Share
  • Link copied

حادث السعيدية بين الصمت الحكومي والوساطة الأمريكية

لقد واصلت الحكومة التزامها بالصمت السياسي إزاء حادث السعيدية الذي أودى بحياة مواطنين مغربيين أحدهما يحمل الجنسية الفرنسية والحكم على الثالث بعقوبة حبسية. اذ ما زالت وزارة الشؤون الخارجية بالمملكة لم تدل لحد الآن بأي بيان سياسي بعدما اكتفى الناطق باسم الحكومة بالاشارة بأن الأمر معروض أمام القضاء. مما يؤشر على أن السلطات المغربية اختارت أن لا تعطي لهذا الحادث طابعا سياسيا معتبرة أن هذا الحادث المأساوي يتعلق بحادث مدني يتمثل في اجتياز أربعة مواطنين مغاربة الحدود الإقليمية الجزائرية عن طريق الخطا مما أدى إلى إطلاق النار عليهم من طرف البحرية الجزائرية.

وبالتالي فهذه القضية تدخل ضمن الشق القانوني والقضائي يفترض فتح تحقيق من طرف النيابة العامة على غرار ما سلكته السلطات الفرنسية من خلال الأمر بفتح تحقيق قضائي بشأن مقتل الشاب المغربي الذي يحمل الجنسية الفرنسية. بالإضافة إلى ذلك ، فقد فضلت السلطات المغربية فسح المجال للمواقع الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي وكذا الجمعيات الحقوقية لإثارة هذا الموضوع والتنديد بهذا الحادث بل وتقديم شكايات أمام المحاكم الأوربية  أو الدولية لمقاضاة الأجهزة العسكرية الجزائرية.

لكن يبدو أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن صمت الحكومة إعلاميا وسياسيا قد يرجع إلى التحركات الأمريكية في الآونة الأخيرة التي تروم عقد وساطة سياسية بين الطرفين الجزاءري والمغربي فيما يتعلق بنزاع الصحراء بعد عدم الموافقة الجزائرية بالوساطة السعودية وعدم نضج الوساطة القطرية. وقد ظهر ذلك من خلال الزيارة التي قام بها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للجزائر بتزامن مع الجولة التي قام بها المبعوث الاممي دي ميستورا لكل من العيون والداخلة في سابقة من نوعها التقى فيها بممثلين عن الساكنة الصحراوية واطلع على المجهودات التنموية في المنطقة مما يعكس الاهتمام باستشراف أي إمكانية لتطبيق مبادرة الحكم الذاتي في هذه المناطق ، حيث تساءل المبعوث في حواره مع بعض الممثلين الصحراويين عن نجاعة تطبيق هذه الإمكانية في حالة قبول ساكنة مخيمات تندوف العودة للعيش بهذه الاقاليم الصحراوية .

ومقابل هذا الصمت المغربي هناك صمت جزاءري مطبق ، إذ باستثناء البيان الذي أذاعته وزارة الدفاع الجزائرية بوصفها المعنية الرئيسية بالموضوع ، فقد التزمت السلطات الجزائرية الصمت مما يؤشر على أن هناك رغبة أمريكية ، في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على  غرب افريقيا التي عرفت بعض دولها سلسلة انقلابات عسكرية متعاقبة ، للتخفيف من التوترات السياسية التي تعرفها منطقة شمال افريقيا خاصة بين الجزاءر والمغرب للحفاظ على استقرار المنطقة واحتواء تراجع النفوذ الفرنسي. حيث يبدو أن هناك رغبة أمريكية قوية في عقد وساطة تنهي النزاع بين الدولتين أو على الأقل التخفيف منه على غرار ما قامت به الصين في إعادة التقارب بين السعودية وإيران  بمساهمة قطرية.

Share
  • Link copied
المقال التالي