامي الإرهاب وأضاف إلى ذلك أن تنامي الإرهاب الدولي لا يمكن أن نربطه فقط بالتوظيف السياسي وصناعة الإرهاب، بل هناك عوامل أخرى ترتبط على وجه التحديد بطبيعة الظاهرة الإرهابية. وعبر أيضا أن المجتمع الدولي لم يفشل فقط في تحديد ماهية الإرهاب وإنما فشل أيضا في تحقيق مكافحة فعالة للإرهاب الدولي.
وأقر بصريح العبارة أن المكافحة الفعالة للإرهاب تتطلب أولا: وضع تعريف دقيق لمصطلح الإرهاب وتحديد المفهوم إجرائيا، وذلك ضمن اتفاقية دولية شاملة تحيط بطبيعته وتحدد ماهيته، وأفاد أنه لا تخطئ عين الدارس أن دلالة مصطلح الإرهاب قد اختفت من فرط تواجده على السطح وكثرة تداوله في الخطاب، وحتى لو افترضنا أن ذلك قد تم، فإن التعريفات مهما نقحت فليس بمقدورها إنقاذ الأرواح ولا وقف أنهار الدماء.
لذلك فلا غنى عن تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب الدولي، وتجاوز كل الاعتبارات السياسية عندما يتعلق الأمر بتدبير أو إجراء يرمي إلى تسليم مرتكبي الجرائم الإرهابية، وهو أمر دونه صعوبات كثيرة، حيث يستدعي إحداث آليات مؤسساتية على الصعيد الدولي تقوم بأدوار اكثر فاعلية في مجال مكافحة الإرهاب؛
واختتم بالقول أن المكافحة الفعالة للإرهاب الدولي، تقتضي ثانيا وجود إرادة معبر عنها من طرف مختلف الفاعلين الدوليين على مستوى الممارسة الدولية لمواجهة المخاطر الناجمة عنه، وذلك ببحث أسبابها والعمل على معالجتها، مع اعتماد مقاربات شمولية تأخذ بعين الاعتبار ضرورة إقرار السلم والأمن الدوليين، بعيدا عن الاعتبارات السياسية التي أثبت الواقع الدولي عن نتائجها العكسية.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة المناقشة تشكلت من الحسن الوارث، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق فاس رئيسا ومشرفا، ورشيد المرزكيوي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس مقررا، وزهرة الهياض أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق اكدال بالرباط مقررا، وعبدالقادر لشقر، أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بتازة عضوا.
تعليقات الزوار ( 0 )