مرت اكثر من 3 أشهر على تنصيب المجلس الجهوي الجديد لجهة درعة تافيلالت بعد انتخابات 8 شتنبر، التي تميزت بخطاب سياسي يبشر الساكنة بالتغيير والتحولات المفصلية في تنمية الجهة. ويعد بانجازات كبرى ستحدث فارقا بينا مع تجربة المجلس السابق.
صحيح من الصعب الحكم على تجربة في بدايتها، ومن الموضوعية في التحليل عدم اصدار احكام جاهزة واستباقية، لكن من باب المسؤولية في تتبع الشأن الجهوي، وتقييما للاداء السياسي العام، ندلي بالملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى: يسجل حصول خفوت واخماد سياسي على مستوى الجهة في ظل هذه التجربة ، فسرعانما انطفأ حماس النخب والمعارضة، وتبخر خطاب الغيرة والدفاع على مصالح الجهة، لصالح لقاءات تقنية باردة، يعقدها المجلس بعيدا عن الرأي العام، ولا تكاد تسمع لها ركزا، وخراجها السياسي منعدم، وهنا نسجل بكل جرأة ان تجربة النقل المباشر، تحسب للمجلس السابق، حيث أسهمت في تعزيز الوعي السياسي لدى ساكنة الجهة، وفي بناء تمثلات مهمة حول العمل السياسي تكوينا وتاطيرا وتوعية دستورية و قانونية ومؤسساتية، واليوم القلة من النخب من تعرف خريطة المجلس والفاعلين فيه والمؤثرين وصناع القرار، اما الساكنة فمغيبة قصدا عن اية مشاركة سياسية فاعلة.
الملاحظة الثانية: يسجل ان اغلب نقط جداول الاعمال في كل الدورات التي عقدها المجلس، وكذلك المشاريع التي صادق عليها، فضلا عن برامج التنمية للجهة، هي استمرار للاوراش التي كانت مع المجلس السابق، ولاجديد او تجديد فيها، فأين لمسة هذا المجلس؟ ، وأين ما صدحت به المعارضة من وعود؟ ، واين تجليات ابداعات نخبه المتنوعة المشهود بكفائتها وخبرتها ؟ اليس من المفروض بعد موجة 8 شتنبر ان تكون الجهة على موعد مع قرارات جريئة في مستوى التحديات والرهانات والانتظارات الكبيرة للمواطنين، وهنا نذكر المجلس الموقر بأن العديد من الملفات والقضايا الجهوية وخاصة في ظل تاثيرات وتداعيات جائحة كورونا، لاتحتاج إلى كثير من التفكير والتاجيل، بل الأصل فيها التعجيل بقرارات فعالة.
الملاحظة الثالثة: وتتعلق بالانزلاق الغير المحسوب نحو تبخيس وتبعيض مؤسسة الجهة، لتتحول إلى شبه مجلس ادارة مقاولاتية تقنية تدبيرية مفرغة ومنزوعة من النفس السياسي، فالجهوية المتقدمة كما أسس لها دستور 2011، المراد منها ترجمة الاختيار الديمقراطي جهويا بما يستجيب لطموحات المواطنين ويضمن حقوقهم وحرياتهم، و بما يقتضيه المقام من تطوير ورش الجهوية لتلعب ادورها ووظائفها الاستراتيجية في التنمية بكل أبعادها ومجالاتها،
وبناء على ما سبق من ملاحظات، نعتقد انه من المداخل الأساسية الراهنة لتطوير العمل واستدراك الزمن السياسي خدمة للجهة ولمصالح الساكنة ما يلي:
المدخل الأول:
اتخاذ قرارت مستعجلة لاعادة الثقة وطمأنة الساكنة من قبيل:
_ دعم مؤسساتي مستعجل للفلاحين وضحايا كارثة الحرائق، وازمة الجفاف المزمن، ووضع خطة طريق لحل مشكل هدر المياه واستنزاف الفرشة تحت مسمى الاستثمار الفلاحي في الضيعات التي ضيعت المنطقة.
_ الاستثمار المستدام في مشاريع مهيكلة، لادماج شباب المنطقة في سوق الشغل، ولتحريك عجلة الاقتصاد الراكد بالجهة، من خلال توطين وحدات صناعية صغرى مع دعم المقاولات بالجهة.
_ دعم البحث العلمي، وتشجيع الطلبة بالجهة ماديا ومعرفيا، والتسريع من وتيرة الترافع لاقامة جامعة بالجهة، تشكل فضاء للمعرفة والتكوين والبحث.
المدخل الثاني:
مأسسة النقاش العمومي حول مستقبل الجهة، مع إشراك فعلي وحقيقي للنخب والمجتمع المدني بكل مكوناته، في أفق انضاج تصور متكامل حول الهوية التنموية للجهة، وترجمة ذلك في برنامج تنموي طموح.
المدخل الثالث:
إعادة ترسيم تعاقد سياسي جديد بين كل المكونات الحزبية والسياسية بالجهة، على قاعدة بناء الثقة بين الجميع، وضمان مناخ سياسي تعتمل فيه الافكار والتصورات من موقع المسؤولية التاريخية والدستورية والسياسية، وهذا يقتضي نضج النخب وحرصها على تغليب منطق البناء المشترك القائم على ثقافة الاعتراف المتبادل، وسمو المصالح المشتركة وهي تنمية الجهة على باق الاعتبارات الحزبية والايديولوجية والسياسية بالرغم من أهميتها في التمايزات والتقاطبات، التي وجب اليوم استثمارها في ايجاد اجابات عقلانية وعاجلة للتنمية المفقودة وذلك قبل فوات الأوان.
أستاذ باحث في العلوم السياسية
تعليقات الزوار ( 0 )