Share
  • Link copied

حكم “النّقض” بشأن المولودين خارج إطار الزّواج يثير الجدل.. ومطالبُ بتغيير القانون

أثار إلغاء محكمة النقض الحكم الذي اعتبر اجتهاداً قضائيا غير مسبوق، أقر ببنوة طفلة نجمت عن علاقة خارج إطار الزواج لوالدها، بناءً على الخبرة الجينية، الجدل، وأعاد إلى الواجهة المطالب التي رفعت في أكثر من مناسبة، من أجل تغيير قانون الأسرة الذي يحرم الأولاد الذين يكونون ثمرةً لعلاقة غير زوجية، من حقوقهم على الآباء.

وحاء في قرار محكمة النقض، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد ومقرها في العاصمة الرباط، أن “العلاقة التي كانت تجمع طرفي النزاع كانت علاقة فساد”، معززةً الأمر بالاستناد إلى بعض الآراء الفقهية في الأمر، والتي تؤكد أن “ابن الزنا لا يلحق بالفاعل (أي الأب)، ولو ثبت بيولوجيا أنه تخلق من نطفته”.

وخلّف القرار جدلاً واسعاً، حيث اعتبر العديد من النشطاء والحقوقيين مخالفاً للدستور المغربي، الذي ينص على أن أولوية مصلحة الطفل على أي اعتبار آخر، مقابل تأكيد آخرين على أن هذا الحكم من شأنه أن يشجع العديد ممن سموهم بـ”عديمي الضمير”، على ممارسة علاقات جنسية خارج إطار الزواج وعدم الاعتراف بالأبناء الناجمة عنها، في ظل وجود غطاء قانونيّ يحميهم.

وتساءلت الناشطة الحقوقية بشرى عبدو، في تدوينة نشرتها على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أين هي المصلحة الفضلى للطفل.. أليس لهذا الطفل الحق في الهوية الكاملة من أب وأم، ألم يحن الوقت لملاءمة هذه القوانين مع الاتفاقيات الدولية واتفاقية حقوق الطفل؟؟”.

وأردفت مديرة مركز التحدي للمواطنة التابع لجمعية التحدي للمساواة والمواطنة: “أضروري أن نضع وشم ابن زنا.. ابن الحرام.. لكل طفل ولد خارج علاقة الزواج في الوثائق الإدارية؟ أن نبصمه لكي لا يتساوى بباقي الأطفال.. وأن نترك أمه تائهة بين سلاليم الإدارات من أجل وثائق هنا وهناك..”.

ومن جهته، تأسف الإعلامي مدياني أحمد، على إلغاء محكمة النقض لاجتهاد قضائي ينتصر للأطفال، و”يلزم الآباء الذين كانوا وراء خروجهم إلى الحياة بمنحهم النسب وإن كانت العلاقة خارج إطار الزواج…”، مردفاً: “المحكمة هنا ومن كان وراء إسقاط الاجتهاد القضائي لم تأخذ بمبدء دستوري متأصل.. وهو حماية المصلحة العليا للطفل.. والمغرب من الدول التي وقعت على المواثيق والعهود الدولية لحماية الأطفال..”.

واعتبر مدياني، في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن “هذا القرار من محكمة النقض سيفتح الباب أمام مجموعة من عديمي الضمير الذين يتسببون عن سبق إصرار وترصد في ولادة أطفال وطفلات والتخلي عنهم وعنهن بدم باااارد!”، حسبه.

وشدد رشيد بوهدوز، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، على أن “هذا العبث باسم الدين واستحضاره تارة وتغييبه أخرى، حسب هوى القاضي وما يدور تحت الطاوئة أمر مرفوض، فإما أن يتم إلغاء الدستور واعتماد الشريعة، أو فصل الدين عن الدولة وتنزيل دستور علماني مدني، لا يمكن اللعب على الوترين”.

من جانبه، قال عبد الله عيد نزار، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، إنه “من عجائب بلادنا هو أنه مزال لحد اليوم ممكن الأب يتنكر لابنته المولودة خارج إطار الزواج رغم إثباث الـADN لذلك .. هادشي لي وقع فطنجة بعد حكم محكمة النقض لي كيعتمد على نصوص الشريعة عوض المواثيق الدولية وحقوق الطفل..”.

