أدى تشابك مجموعة من الظروف السياسية عشية استقلال المغرب إلى أن يصبح يوم 11 يناير مناسبة للاحتفاء بذكرى تقديم وثيقة المطالبة باستقلال المغرب والتي رفعها رجالات الحركة الوطنية المغربية في المنطقة الجنوبية الخاضعة لسلطات الحماية الفرنسية.
تضمنت الوثيقة المذكورة أربعة مطالب رئيسة تتلخص في:
1- المطالبة باستقلال المغرب ووحدة ترابه تحت ظل المغفور له السلطان مولاي يوسف.
2_ الالتماس من السلطان التدخل لدى الدول الأجنبية التي يهمها الأمر الاعتراف بهذا الاستقلال، ووضع اتفاقيات تحدد ضمن السيادة المغربية ما للأجانب من مصالح مشروعة أن يطلب المغرب للدول الموافقة على وثيقة الأطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح.
3ـ أن يشمل السلطان برعايته حركة الإصلاح التي يتوقف عليها المغرب داخليا،وإقامة نظام سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية في الشرق.
بالمقابل، يؤكد التاريخ أن أول وثيقة عبرت عن طموح الشعب المغربي للاستقلال هي تلك التي صدرت بشمال المغرب يوم 14 فبراير 1943، أي بعد ثلاثة أسابيع من لقاء الدار البيضاء بين روزفلت والمغفور له محمد الخامس، قدمتها الجبهة القومية للوطنية المغربية بتطوان إلى القناصلة العامين للدول العظمى بطنجة وتطوان.
الوثيقة المذكورة، الصادرة في 14 فبراير 1943 التي وقعها كل من عبد الخالق الطريس والمكي الناصري باسم الجبهة، تم نشرها كاملة في جريدة “الوحدة المغربية” في عددها رقم 343، الصادر بتاريخ 2 مارس 1944، تضمنت عدة نقاط هامة تعبر عن طموحات الشعب المغربي مثلما اهو الأمر بالنسبة ل: نهاية الحماية بجميع مناطق المغرب، الاعتراف وضمان استقلال وسيادة المغرب الداخلية والخارجية كما كانت عليه قبل الحماية في ظل الدولة العلوية، إبرام اتفاقيات ومعاهدات حرة لضمان المصالح المشتركة مع جميع الدول خصوصا تلك المجاورة والدول الاسلامية، اعتبار مجموع التراب المغربي محايدا في حالة اندلاع نزاع دولي.
وهنا، وبالمناسبة، يحق التساؤل هل كان الوطنيون في جنوب المغرب على علم بمبادرة تقديم وثيقة الاستقلال ل 14 فبراير 1943، وهل حاول الوطنيون في الشمال التنسيق معهم قبل الإقدام على هاته الخطوة البالغة الأهمية؟
كيفما كان الأمر، فما هو جلي في نظري، هو كون معظم الكتابات التاريخية لم تول العناية المستحقة لهذه الوثيقة التاريخيةـ ولمساهمة الحركة الوطنية في الشمال، ولربما نجد أحد مفاتيح الفهم في التهميش الطويل الذي عاناه شمال المغرب بعد الاستقلال نتيجة عدة عوامل تاريخية على رأسها ذوبان النخب المحلية الممثلة للخصوصية المحلية في حزب الاستقلال، بحيث فقدت هاته المناطق المعبر السياسي الأمين والصادق عن خصوصياتها وطموحاتها لدى الدولة المركزية.
*إعلامي وباحث
تعليقات الزوار ( 0 )