Share
  • Link copied

حوار صحفي لأول امرأة تقود المجلس الإسلامي ببريطانيا يثير عاصفة من الجدل

تحول حوار صحفي للرئيسة الجديدة لمجلس مسلمي بريطانيا زارا محمد، مع الإذاعة الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إلى مادة تثير الكثير من الجدل بسبب مضمونها الذي كان من المفترض أن يقدم الرئيسة الجديدة لأكبر هيئة إسلامية بالمملكة المتحدة باعتبارها أول سيدة تصل لهذا المنصب، ولكنه أفضى إلى نقاش حول إمامة المرأة للصلاة.

وفوجئت رئيسة مجلس مسلمي بريطانيا بتحول النقاش في برنامج “ساعة النساء” بالإذاعة الرابعة، من الحديث عن مشاريعها لخدمة الأقلية المسلمة والمجتمع البريطاني، إلى حوار مواجهة ينصب حول موضوع إمامة المرأة، ورغم تأكيد زارا محمد أن منصبها ليست له علاقة بتقديم الآراء في القضايا الدينية، إلا أن المذيعة “إيما بارنيت” أصرت على إعادة السؤال 4 مرات وبشكل حاد.

وما كادت الحلقة تنتهي حتى انهالت الانتقادات على مقدمة البرنامج، باعتبار أنها لم تتعامل بالشكل المطلوب مع زارا محمد، كما أنها حادت عن الهدف الرئيسي من اللقاء.

وبعث أكثر من 100 أكاديمي ومثقف وسياسي بريطاني رسالة احتجاج لشبكة “بي بي سي” يحتجون فيها على هذه الحلقة، ويعتبرون أنها “تروج للكثير من الصور النمطية حول المرأة المسلمة”.

جهل بالإسلام

حالة من الإحباط سادت صفوف الأقلية المسلمة، وهم يتابعون حلقة برنامج “ساعة النساء” مع زارا محمد، ففي وقت كانوا يتوقعون أن يتم الاحتفاء بهذا “الإنجاز” لكون شابة لم تتجاوز عقدها الثالث تقود مؤسسة تنضوي تحتها 500 جمعية مسلمة، فإذا بهم يفاجؤون بحوار حول إمامة المرأة، وتقديم معطيات غير دقيقة حول الموضوع، ومحاولة لإحراج زارا في موضوع ليس من اختصاصها.

ومن بين الموقعين على رسالة الاحتجاج الموجهة لهيئة الإذاعة البريطانية عدد من البرلمانيين من حزبيْ العمال والمحافظين، إضافة لمثقفين، وممثلين عن جمعيات مدنية وإسلامية في بريطانيا. وجاء بالرسالة أنه رغم تأكيد زارا محمد أن المواضيع الدينية ليست من اختصاصها، وأن دورها هو قيادة منظمة للمجتمع المدني، أصرت المذيعة على نفس السؤال.

وأضافت الرسالة أن المقابلة “عكست أسلوبا ونبرة حادة وكأنها مساءلة لأحد السياسيين عوض الاعتراف الحقيقي بما تمثله المرأة المسلمة في بريطانيا” منبهة لكون المذيعة تحدثت عن مفهوم رجال (علماء) الدين في الإسلام “وهو مفهوم غير موجود ويعكس جهلا بالإسلام ونقصا في المعرفة الضرورية للتعامل وفهم الجاليات المسلمة في بريطانيا”.

وانتقدت الوثيقة ما وصفته بغياب التمثيلية في شبكة “بي بي سي” لتمثيل المرأة المسلمة فيما يتعلق بسياسة التوظيف داخل الشبكة، وأيضا توظيفهن في مناصب قيادية.

وفي رده على هذه الرسالة، أكد البرنامج أنه يقدر اختلاف الناس مع مضمون البرنامج في بعض الأحيان و”نؤمن أنه من حق كل برنامج أن يتعرف ويناقش كل القضايا التي تواجه المسلمين في بريطانيا” مؤكدا لأصحاب الرسالة أن القائمين على البرنامج سيأخذون بعين الاعتبار الملاحظات الواردة، وسوف يراجعون طريقة التعامل مع مثل هذه القضايا.

وبخصوص تمثيلية المرأة المسلمة في شبكة “بي بي سي” أقر مديرها العام تيم دافي أن نسبة الموظفين المسلمين بالمؤسسة مازال منخفضا “وتحسين تمثيل موظفينا أولوية رئيسية لي وفريقي التنفيذي”.

من المسؤول؟

ترى منى إسحاق عضوة الكتلة العربية بحزب العمال أن استمرار الصور النمطية عن الإسلام والمرأة المسلمة خصوصا يتحمل مسؤوليتها بشكل جزئي الجاليات المسلمة “لأننا لا نقوم بالجهد الكافي لتقديم الصورة الحقيقية للمرأة المسلمة”.

وانتقدت السياسية البريطانية “الانسلاخ عن الهوية الإسلامية لدى بعض أبناء الجالية المسلمة” لأن هذا يؤدي إلى إضعاف الصوت المسلم، “وبالتالي فالأجنبي يتعامل مع ما يجده أمامه من أفكار مسبقة وتبقى دون تصحيح”.

وتعتبر منى إسحاق أن أول ما يجب التركيز عليه هو إقناع الأقلية المسلمة بالافتخار بهويتها الدينية وإظهارها دون مركب نقص حينها “سوف يأتي الآخر ليتعرف علينا ولن يكتفي فقط بالاستماع لأفكار مسبقة”.

ومن خلال تجربتها السياسية ومشاركتها بعدد من الاستحقاقات السياسية تؤكد منى إسحاق أن بعض البريطانيين “مازالوا يحملون أفكار المستعمر، وفي حال وجدوا أمامهم شخصيات ضعيفة فإنهم يكرسون الصور النمطية حول المسلمين والأقليات” مشددة على الحاجة لتكوين الشباب والنساء على “الثقة في النفس والقوة في الدفاع عن الحقوق لأن هذا هو السبيل لإيصال أصواتنا وإلا سوف تستمر الصور النمطية في الإعلام حول المرأة المسلمة”.

استهداف مقصود

وبكثير من الإحباط، يتحدث محمد كزبر، عضو مجلس مسلمي بريطانيا، عن الطريقة التي تم بها التعامل مع زارا محمد فـ “هي ذهبت للقاء لتقديم مشروعها لخدمة الأقلية المسلمة وكذلك المجتمع البريطاني والحديث عن وصولها لهذا المنصب، فإذا باللقاء يتحول إلى استنطاق حول إمامة المرأة”.

وأكد كزبر أن زارا محمد ليست مرشدة دينية وليست من الجهات التي تسأل عن هذا الموضوع “ولهذا السبب خلف الحوار استياء لدى الكثير من الأكاديميين الغربيين والجمعيات المدنية”.

ووصف ما حدث بأنه انحياز “عوض التركيز على الخبر الإيجابي، وهو وصول سيدة شابة لرئاسة أكبر منظمة إسلامية في بريطانيا، تم التركيز على موضوع خلافي يحتاج نقاشا مطولا”.

واختتم عضو المجلس الإسلامي بأنه تم التعامل مع زارا محمد بمنطق ازدواجية المعايير “ومحاولة جرها لموضوع لا يشكل أي أولوية للأقلية المسلمة، عوض التركيز على قضايا مهمة مثل الإسلاموفوبيا ووباء كورونا”.

Share
  • Link copied
المقال التالي