لا يمكن الحديث عن أسود الأطلس دون الوقوف عند نجم هذا المنتخب أشرف حكيمي، بصفته “مفتاح” الانتصارات التي يحققها المغرب في نهائيات كأس الأمم الأفريقية بالكاميرون، والتي سجل خلالها لاعب باريس سان جرمان حتى الآن هدفين، كان آخرهما ضد مالاوي عبر تسديدة سحرية من ركلة حرة، لم تترك لحارس الفريق الخصم أية فرصة للتصدي لها.
وهذا الأمر يُؤكده مُدرب الأسود وحيد خليلوزيتش، فحكيمي بالنسبة له: “لاعب مفتاح، يمكنه تغيير مجرى المباراة في أي وقت”، بل هو “واحد من المواهب العظيمة وأفضل لاعب في العالم بمركزه” يشيد المدرب الفرنسي البوسني بمهارات أقوى العناصر في تشكيلته.
وقوة هذا اللاعب الأنيق في الأداء، يلخصها المختصون في أنه يحسن الدفاع والهجوم في نفس الوقت كظهير أيمن. ويعتبرُ مبابي، وهو زميله في باريس سان جرمان، أنه الأحسن عالميا بهذا الموقع. كما يُجيد حكيمي اللعب في أكثر من مركز، وهو ما يتيح لمدربيه استثمار طاقاته في أماكن مختلفة من رقعة الميدان، إضافة إلى تميزه بتمريراته الذكية وتسديداته المركزة التي عادة ما تركن في شباك الخصم.
من ضواحي مدريد إلى النجومية
ولد حكيمي في 1998 في خيتافي بضواحي العاصمة الإسبانية من والدين مغربيين، وهي بلدة صغيرة يستقر فيها العديد من المهاجرين القادمين من مناطق مختلفة من العالم. التحق في سن جد مبكر بفريق “كولونيا أوفيجيفي” الذي يمثل حي سكنى والديه، لكن كان يملك مهارات متقدمة بالنظر لعمره، جعلت أعين الفرق تترصده، قبل أن تتلقفه أكاديمية ريال مدريد في 2006 التي سيطور فيها أداءه أكثر، وسينجح في 2017 في كسب ثقة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان الذي كان يشرف وقتها على تدريب النادي الملكي.
بهذه الفرصة، منح زيزو “للغزال” كما كان يلقبه رفاقه في الأكاديمية، مفتاح الاحترافية وبداية حجز مكان ضمن كبار نجوم الكرة في العالم. فكانت مواجهة الريال لإسبانيول أول مقابلة رسمية له في فريق العاصمة الإسبانية الذي أحرز معه كأس العالم للأندية ولقب دوري أبطال أوروبا، وسرق خلال هذه المدة القصيرة التي قضاها فيه الأضواء عربيا وأوروبيا.
وفي 2018 انتقل حكيمي لبروسيا دورتموند الألماني حيث أمضى عامين على سبيل الإعارة، أكد من جديد خلالها أهليته ليكون ضمن تشكيلة من تشكيلات الأندية الأوروبية القوية.
وبعد لعبه في الفئات الصغرى للمنتخب المغربي بداية من 2016، وبروز اسمه أوروبيا، كان من الطبيعي جدا أن يتم استدعاؤه لتعزيز صفوف أسود الأطلس، وهو ما حصل، إذ سجل أول هدف له مع المنتخب المغربي ضد مالي في إطار التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 2018.
وفي 2020، وقع عقدا مع نادي إنتر ميلان مدته خمس سنوات قبل أن يسارع باريس سان جرمان لافتكاكه من النادي الإيطالي لتدعيم خطي دفاعه وهجومه، وهكذا حط النجم المغربي في يوليو/تموز 2021 الرحال بنادي عاصمة الجن و الملائكة إلى جانب نجوم الكرة العالمية: ميسي، مبابي، نيمار وغيرهم، حيث يكتب سجلا جديدا من الإنجازات في مشواره الكروي.
وإضافة إلى جنسيته المغربية، يحمل حكيمي الجنسية الإسبانية أيضا، وهو متزوج من الممثلة الإسبانية التونسية هبة عبوك، ولهما طفل واحد وينتظران طفلهما الثاني، الذي قد يرى النور خلال نهائيات كأس الأمم الأفريقية كما نشر ذلك موقع فرنسي، استنادا إلى صور لعبوك نشرتها على إنستاغرام، تظهر فيها حملها معلقة: “أعد الأيام أو الساعات” في إشارة لقرب موعد الولادة.
سحر في التسديد:
سحر حكيمي جماهير المنتخب المغربي ومعهم عشاق اللعبة العرب بتسديداته الجميلة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية، ما زاد من شعبيته. فلم يكد حكم مقابلة المغرب/ مالاوي في الدور ثمن النهائي يعلن نهاية اللقاء بتأهل الأسود بهدفين مقابل هدف واحد حتى اشتعلت مواقع التواصل بتعليقات المعجبين بلاعب باريس سان جرمان وركلته الحرة المركزة التي وضعت حدا لأحلام الفريق الخصم في التأهل.
وكمثال، نشر الإعلامي المغربي جواد الطويل تدوينة على فيس بوك كتب فيها: “أشرف حكيمي نجم أسود الأطلس بدون منازع.. نتمنى حظا موفقا لمنتخبنا الوطني في الأدوار القادمة.. “، مرفوقة بصورة له مع الظهير الأيمن للأسود. كما أن مواقع ومشاهير المعلقين العرب دخلوا على خط الإشادة بأداء الدولي المغربي.
موقع “سبورت 360 عربي” الإماراتي، علق على وجود أحد نجوم باريس سان جرمان ضمن المنتخب المغربي كاتبا: “حكيمي لديكم لا خوف عليكم”، أما المعلق التونسي المعروف رؤوف بن خليف، فذكر متتبعيه على تويتر بأنه كان “السباق إلى إعلان أن أشرف حكيمي سيكون أفضل مدافع أيمن في العالم وما تقمصه لألوان أندية عالمية من الصف الأول… إلا تأكيد على قيمته العالمية… أسد مغربي يتسيد في العالم”.
كما انبرى البعض للإشادة بتواضعه وتمسكه بالقيم الأسرية، واعتبروا أن هذا كان له دور في نجاحاته. وتداولوا تصريحا له قال فيه: “لا يوجد ما يخجلني في الحديث عن ماضي أسرتي، والدي كان بائعا متجولا، والدتي كانت خادمة بيوت، لقد تعذبا من أجلي و كانا يضحيان كي أتدرب وألعب كرة القدم، اليوم هما مصدر طاقة وحماس بالنسبة لي”، في إشارة إلى عمل والديه المهاجرين في إسبانيا قبل أن يتحول لنجم كرة القدم.
وتنتظر “الجوهرة” المغربية، على حد وصف البعض، مسؤولية كبيرة أمام المنتخب المصري في الدور ربع النهائي، الذي سيكون لا محالة عرسا كرويا عربيا وأفريقيا بامتياز، في مبارزة جديدة بين الفريقين، اعتاد جمهور البلدين التمتع بأطوارها، لاسيما وأن الفراعنة يملكون أيضا لاعبا كبيرا، نجم ليفربول محمد صلاح. فهل سينجح حكيمي/المفتاح، هذه المرة، في فتح باب الدور نصف النهائي أمام أسود الأطلس؟
تعليقات الزوار ( 0 )