شارك المقال
  • تم النسخ

جمعية بوجدة تنقذ الأطفال الأفارقة من التشرد

تحتضن جمعية “الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة” الكائن مقرها في مدينة وجدة، عددا كبيرا من الأطفال المنحدرين من دول جنوب الصحراء، حيث تقدم الدعم والمواكبة لمختلف فئات الأطفال بغرض إدماجهم في المجتمع، لهذا كانت واحدة من الجمعيات القليلة التي اختارتها اليونيسف كشريكة ضمن مشروع “هجرة وحماية”.

الأطفال الأفارقة الذين تحتضنهم الجمعية، وجدوا أنفسهم وضعية هشاشة في المغرب، بعدما هاجروا إليه بشكل غير نظامي، وكانت حقوقهم في مهب الريح، غير أن الاهتمام الذي أعطته إياهم الجمعية، جعلتهم يشعرون بحياة جديدة.

ويتلقى هؤلاء الأطفال تكوينات في مختلف المجالات داخل الجمعية، وهو ما جعلهم يفكرون في تأسيس تعاونيات وإنشاء مشاريع خاصة بهم، تمكنهم من صون كرامتهم وضمان مدخول يومي يضمن لهم الاستقرار، ويجعلهم يشعرون بالأمن والأمان.

وولج هؤلاء الأطفال مدينة وجدة، لمدة تقارب عامين، بعد أن تمكنوا من اجتياز الشريط الحدودي المغربي الجزائري، حيث هجروا بلدانهم من أجل تحقيق حلم الهجرة إلى “أوروبا”، غير أن الاهتمام والدعم الذي تقدمه لهم جمعية “الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”، جعله يغير أفكارهم، ما جعلهم يقررون الاستقرار بالمغرب.

وكان هؤلاء، يتخذون من الشوارع مسكنا لهم، إذ كانوا يعتمدون على التسول من أجل جمع بعض الدريهمات لسد رمق العيش وإسكات جوع البطن، فيما يكتري آخرون منازلا لا تتوفر فيها أدنى الشروط..غير أنهم من خلال التقائهم برئيسة الجمعية “حورية عراض”، تحسنت أوضاعهم، خاصة وأنهم يحضون باهتمام كبير جدا داخل الجمعية.

من حظ هؤلاء، أن أيادي الحاجة حورية عَرَاض رئيسة جمعية الشبيبة، تلقفتهما، قبل نحو سنة. هذه المرأة المعروفة في مدينة وجدة، تنشط في المجال الخيري منذ أكثر من عقدين خاصة لفائدة الأطفال، وقد جدت نفسها مضطرة لدفع ديون هؤلاء الأطفال للمكترين وأصحاب محلات البقالة، حتى تستطيع إحضارهم إلى الجمعية، ليستفيدوا من برنامج “هجرة وحماية”.

تقول الحاجة حورية بنبرة متحسرة “وجدتهم شبه محتجزين عند إحدى السيدات كانت تأمل في أن يرسل آباءهم المال لدفع ديونهم، ولم يكن أمامي سوى أن أدفع تلك الديون لاصطحابهم معي”. تضيف “بكيت لحالهم. جوع. أرجل مشققة. نعال مقطعة. شعر كث. كان وضعهم سيئا”. تستطرد متسائلة بتعجب “لا أتفهم كيف تستطيع الأمهات ترك أبنائها يغادرون نحو المجهول؟ǃ لقد مروا بالكثير من الصعاب. غابات وصحاري. تحرش وابتزاز. فقدوا الكثير من الوزن. ينقصهم حنان الوالدين بشكل كبير”.

كان هم الحاجة حورية، منذ أن أحضرت هؤلاء الأطفال إلى الجمعية قبل سنة، هو القيام بكل ما تستطيع لاسترجاع إنسانيتهم وإيجاد حضن يعوضهم عما فات.

وتقول الحاجة “لقد قطعوا شوطا كبيرا وأنا فخورة بهم اليوم”..في حين يسميها كل الأطفال المهاجرين الذين تحتضنهم ب”ماما حورية”، حيث الجمعية التي ترأسها تواكبهم، وتعتبر بمثابة الأم الحنون بالنسبة لهم.

ويتلقى هؤلاء الأطفال داخل الجمعية أنشطة وبرامج متعددة، إذ تعلموا تحضير الكسكس وبعض أصول الطبخ التقليدي المغربي، كل هذه التكوينات والمواكبة التي توفرها الجمعية جعلت آمال هؤلاء الأطفال تتجدد، ويفكرون في إنجاز مشاريع تمكنهم من ولوج سوق الشغل وتضمن لهم دخلا قارا.

ويواصل هؤلاء دروسهم الاعتيادية في الطبخ وصناعة الحلويات، مرتديين بذلة الطاهي الأنيقة باللونين الأبيض والأزرق، ككبير طهاة أو مساعد له في أحد المطاعم المصنفة.

حلم هؤلاء تحتضنه الحاجة حورية بقوة، فقد حضرت كل الأوراق المتعلقة بتسوية وضعية هؤلاء الأطفال. الملف، كما توضح، “مر لدى الشرطة وهو الآن في المحكمة. آمل في تجاوب إيجابي، لنتمكن من تأسيس التعاونية مع هؤلاء الشباب. إنهم يستطيعون القيام بكثير من الأمور الإيجابية لأنفسهم وللمغرب، لكن لا بد لهم من أوراق الإقامة للقيام بذلك”.

عملت الحاجة خلال فترة الحجر الصحي، رفقة فريق الجمعية من المتطوعين والموظفين، لتدريب هؤلاء المهاجرين القاصرين، على كيفية تأسيس وتدبير التعاونيات لإعدادهم ميدانيا، وتملك جمعية الشبيبة كذلك، اتفاقيات للتدريب مع نحو 32 مقاولة (شركة) محلية، يمكنها أن تتيح لهؤلاء الشباب اجتياز فترات ميدانية للتدريب والتكوين، تساعدهم على اكتساب مزيد من المهارات، وربما توفر لهم مناصب عمل، وتسهل بالتالي اندماجهم في النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

وتقول الحاجة، “لن أتخلى عن هؤلاء الأطفال فهم بمثابة أبنائي، ولن أتركهم لوحدهم حتى أراهم قادرين بشكل كامل على تحمل المسؤولية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي