شارك المقال
  • تم النسخ

جهات إسرائيلية: نتنياهو يتمنى أن يفجّر السنوار الصفقة المرتقبة طمعاً في البقاء في سدة الحكم

تسود في إسرائيل، اليوم الجمعة، اليوم التاسع عشر بعد المائة للحرب على غزة، حالة ترقّب تبلغ حدّ حبس الأنفاس لدى عائلات المحتجزين في غزة، إزاء التقارير المتواترة عن موافقة إسرائيل و”حماس” المبدئية على “اتفاق إطار” لصفقة جديدة، تمت صياغته في قمة باريس.

ورغم انعقاد مجلس الحرب والمجلس الوزاري المصغر، ليلة أمس، لم يصدر بعد موقفٌ رسمي من إسرائيل حيال هذه التقارير المتفائلة، وتبدو الصورة ضبابية، خاصة أن موسم المناورات والشائعات والكذب والتضليل يبلغ ذروته هذه الأيام، مع تجاذبات وتوترات وتهديدات داخل الائتلاف الحاكم في إسرائيل. ولذا تزداد الصورة ضبابية، في ظل أنباء ومصالح متناقضة ومؤثرات مختلفة، ولكثرة الأشجار لا يتسنى رؤية الغابة بكاملها الآن.

وذهبت إذاعة الاحتلال لحدّ القول إن احتمالات تنفيذ الصفقة اليوم هو 50% مقابل 50%، وذلك بالاستناد لمصدر إسرائيلي وصفتْه بـ “المتداخل في مداولات باريس”.

وفي ظل صمت رسمي، في الساعات الأخيرة، حيال مداولات الصفقة، مقابل أوساط إسرائيلية ترفض أي صفقة دون تدمير “حماس”، يشكك عددٌ كبير من المراقبين الإسرائيليين بنوايا وحسابات رئيس حكومة الاحتلال وزمرته في سدة الحكم.

في مقال بعنوان “رؤية بايدن الجديدة”، يواصل المعلق السياسي البارز في “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع الطعن بصدقية ومصداقية نتنياهو، فيقول إن رئيس الموساد عاد من باريس مع مسودة اتفاق إطار، والآن يمكن البدء بالتباحث بالتفاصيل، ومن غير الواضح إذا ما كان سيوافق السنوار عليها بضغط قطري مصري وعسكري.

لكن الموضوع ليس لدى السنوار فحسب بالنسبة لبارنياع: “رئيس الموساد العائد من باريس لم يقل ما يعرفه كل من هو متداخل: عدا السنوار، هناك لاعبٌ آخر على الملعب، وغير فرح للتوصل لصفقة. نتنياهو يدير معركة مركبة: الهدف هو إحباط الصفقة، دون أن يقوم أحدهم ويوجّه له إصبع الاتهام بذلك، ومثلما أنه غير مستعد لدفع ثمن الصفقة، فهو غير مستعد لدفع ثمن إفشاله لها”.

ثلاثة فيلة داخل الغرفة

وفي نطاق فضحه حقيقة نتنياهو وحكومته المتطرفة الغيبية، يقول بارنياع إن السنوار هو فيل واحد في الغرفة، ونتنياهو الفيل الثاني، والإدارة الأمريكية هي فيل ثالث. معتبراً أن من كثرة الفيلة من الصعب الرؤية إلى أين تتجه الحرب.

وحسب بارنياع أيضاً، فإن الفيل الأكبر هو إدارة بايدن، ويعلّل ذلك بالقول إن أحداث السابع من أكتوبر ولّدت لدى واشنطن استنتاجات مختلفة تماماً عن استنتاجات تل أبيب، وإن الضعف الذي أبداه الجيش الإسرائيلي، صباح ذاك اليوم “الأسود” في السابع من أكتوبر، وتبيان تبعيته المطلقة بإمدادات طوارئ أمريكية، كل ذلك قاد واشنطن للاستنتاج بأن إسرائيل غير قادرة على تدبّر أمورها لوحدها، وإن تحاشي نتنياهو المثابر لاتخاذ قرارات عزّز هذا الاستنتاج”.

أما بارنياع نفسه فيخلص لاستنتاج، بالقول صراحة: “على أصدقاء إسرائيل الأمريكيين أن يتخذوا قرارات بدلاً منها، ومن أجلها”. ويستعرض بارنياع رؤية بايدن الجديدة، التي تشمل دولة فلسطينية فوراً يتم فيها دمج “حماس” بالسلطة، علاوة على التطبيع مع السعودية، وبناء تحالف شرق أوسطي واسع ضد إيران، داعياً الإسرائيليين للموافقة على هذه الرؤية، رغم أثمانها.

تصريحات أمريكية.. تغيير في اللهجة والوتيرة

وشهدت الأيام الأخيرة تصعيداً بلهجةِ ووتيرة الانتقادات الأمريكية لحكومة الاحتلال، أو أوساط فيها، وللمستوطنين الذين أعلنت عن قرارها بمعاقبة بعضهم، أمس، لكن يبقى الامتحان طبعاً بالتطبيق، وبخواتيم الأمور. فرغم التصريحات المتتالية عن وقف الحرب والانتقادات للاستيطان، تكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الجمعة، عن مخطط جديد لوزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن المسؤول عن الاستيطان سموتريتش لبناء 7000 شقة سكنية داخل الضفة الغربية المحتلة.

