كثيرة هي المؤشرات والدلائل التي تؤكد انحياز حكومة عزيز أخنوش لرجال الأعمال. ومن بين هذه المؤشرات تفاعلها الكبير مع تعديلات فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين على مشاريع قوانين المالية، حيث وافقت الحكومة هذه السنة على 24 تعديلا من أصل 28 تقدم بها فريق “الباطرونا”.
وبالمناسبة، فإن تمثيل أرباب المقاولات بمجلس المستشارين جاء في سياق سياسي واجتماعي اتسم بالضغط في إطار مراجعة الدستور سنة 2011، الذي كان يتجه في البداية إلى إضفاء المزيد من “العقلنة” على البرلمان من خلال جعل الغرفة الثانية امتدادا للجماعات الترابية وإلغاء تمثيلية النقابات، قبل أن تلتمس هذه الأخيرة، بدعم من الأحزاب السياسية، من الديوان الملكي الإبقاء على تمثيلها البرلماني، وهو ما تمت الاستجابة له، لكن مع تمثيل الهيئات المهنية للمشغلين أيضا.
وفي الواقع، إن دراسة السلوك البرلماني “للباطرونا” ينبغي أن يأخذ في الحسبان أن هناك شريحة واسعة من رجال الأعمال لازالت تفضل ولوج المؤسسة التشريعية عبر الأحزاب السياسية وليس الـ “CGEM”. وذلك، للتحرر من حيادية هذا التنظيم -ولو ظاهريا- إزاء الحكومات أولا؛ ولمحدودية المقاعد المخصصة لهم بمجلس المستشارين ثانيا. فالدستور حدد عدد المستشارين الممثلين للهيئات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلا في 8 مقاعد فقط.
وفضلا عما سبق، فإن الحكومة تجتمع باتحاد رجال الأعمال قبل إحالة مشروع قانون المالية على البرلمان، وهو ما يسمح له بإبداء ملاحظاته حول المشروع، وهي الملاحظات التي يتم أخذها في الاعتبار بطبيعة الحال.
وتظهر الوثائق المتعلقة بالدراسة والتصويت على مشاريع قوانين المالية منذ سنة 2016، أي منذ تشكيل فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، أن هذا الفريق يولي أهمية كبيرة لمحطة قانون المالية، حيث تقدم بـ 235 تعديلا على مشاريع قوانين المالية خلال ولايته التشريعية الأولى 2015-2021،منها 8 تعديلات على مشروع قانون المالية المعدل سنة،2020 قبلت منها الحكومة 26 تعديلا. فيما تقدم في الثلاث سنوات من الولاية التشريعية الحالية 2021-2027 بمائة وثلاث عشرة (113) تعديلا، تم قبول واحدا وستين (61) منها.
وقد انصبت تعديلات هذا الفريق البرلماني بشكل كبير على المدونة العامة للضرائب، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن مدى تمثله مبدأ تمثيل الأمة خلال ممارسة وظائفه البرلمانية، لاسيما الوظيفة التشريعية. فالدستور جعل البرلمانيين، سواء كانوا نوابا أو مستشارين، ممثلين عن الأمة، أي مدافعين عن المصالح العامة وليس المصالح الفئوية الضيقة.
وفي الختام، يمكن القول إن الحكومة الحالية هي أفضل حكومة بالنسبة “للباطرونا”. وهو ما جعل بعض مكونات الأغلبية، التي تضم أربع أحزاب، تنتفض مؤخرا في وجه الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع خلال القراءة الثانية لمشروع قانون مالية 2024 في مجلس النواب.
تعليقات الزوار ( 0 )