Share
  • Link copied

جمال حماني: حرمان المغاربة من الوصول إلى بعض المناصب العليا في فرنسا حافز للاستفادة منهم في وطنهم الأم

السيد جمال حماني كفاءة مغربية يقيم بفرنسا، حاصل على العديد من الشهادات والديبلومات العليا. مكنه مساره المهني الحافل عبر المناصب التي شغلها في العديد من المؤسسات الرائدة من تطوير إمكاناته ومراكمة الخبرات التي أهلته لقيادة مشاريع كبرى للانتقال الرقمي بالعديد من المقاولات.

المهندس جمال الذي ينحدر من أبوين من مدينة الحسيمة، متزوج، وأب لأربعة أولاد، فتح لنا قلبه في حوار شفاف.

في ما يلي نص الحوار:

* بداية، نود أن تحدثونا عن مساركم الدراسي، وعن المعاهد العليا التي درستم بها، وعن الشهادات التي حصلتم عليها؟

**أنا حاصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية والإلكترونية والهندسة الآلية من جامعة “فرانش كومطي بلفور-مونبليار”.

كانت أول شهادة “DevOps” مرتبطة بفهم أفضل لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات في عام 2020، ثم شهادة تثبت قوة المعارف المكتسبة في برنامج كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد لإدارة القيادة، عبر مقاولة خدمات تكنولوجيا المعلومات (IT CAPGEMINI)، الرائد العالمي الأول في مجال تكامل استشارات تكنولوجيا المعلومات حيث حصلت على المركز الثاني على مستوى جميع جهات فرنسا في اختبار مديري العمليات في بداية عام 2021.

تم حصلت على شهادة إدارة خدمات تكنولوجيا المعلومات (ITILV4) في نهاية نفس العام.

في الآونة الأخيرة، حصلت على شهادة (Azure Cloud) لمعالجة المشكلات التكنولوجية بشكل أفضل مع مقدمي الخدمة الآخرين مثلGoogle ،GCP، وAws، وAzure لأنني قمت بإعداد نظام إدارة موارد المؤسسات (ERP) عبر تقنية (IFS CLOUD).

كما حصلت على شهادة (NSE1) كخبير أساسي لأمن الشبكات والمشكلات الأمنية، وبالإضافة إلى متابعةأحدث التطورات في المشهد التكنولوجي، تلقيت تكوينا بالمدرسة العليا HEC، وحصلت على شهادة في إدارة البيانات Data for Manager.

* ماذا عن مساركم المهني، وما هي الوظائف التي شغلتموها؟

** وظيفتي الأولى كانت كمهندس استشاري للأنظمة المدمجة في مجالات السيارات والسكك الحديدية والطيران لمدة 4 سنوات. ثم شغلت منصب مدير مشروع للسيارات. ثم منصب مدير وحدة الأعمال بما في ذلك عمليات تدبير المشاريع المركبة وإدارة الاستشاريين والأعمال التجارية. ومؤخرًا شغلت منصب (Global Solution Lead) لتنفيذ عروض الهيكلة حول البيانات والأمن السيبراني للحسابات الصناعية الكبرى على المستوى الدولي.

ولقد أتاحت لي خلفيتي المهنية، سواء في فرنسا، أو على المستوى الدولي، تطوير خبرة كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي بفضل حصولي على درجة الماستر في الهندسة الكهربائية وتكنولوجيا المعلومات الصناعية، كما شغلت مناصب إدارية من قبيل مدير العمليات في JH Consulting””، ومدير الممارسة في مجموعة “Capgemini”، بالإضافة إلى منصب قائد الحلول الشمولية في مجموعة “Expleo” التي تجمع بين التسليم والإدارة والأعمال.

وقد سمحت لي هذه التجارب بقيادة مشاريع واسعة النطاق ودعم العديد من الشركات في عملية التحول الرقمي، مما عزز اقتناعي بأن الابتكار والتكنولوجيا هما عاملان أساسيان للتنمية الاقتصادية.

* هل لكم نشاط في المجال الجمعوي، وما مدى حضور جمعيات مغاربة العالم في الساحة الفرنسية؟ وما هو تأثيرها على الرأي العام الفرنسي، خاصة في القضايا التي تهم المغرب؟

** أنشط في دعم الشباب ضمن برنامج (KESK’IA) الذي يسهل انتقال الشباب في الأحياء ذات الأولوية (المناطق الحساسة) إلى العالم الرقمي  من خلال معسكر تدريبي برعاية البلديات والشركات الخاصة ذات الاهتمام التكنولوجي القوي بتحديات الذكاء الاصطناعي.

غالبًا ما ترتبط المشاركة في هذه المعسكرات بالالتزامات السابقة في مختلف الهياكل السياسية أو النقابية وبتأثير ظروف معيشة المستهدفين على أسرهم في الوطن.

