شارك المقال
  • تم النسخ

“حقوق الإنسان”.. مبادئ كونية لحماية الجميع أم ورقة ابتزازٍ في يد كبار العالم؟

أعادت الأحداث التي عرفتها مدينة سبتة المحتلة مؤخرا، والكيفية التي واجهت بها سلطات الاحتلال التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين، والطريقة غير الإنسانية التي عاملتهم بها، موضوع حقوق الإنسان، ومدى حقيقة كونها مبادئ كونية يراد حماية جميع البشر بها، إلى الواجهة.

وبالرغم من أن إسبانيا تصدت للمهاجرين غير النظاميين عبر الضرب والرفس والركل والسحل، وإلقاء الأشخاص في البحر، وإطلاق الرصاص المطاطي، وتجميع الهاجرين في مستودعات وساحات وملاعب في ظروف حاطة من الكرامة الإنسانية، إلا أن المنظمات الحقوقية لم تحرك ساكناً، واكتفت بالصمت، أو بإصدار ردود فعل وصفت بالمحتشمة.

وطرح العديد من المتابعين فرضية لو كان المغرب هو من واجه المهاجرين غير النظاميين بالجيش، وبالطريقة نفسها التي عاملتهم بها إسبانيا، وكيف سيكون رد فعل المنظمات الحقوقية، معتبرين بأن حقوق الإنسان، صارت ورقة في يد الدول الكبرى، تستعملها للضغط والابتزاز، حيث تطبق على الدول النامية، أو التي لأوروبا مشاكل سياسية معها دون غيرها.

وفي هذا السياق، قال المحامي نوفل البعمري، إن التعاطي مع حقوق الإنسان، من الناحية النظرية، هو تعاطي مع مبادئ كونية تتعلق بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وهو تعاطي ينظر فقد إلى القيم المؤسسة لهذه الحقوق ومدى احترام الدول لها بغض النظر عن هذه الدول”، مستدركاً: “لكن على مستوى الممارسة، للأسف تم تحويل حقوق الإنسان إلى أداة للضغط على بعض الدول بعينها أو لابتزاز أخرى”.

وأضاف البعمري، في تصريح لجريدة “بناصا”، أن “بعض المنظمات الحقوقية التي كان لها بعض المصداقية في الثمانينات والتسعينات، أصبحت هي الأخرى، مرهونة للقرار السياسي الدولي، ويكفي فقط أن ننظر لتعاطيها مع حدث سبتة المحتلة، وردود فعلها الباردة مما جرى من انتهاكات خطيرة تمس الحق في الحياة والحقوق المتعلقة بحماية القاصرين والمهاجرين غير النظاميين”.

وأوضح أن المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا إلى ثغر سبتة المحتلة، تعرضوا لـ”الاعتداء وللمعاملة المهينة والحاطة من الكرامة الإنسانية، إلا أن ردود الفعل على هذا المستوى كان متواطئً مع ما يجري، فقط لأن هذه المنظمات في غالبيتها، هي أداة من أدوات محاولات الضغط على المغرب”، حسب قول البعمري.

وأكد المحامي أن الأحداث الأخيرة، التي صاحبت عملية الهجرة غير النظامية إلى سبتة المحتلة، كشفت، “ازدواجية المعايير وازدواجية التعاطي مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فلو كان المغرب هو من قام بإنزال جيشه لمواجهة المهاجرين غير النظاميين لكانت هذه المنظمات قد أطلقت حملات دولية ضد المغرب ونددت به”.

وتابع البعمري، في تصريحه للجريدة: “هذه المرة، ولأن الأمر يتعلق بدولة أوروبية في مواجهة دولة إفريقية من شمال القارة، فقد اختارت هذه المنظمات الصمت وإبداء مواقف جد محتشمة لا تتماشى والحملات التي تطلقها في حالات أخرى”، مشدداً على أن حقوق الإنسان باتت ورقة لابتزاز الدول.

وأشار البعمري إلى أن “العديد من الأحداث أكدت أن حقوق الإنسان، تحولت إلى أداة لابتزاز الدول”، مختتماً بأنه “تم جعل المبادئ الكونية الحقوقية في خدمة السياسية الدولية والتوازنات الدولية، وهو ما جعل المشهد الحقوقي في العالم يبدو مختلا، وغير متوازن لصالح الانتهاكات الحقوقية ولصالح السياسة وتسييس حقوق الإنسان”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي