لطالما حُلم بوصل بين القارتين الأفريقية والأوروبية عبر جسر يربط بين شواطئ جبل طارق، ليصبح هذا المشروع حلماً يراود المهندسين والسياسيين على حد سواء، حيث أن إقامة هذا الجسر ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى عقود مضت، حيث طرحت كحلٍ مثالي لتسهيل التجارة والنقل بين القارتين.
وكشفت تقارير إسبانية، أنه ورغم المزايا الاقتصادية والسياسية التي قد يجلبها هذا المشروع، إلا أن هناك العديد من التحديات الهندسية والطبيعية التي حالت دون تحقيقه، حيث يمكن تلخيص هذه التحديات في ثلاثة نقاط، وهي عمق المياه الهائل، والتيارات المائية القوية، ثم النشاط الزلزالي.
ويتميز مضيق جبل طارق بعمق كبير يصل إلى 900 متر في بعض المناطق، مما يجعل عملية إنشاء أعمدة داعمة للجسر أمراً بالغ الصعوبة والتكلفة، وعلى العكس من ذلك، فإن عمق قناة المانش التي يمر بها نفق القطار أدنى بكثير، مما سهل عملية البناء.
وتتلاقى التيارات المائية القوية في مضيق جبل طارق، مما يشكل تهديداً كبيراً لأي بنية تحتية تقام في هذه المنطقة. هذه التيارات القوية قد تؤثر على استقرار الجسر وتعرضه للتلف.
كما أن مضيق جبل طارق يقع في منطقة نشطة زلزالياً، حيث تلتقي الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسيةـ أي زلزال قوي في هذه المنطقة قد يتسبب في انهيار الجسر.
وعند مقارنة مشروع جسر جبل طارق بنفق القناة الإنجليزية، نلاحظ أن الأخير تم بناؤه في ظروف جيولوجية وبحرية أكثر استقراراً، فعمق قناة المانش أقل بكثير، والتيارات المائية فيها أضعف، كما أن النشاط الزلزالي في المنطقة أقل.
وبالإضافة إلى التحديات الهندسية، هناك أيضاً تحديات سياسية واقتصادية تحول دون تحقيق هذا المشروع الطموح. فالتكاليف الباهظة لبناء مثل هذا الجسر قد تكون عائقاً كبيراً، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العديد من الدول. كما أن هناك اعتبارات سياسية وأمنية يجب أخذها بعين الاعتبار، خاصة في ظل التوترات السياسية بين بعض دول المنطقة.
ورغم أن فكرة بناء جسر يربط بين أوروبا وأفريقيا تبدو جذابة، إلا أن التحديات الهندسية والطبيعية والسياسية التي تواجه هذا المشروع تجعله أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن التقدم التكنولوجي قد يفتح آفاقاً جديدة في المستقبل، مما قد يسمح بتحقيق هذا الحلم الطموح.
تعليقات الزوار ( 0 )