وتدريجيًا، تعمل هذه التوعية على تأطيرهم حول ظروفهم المعيشية في فرنسا ومسائل الاعتراف بمواطنتهم هنا وهناك، والتي غالبًا ما يتم تشجيعها من طرف المنظمات النقابية الفرنسية بشكل رئيسي في مكافحة الفقر واللامساواة.

المغاربة هم ثاني أكبر مكون من السكان في فرنسا، والشباب المغربي يسعى دائمًا إلى سد الفجوة بين البلدين، حيث يكرس لأجل ذلك وقته وخبرته المرتبطة بدراساته في فرنسا.

وغالباً ما تعمل هذه الجمعيات على مواضيع مثل مكافحة التمييز والترويج للثقافة المغربية ودعم المغاربة المقيمين في فرنسا. كما أنها تساعد على تعزيز العلاقات بين فرنسا والمغرب من خلال تسهيل التبادلات الثقافية والاقتصادية. إنهم يلعبون دورًا حاسمًا في تعزيز التنوع والاندماج، مع تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

* ما مدى حضور الكفاءات المغربية في مختلف القطاعات المهنية بفرنسا؟

** تسجل الكفاءات المغربية في فرنسا حضورها في مختلف القطاعات المهنية، مما يدل على مساهمتها الكبيرة اقتصاديا واجتماعيا. وفي المجال الأكاديمي، يشغل العديد من الباحثين والأساتذة من أصل مغربي مناصب مهمة في مؤسسات مرموقة، ويشاركون في البحث والابتكار.

أما على المستوى السياسي، فيلعب المسؤولون والمنتخبون المغاربة دورا نشيطا في المجالس المحلية والوطنية، مما يساهم في تعزيز التمثيل في الهيئات المنتخبة والاندماج. ومن بين قادة الأعمال، يتمتع رواد الأعمال المغاربة بالديناميكية، حيث يقومون بإنشاء شركات تساهم في التنوع الاقتصادي. وفي قطاع الهندسة، يتمتع المهندسون المغاربة بتمثيل جيد، خاصة في مجال التكنولوجيات والصناعة الحديثة، حيث يسخرون خبراتهم التقنية. كما تساهم مبادرات مثل منتديات التواصل حول المغتربين والجمعيات المهنية في تعزيز رؤية وتأثير الكفاءات المغربية، مما يسهل المبادلات والتعاون بين البلدين.

* عادت العلاقات المغربية الفرنسية إلى طبيعتها مؤخرا، فما تأثير ذلك على الجالية؟

** إن استعادة العلاقات المغربية الفرنسية، التي حفزتها زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، تعد بفرص كبيرة للجالية المغربية، اقتصاديا واجتماعيا. ومن شأن ذلك أن يعزز ديناميكية النمو والتكامل المطرد، وهو أمر مفيد للمغاربة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، لا سيما في قطاعات الطاقة والزراعة والبنية التحتية، وتطوير الشركات الناشئة، والتنمية المستدامة، والتبادل الثقافي، والالتزام السياسي والاجتماعي، والشراكات الجامعية كما هو شأن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات.

* ما هي المشاكل التي تعترض مغاربة العالم سواء في بلدهم الأم أو في بلدان الإقامة؟

** المشكلة الرئيسية هي عدم الانصاف عندما يتعلق الأمر بالمناصب الاستراتيجية الرئيسية في فرنسا والمغرب. فنحن مقصيون بسبب عقلياتنا المختلفة تمامًا، كما يواجه المغرب صعوبة في التواصل مع كفاءات الجالية وهي مشكلة ذات ثقافية سببها التردد في التغيير.

* ما هي انتظاراتكم من المؤسسة  المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج التي تم الإعلان عنها في الخطاب الملكي الأخير؟

** ننتظر مبادرة ملكية تفتح المجال أمام مغاربة العالم  للمشاركة في مرافقة بلدهم نحو تحول ناجح خاصة فيما يتعلق بمجالات “الصناعة 5.0” ورقمنة المنصات العمومية والمقاولات العامة والخاصة مثل المكتب الشريف للفوسفاط، والبنوك، .. إلخ.

كما يمكن لخدماتنا الاستشارية تحسين الرقمنة والارتقاء بخدمة العملاء، التي تحتاج إلى مراجعة كاملة، فغالبًا ما يشعر المغاربة بخيبة أمل إزاء الخدمات المقدمة في ما يخص خدمة ما بعد البيع على سبيل المثال.

