شارك المقال
  • تم النسخ

جدل قانوني وحقوقي حول قرار هيئة أكادير رفض محام متمرن ذي توجهات انفصالية

 لا يزال قرار هيئة المحامين بأكادير، القاضي برفض تسجيل مرشح للتمرين، بسبب توجهاته الانفصالية يثير نقاشا قانونيا وحقوقيا، وسياسيا أيضا، وذلك بالنظر إلى ما تمثله قضية الصحراء في المخيال السياسي للمغاربة، ورؤاهم الوحدوية، وتمثلاتهم ومواقفهم الرافضة لأي مس بالوحدة الوطنية والترابية للمغرب.

عرضت جريدة “بناصا” لوجهتي نظر مختلفتين، لكل من الأستاذ صبري الحو، المحامي بهيئة مكناس والخبير في نزاع الصحراء، ووجهة نظر الأستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، والمحلل السياسي المعروف.

 وهما وجهتا نظر، وإن اختلفتا في التحليل القانوني والسياسي للنازلة، فهما تتفقان من حيث المبدأ، ويتعلق الأمر هنا بتعدد المقاربة ووحدة الهدف، والهدف هنا يتمثل في الوحدة الترابية للوطن ولاريب.

 وإذا كان صبري الحو يرى بأن “باب التوبة” يبقى  مفتوحا، ولو من باب القانون، ما دام الفعل الذي قام به المرشح للتمرين هو فعل ماض قد يتراجع عنه المعني بالأمر، يرى المنار اسليمي في قرار هيئة المحامين بأكادير، بأنه يتضمن الكثير من الوطنية والحكمة وتطبيق سليم للقانون، “ولا يمكن لهيئة محاماة أن تقبل ضمن أعضائها مرشحا يعلن عن عدائه للوحدة الترابية المغربية”.

وفي نفس النازلة، والتي أثارت جدلا قانونيا وسياسيا وحقوقيا، سنعرض وجهتي نظر مختلفتين، إحداهما للأستاذ محمد الهيني، المحامي عن هيئة تطوان، والقاضي السابق، والثانية للأستاذ خالد البكاري، أستاذ جامعي وناشط حقوقي.

قرار حكيم وشجاع

محمد الهيني، المحامي المعروف عن هيئة تطوان، ذهب في اتصال مع جريدة “بناصا” بخصوص قرار هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير كلميم والعيون، الصادر بتاريخ 3 فبراير 2020 القاضي برفض طلب أحد الأشخاص الرامي إلى التقييد في لائحة المتمرنين بسبب توجهاته الانفصالية المعادية للوحدة الترابية “يعتبر قرارا تاريخيا وتأصيليا وحكيما وشجاعا لأنه لأول مرة تعرض مثل هذه النازلة”.

واعتبر الهيني أن هذا القرار يمثل “أهمية قصوى لأنه جاء مبدئيا ومنسجما مع أحكام الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية لأن حرية التعبير تتنافى مع خرق القانون وانتهاك السيادة المغربية وضرب الوحدة الترابية”.

وأشار المتحدث إلى أن المحامين “يؤدون القسم على احترام القانون والأمن والسلم العمومي” مضيفا بأن  المواطنة الحقة “لا يمكن اختزالها في شهادة الجنسية وإنما هي شعور بالانتماء للوطن يتمثل في الولاء له وفي احترام نظامه العام وفي المشاركة في تحمل الأعباء المادية والمعنوية تجاهه وفي الدفاع  عنه وفي عدم المساس بثوابته إلى غير ذلك من مستلزمات الانتماء”.

وشدد الهيني على أن قرار هيئة أكادير “يتلاقى كليا مع بيانات ومواقف جمعية هيئات المغرب  المناصرة دوما لقضية الصحراء المغربية كقضية كل المغاربة وكل من مس بالأجماع فهو ليس بمغربي ولا يستحق أن يكون مواطنا”.

وقال: “لا ديمقراطية دون احترام القانون ولا مراعاة قواعد المواطنة الصادقة القائمة على صيانة اللحمة الوطنية الجامعة على احترام ثوابت الوطن وحدوده الحقة”.

وأكد المتحدث على أن هذا القرار “يعكس التكوين العالي للهيئة من حيث متانة وسلامة التعليلات وجوهرها المواطناتي”.

وختم حديثه بالقول: “نحيي عاليا  نقيبنا ومفخرتنا الأستاذ وهبي وكل أعضاء الهيئة على قرارهم الوطني لاسيما وأن المعني ظل على موقفه حتى بعد استفساره من طرف الهيئة، ومما لا شك فيه فإن كل تراجع من المخاطب بالقرار عن مواقفه  بشكل نهائي وثابت سيعدل ويغير مضمون أي قرار مستقبلي وسنكون أول المدافعين عن أن الوطن غفور رحيم”.

شطط في استعمال السلطة

بالنسبة للناشط الحقوقي خالد البكاري، فإنه يعتبر حالة  محمد حالي، التي رفضت هيئة أگادير تسجيله محاميا متمرنا، “تبقى حالة متفردة وغير مسبوقة” حسب رأي البكاري.

 وتساءل المتحدث قائلا: “لا أعرف هل في القانون الداخلي للهيئة ما يمنع مواطنا من مزاولة المهنة ضمن هياكلها بسبب آرائه السياسية”.  قبل أن يستدرك من وجهة نظره الحقوقية بأن الأمر “يشبه الشطط في استعمال السلطة”، لأن المحامي، حسب رأيه،  أو المنتمي لأي مهنة “معنى باحترام ضوابطها وأنظمتها من لحظة قبوله في هذه المهنة، ولا معنى لمحاسبته على ما قام به قبل ذلك، إذا اعتبرنا أن ما قام به سابقا مخالف لأنظمة الهيئة ومقرراتها”.

واعتبر البكاري، في اتصال مع جريدة “بناصا” بأن القرار هو حكم على ماسبق، وقال: “في اعتقادي فقد تم الحكم على السيد محمد حالي بما سبق، إذا كان هذا الشخص قد ارتكب قبل نجاحه في مباراة المحاماة ما هو مخالف لقوانين البلد، فكان على القائمين على إنفاذ القانون تحريك المتابعة في حقه حينها، أما وأن الحال اليوم أن هذا المواطن (ولا يمكن لقرار الهيئة ان تسقط عنه المواطنة) لم يحاكم سابقا بسبب ممارسته لقناعاته السياسية، فلا يعقل حرمانه من مزاولة مهنة بمبرر تعذر انضباطه لمقررات الهيئة وأنظمتها، فذلك رجم بالغيب”.

وخلص البكاري في اتصال مع جريدة “بناصا” إلى أن  “الهيئة لها ما يكفي من القوانين لإحالة المعنى بالأمر في حالة ارتكابه لمخالفات مهنية، بل والتشطيب عليه إذا اقتضى الحال، أما اعتماد تقرير أمني لحرمانه من مزاولة العمل استنادا لقناعات يحملها المعنى بالأمر، أو استنادا لممارسات قام بها سابقا، ولم يدن بسببها، فشخصيا لم اقتنع بالمبررات التي قدمتها الهيئة ونقيبها الأستاذ حسن وهبي”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي