قضى حكم صادر من المحكمة الإدارية بالرباط بأن “ثبوت تقديم طلب الاستقالة من الحزب والترشح باسم حزب جديد لا يجعل من المعني الذي رفض طلب استقالته في وضع المنخرط إراديا في أكثر من حزب في آن واحد ولا تتحقق فيه بالتالي موانع الترشیح…”
وأن “ربط نفاذ مفعول الاستقالة بقرار الحزب بقبولها، يجعل المنتمي للحزب المعبر عن رغبته في الانسحاب منه والذي رفض طلبه بالاستقالة، في وضع المكره على البقاء في تنظيم سياسي عبر صراحة عن رفضه استمراره في الانتماء إليه، وهو ما من شأنه الاخلال بمبدأ حرية الانتماء السياسي المقرر دستوريا والمكرس قانونا”.
وذكر الحكم رقم 3512 والمؤرخ بـ20/09/2021، أن ثبوت تقديم طلب الاستقالة من الحزب – بصرف النظر عن دوافعه – والذي أعلن فيه الشخص صراحة انسحابه منه، ثم انخراطه في حزب آخر وتقديمه لترشحه باسمه، لا يجعله في وضعية انخراط إرادي في حزبين طالما أن قراره بالانسحاب تم تبليغه رسميا للحزب الذي كان ينتمي إليه.
وأضاف حكم المحكمة الإدارية أنه “بانتمائه لحزب آخر يكون قراره بالانسحاب منه نهائيا فتنقطع صلته القانونية بالحزب السابق بصفته منتميا له، وبالتالي تنتفي حالة الانخراط الارادي في حزبين، فلا يكون في وضع مخالف لمقتضيات المادة 21 من القانون 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية” .
وأقرت المحكمة أنه “باستحضار الدور الدستوري المنوط بالأحزاب السياسية فعلاقة المنخرط بالحزب لیست نظامية أو تعاقدية كتلك التي تربط الموظف أو المستخدم بالإدارة أو الجهة المشغلة فتكون سلطة رفض الاستقالة إزاءهما مبررة بمراعاة مصالح معتبرة قانونا، بخلاف وضع العضو المنخرط المحكوم بمبدأ حرية الانتماء السياسي، وهو ما يفسر کون المشرع في قانون الأحزاب السياسية عبر عن رغبة المنخرط في التخلي عن انتمائه السياسي بالانسحاب.”
وأضافت أن “المشرع بتعبيره عن التخلي عن الانتماء الحزبي بالانسحاب ينسجم أكثر مع فلسفته القائمة على حرية الاختيار أي مع مبدأ حرية الانتماء السياسي والانخراط في الأحزاب بالإرادة الحرة والتي تعني حرية الخروج منها أيضا في أي وقت دون أي قيد زمني، كلما ثبت أن قرار الانسحاب نهائي ولا رجعة فيه، كما في حال التخلي عن الانتماء لحزب سياسي والانضمام لأخر”.
وأكدت أن “تقیید نفاذ مفعول الاستقالة بقرار الحزب بقبولها، يجعل المنتمي للحزب المعبر عن رغبته في الانسحاب منه والذي رفض طلبه بالاستقالة، في وضع “المكره” على البقاء في تنظيم سياسي عبر صراحة عن رفضه استمراره في الانتماء إليه، وهو ما من شأنه الاخلال بمبدأ حرية الانتماء السياسي المقرر دستوريا والمكرس قانونا.”
ويقول منطوق الحكم أن الأمر ينسجم مع روح التشريع وغايات المشرع، فمقتضيات الدستور أقرت حرية الانتماء السياسي وحق الترشح للانتخاب، وهو ما لا يمكن الحد منه إلا وفق القانون، كما خول القانون التنظيمي للأحزاب السياسية حق الانخراط فيها أو الانسحاب منها بكل حرية، أما في حال تضمينه -أي النظام الأساسي – قواعد موضوعية تحد من حرية الاختيار ومن ذلك تحديد الآثار المترتبة عن الاستقالة وتاريخ نفاذها، فتجعله يتجاوز مجال التنظيم الاجرائي المحال عليه قانونا، ووجب حينها تطبيق القواعد القانونية وفق ترتيب أولويتها.
وأبان الحكم أن “تكريس حرية الانتماء للحزب والانسحاب منه في أي وقت كمبدأ دستوري يجعله واجب التطبيق بالأولوية على أي نص مخالف أدني في التراتبية التشريعية، تطبيقا لما هو مقرر قانونا وقضاء من أنه لا يستقيم عند تعارض نصين قانونيين تقديم الأدنی علی ما هو مقرر بنص أسمى، فتكون مقتضيات الدستور والقانون التنظيمي للأحزاب أسمى من النظام الأساسي للحزب وواجبة التطبيق عند تعارضهما.”
تعليقات الزوار ( 0 )