لابد من فتح المجال أمامنا، والاستماع إلينا مباشرة لنقدم اقتراحاتنا، فنحن فخورون بكوننا مغاربة ونسعى لتسخير خبراتنا ومواهبنا خدمة للبلد الأم.. وباعتباري من مغاربة العالم، فإن التزامي تجاه المغرب هو التزام كامل، ورغبتي في المساهمة بشكل فعال في رؤية جلالة الملك من صميم تطلعاتي. بالمقابل، لقد سمح لي مساري المهني بملاحظة ظاهرة متكررة يواجهها العديد من أقراني، من أبناء المهاجرين تتمثل في “السقف الزجاجي” الشهير الذي يعرقل وصول هؤلاء إلى مناصب المديرين التنفيذيين في المقاولات الفرنسية الكبرى.

تؤكد الدراسات الحديثة التي أجرتها مؤسستا “DARES” و”PWC” أنه على الرغم من توفر هذه المناصب، إلا أنها غالبًا ما تظل غير متاحة للمنحدرين من الأقليات المهاجرة،  وخاصة أولئك الذين لهم أصول شمال إفريقية.

وتتجسد هذه الظاهرة بشكل خاص في المناصب المرتبطة بمجالس الإدارة وفي وظائف التطوير الاستراتيجي الرئيسية.

ومع ذلك، فإن هذا “السقف الزجاجي”، على الرغم من وجوده، لا ينبغي أن يصبح عائقا، بل يجب أن يكون حافزا إضافيا للمغاربة المقيمين في الخارج للمساهمة بشكل فعال في تنمية بلدهم الأصلي.

لقد اكتسبنا خبرة كبيرة ضمن مجموعات أوروبية وعالمية كبيرة، حيث اشتغلنا على التقنيات المتطورة، وشاركنا في مشاريع مبتكرة تمثل بوابة للمستقبل. وبهذه الخلفية نرغب اليوم في المشاركة في التحول الذي تراهن عليه المملكة، كما نود وضع خبرتنا في خدمة الدولة المغربية والقطاع الخاص لدعمهما في تحدياتهما الاقتصادية، وخاصة في العصر الرقمي. 

* هل خضتم تجربة عملية بالمغرب؟

** في هذا الإطار، أنا منخرط في الاتحاد العام لمقاولات المغرب ضمن قطاع “MeM Digitech”، حيث ندرس تحديات وفرص مهن الغد، ولا سيما تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وهو أحد أدوات الأداء الرئيسية في المستقبل القريب. كما أتيحت لي الفرصة للمساهمة في منشورات مثل منشور”AUSIM Maroc”، حيث تشاركت رؤيتي الإستراتيجية فيما يتعلق بتحديات تكنولوجيات الأعمال والتحول الرقمي في المغرب، كما قمت بنشر ورقة حول “الصناعة 5.0” بالمغرب.

إن المغرب بلد في خضم التغيير، ومن الضروري أن نفهم ونتقبل أن هذا التغيير ينطوي في العمق على تطور ثقافي. ولهذا، من الضروري قبول التزام الشباب والمواطنين المغاربة في جميع أنحاء العالم.

لقد أتيحت لي مؤخرًا فرصة المشاركة في تظاهرة دولية حول الذكاء الاصطناعي نظمتها جامعة محمد السادس بالرباط، حيث تمكنت من مقابلة مغاربة آخرين من المهجر، وكلهم مدفوعون بنفس الرغبة: المساهمة بحيوية في تطوير مجتمعنا ودولتنا.

إن إحدى التحديات الرئيسية التي يجب علينا التوعية بمخاطرها هي التحول الذي تعرفه علاقة أبناء الجالية مع البلد الأم.

فمن الضروري تعزيز التعاون وإنشاء الهياكل المناسبة، من أجل تسهيل مشاركتنا في جهود التحول الوطني.فنحن، المغاربة المقيمين في الخارج، تم تكويننا وعملنا في سياقات دولية تنافسية للغاية، ونحن فخورون بكوننا مغاربة، ونرغب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في أن نعتبر لاعبين أساسيين في مسيرة المغرب نحو التميز.

رؤيتي واضحة: المساهمة في تنمية المغرب، خاصة من خلال الابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي، ليست هدفا مهنيا فحسب، بل هو واجب أخلاقي أيضا. لدينا الفرصة لدعم بلدنا في تحقيق رؤيته الرقمية لعام 2030، وأنا مقتنع بأن خبرتنا وتجربتنا والتزامنا يمكن أن تكون أصولا قيمة لتسريع هذا التحول.

ولهذا السبب، أود أن أعرب عن خالص آمالي: بأن يمنحنا جلالة الملك والسلطات المعنية، خاصة الحكومة والوزارة المكلفة بالتحول الرقمي، فرصة المشاركة الفعالة في بناء مستقبل المغرب. طموحنا الجماعي هو المساهمة في مستقبل أفضل لبلدنا، بانفتاح ورؤية مشتركة.

Share
  • Link copied
المقال التالي