وأضاف نزار، الذي بث فيديو انتقد فيه بشدّة قرار المحكمة، الذي اعتبره يعود بالمغرب قروناً إلى الوراء، بأنه “تكلمت على إشكالات أخرى فمدونة الأسرة وكيفاش الآباء ممكن يستعملوا ولاية الأمر باش يبتزوا طليقاتهم.. بغيت نعرج على موضوع الإرث ولكن غانصدق مطول بزاف”، على حدّ تعبيره.

وعلّق الباحث محمد البدوي، على الموضوع في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي بـ”فيسبوك”، بالقول: “أتذكر قبل عشر سنوات في بداية دراستي للحقوق أن القاعدة القانونية هي قاعدة اجتماعية، يعني أنها تتطور وتختلف تماشيا مع تغير واختلاف المجتمع، حيث إنها تبقى دائما قابلة للتعديل والتغير، متى وجدت أسباب وعوامل تؤثر فيها”.

وتابع: “وهذا مايجب أن يحدث في النصوص الخاصة بالنسب في مدونة الأسرة، فلا يمكن الاعتماد على نص مبني على حديث ينسب الولد للفراش (الزواج) فقط، وأن لا يرتب أي أثر قانوني على العلاقات خارج إطار الزواج، كونها (زنى )”، مسترسلاً: “إضافة إلى أن العلم أتاح لنا فرصة التاكد من النسب ببساطة، عبر تحليل الحمض النووي”.

وأردف الشخص ذاته: “ما ذنب هذه الطفلة التي ستعيش بدون أب ينفق عليها، ولا وثائق قانونية تلحقها به وستظل ما حيت ابنة أمها فقط، وكانها حملت بدون رجل”، مختتماً تدوينته: “للأسف قوانينا متخلفة ورجعية وبعيدة كل البعد عن الإنسانية والرحمة”، على حدّ تعبيره.

الفنان أمين هوبان، كتب “هاد الحكم طبق البارح و قال ليك داروه بالاستناد لأحاديث نبوية والتفسيرات”، مضيفاً: “واخا أنا ضد الإنجاب خارج إطار الزواج ولكن أشنو ذنب هداك الطفل أو الطفلة ملي غايكبروا ويكتاشفوا أن القانون كيحكم في صالح الأب وكيعفيه من مسؤولية الاعتراف بالنسب ولودو”، حسبه.

الإعلامي محمد المبارك، علّق بدوره على الواقعة، حيث قال تحت عنوان: “نحن نعيش في القرن 21.. أبعدوا عنا القوانين البدائية !”: “إذا كانت القوانين هدفها حماية المواطنين والدفاع عن حقوقهم؟! نوجه سؤالا مباشرا للمشرع.. واش حقوق الأطراف الثلاثة مصونة بهاد القانون؟!؟! واش يرضيكم بنت تكبر بدون نسب فقط، لأن والديها داروا علاقة رضائية، حسب القانون الديني تسمى زنا؟!؟”.

وزاد: “واش من الرسول صلى الله عليه وسلم بذكائه وحكمته كن كان عايش معانا في هذا الزمن، اللي فيه اختبار الحمض النووي واش كان غادي يقبل تضيع حقوق طفلة، بالرغم من أن التأكد من نسبها متوفر عن طريق العلم؟!؟!”، مسترسلاً: “بصراحة.. مؤسف جدا أنه ف2021 تسمع بنت ما غاديش تحصل على النسب ديالها، بسبب تفاسير دينية قديمة جدا.. والعلم الآن يوفر كل الشي….”.

يشار إلى أن القضية ترجع إلى حوالي 3 سنوات بمدينة طنجة، حيث تقدمت أم عازبة بشكاية ضد شخص تدعي أنه والد ابنتها من علاقة خارج إطار الزوجية، وهو ما أثبته اختبار الحمض النووي، لتقرر المحكمة الابتدائية الحكم بثبوت البنوة، وتعويض مالي قدره 10 ملايين سنتيم، غير الاستناف أسقطت الحكم لتعود النقض وتؤيد قرارها.

Share
  • Link copied
المقال التالي