وعلى غرار بارنياع، تشكّك زميلته المعلقة السياسية سيما كادمون بنتنياهو وائتلافه، وتقول إنه بعدما مزّقَ الشعب بـ “الإصلاحات القضائية”، خلال 2023، فإنه يواصل تقسيم الإسرائيليين: “إن كنت مع صفقة فأنت يساري ومهزوم، وإن طالبتَ بتدمير “حماس” أولاً فأنت يميني ونصير للجنود، والبقاء في الحكم يسبق كل شيء”.

الصراع الداخلي حول الصفقة بلغ ذروته

وينضم المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل للتقييمات، بأن ما تمّ حتى الآن هو “اتفاق إطار” لم يعلن بعد القبول به من قبل إسرائيل و”حماس”، وأنه، في الأيام الأخيرة، حصل تقدمٌ بعدما قدمت أمريكا ومصر وقطر مقترحاً مشتركاً لإسرائيل و”حماس”.

كما يوضح هارئيل أنه، رغم التقارير المتفائلة القادمة هذا الأسبوع من قطر ومصر والولايات المتحدة، فإن المداولات مقابل “حماس” هناك تنتظرها عدة مراحل في الطريق وصولاً للخلاصة . مؤكداً، هو الآخر، أن المفاوضات تحتاج للمزيد من المداولات، والآن لا يوجد يقين بأن الاتصالات ستنتهي بالتوافق، وحتى جدول زمني واضح لا يوجد بعد”.

وضمن انتقاداته لعدم ترسيم ملامح اليوم التالي، يقول هارئيل إن مشاهد الأسبوع الأخير في شمال القطاع قدّمت لنا “منظراً موجزاً” لما هو آت، وهو خطير. منوهاً لعودة ملامح سيطرة “حماس” المدنية من جديد. وبذلك ينطق هارئيل بلسان الجيش الذي يصعّد تحذيراته من خطورة التورط في المراوحة في المكان والاستنزاف، وبالتالي تبدد المكاسب وزيارة الخسائر.

أي دولة هذه ستكون بدون استعادة المخطوفين!

وتواصل صحيفة “هآرتس” العبرية” التغريد خارج السرب الإعلامي الإسرائيلي، وتعبّر بصوت واضح عن الحاجة لوقف الحرب من أجل استعادة المحتجزين. في افتتاحيتها تقول “هآرتس”، اليوم، إنه لا ولن توجد صورة انتصار دون إرجاعهم أحياء، وإن التنازل عن الصفقة، مهما كانت موجعة، وتركهم لمصيرهم، لن يمكّن المجتمع الإسرائيلي من الاستشفاء من جراح السابع من أكتوبر”.

وحسب “هآرتس”، فإن تصريحات نتنياهو وشركائه، في الأيام الأخيرة، تكشف عن أمنيتهم: أن تقوم “حماس” بالعمل القذر نيابة عنهم، تصلّب موقفها، وتفجّر الصفقة، وهكذا يستطيعون التوجّه لعائلات المخطوفين، ولكل الإسرائيليين، والقول بنظرة متساذجة إن “حماس” هي السبب في فشل المفاوضات ومواصلة الحرب واقتناء وقت إضافي لبقاء الحكومة.

حكم بالإعدام

وترى الصحيفة العبرية أن التنازلات المطلوبة من إسرائيل ثقيلة: إطلاق آلاف الأسرى، وهدنة طويلة مقابل الدفعة الأولى (35 مخطوفاً)، منبهة إلى أنه بعد تهديدات بن غفير وسموتريتش بتفكيك الحكومة، نتنياهو أيضاً يرفض الالتزام، وتنقل عنه اجتراره لاءاته الثلاث: “الحكومة تسعى لتحقيق صيغة اتفاق، لكن ليس بكل ثمن.. لن ننهي الحرب، ولن نخرج الجيش من غزة، ولن نفرج عن آلاف المخربين”.

وتقول “هآرتس” إن نتنياهو ما زال يعلن التزامه بأهداف الحرب، التي بات واضحاً أنها لا تتجانس: تدمير “حماس” واستعادة المحتجزين. مشددة على أن التنازل عن صفقة الآن يعني حكماً بالإعدام على المخطوفين والمعنى العميق لهذا التنازل: انتهاك صريح للعقد الأساس بين الدولة وبين مواطنيها.

وتضيف: “ينبغي السؤال: بحال تجرأت إسرائيل على التنازل عن المخطوفين وعائلاتهم المكابدين للفقدان وعدم اليقين، أي دولة ستبقى هنا؟ السيدة عدينا موشيه، التي سبق وعادت من الخطف في غزة، توجهت هذا الأسبوع لنتنياهو، وروت عذابات المخطوفين الذين يموتون يومياً داخل الأنفاق، مطالبة إياه باستعادتهم، وتوسلت من أجلهم، قبل أن يفوت الميعاد”.

وخلصت “هآرتس” للقول إنه على رئيس الحكومة ووزراء اليمين الإصغاء لتوسلات العائدات من غزة، واللواتي يؤيدهن عددٌ كبير من الإسرائيليين.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي