تعتبر جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، المعروفة اختصارا بـ (UM6P) الواقعة في مدينة بن جرير مؤسسة تعليمية حديثة العهد، حيث بدأت في منح الدرجات العلمية منذ أقل من عقد من الزمن.
ومع ذلك، فإن مكتب التصميم المعماري العالمي “ريكاردو بوفيل تالير دي أركيتكتورا” (RBTA) الذي كان يرأسه الراحل ريكاردو بوفيل حتى وفاته بكوفيد-19 عام 2022، ليس غريباً على هذه الجامعة.
ففي عام 2011، فاز المكتب بالمسابقة التي نظمت لتصميم وتخطيط الحرم الجامعي الذي يمتد على مساحة تقارب 135 فداناً، متفوقاً على كبار المكاتب المعمارية مثل OMA و Zaha Hadid Architects.
وعلى مدار السنوات الـ 13 الماضية، واصل المكتب، تحت قيادة ابني بوفيل، العمل الدؤوب على إنجاز هذا المشروع الضخم، الذي اكتمل منه بالفعل جزء كبير.
وتواصل الجامعة، التي يبلغ عدد طلابها حالياً حوالي 5000 طالب، نموها والتوسع، حيث بدأت ببناء فروع جديدة لها، بما في ذلك حرم جامعي جديد في منطقة الرباط-سلا، بالقرب من العاصمة، يقدم برامج دراسية في العلوم الاجتماعية والاقتصاد والإنسانيات.
وفي هذا المشروع أيضاً، تولى مكتب RBTA مهمة التخطيط الرئيسي، مستخدماً نفس الاستراتيجية القائمة على المحاور والأرصفة المغطاة والساحات العامة، ومن المقرر أن يفتح هذا الخريف أبواب مركز المؤتمرات في الحرم الجامعي الجديد، وهو قاعة محاضرات أكاديمية كبيرة بما يكفي لاستضافة المؤتمرات والاجتماعات.
يقول بابلو بوفيل: “كان من المهم بالنسبة لنا ألا نكون متشبثين بالطابع المحلي بشكل مبالغ فيه، لأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج تقليدية”. ويوضح تأثير النسيج المعماري المغربي على تصميم مركز المؤتمرات قائلاً: “في المغرب، هناك دائماً هندسة داخلية، حيث قد تمر عبر باب صغير ثم تصل إلى فناء ثم باب آخر وهكذا”، مشيراً إلى اهتمام الفريق بالهندسة والتسلسل في التصميم.
وبالفعل، خلف طبقات من المساحات المتحدة المركز، يكمن جوهر المشروع: قاعة محاضرات باللون الأخضر الزمردي، يضيئها قبة بيضاء من الجبس تمنح الغرفة رونقاً دراماتيكياً.
ويبدأ المسار من الباحة المزينة بالأشجار التي تربط مركز المؤتمرات ببقية حرم جامعة محمد السادس بالبوليتكنيك في الرباط-سلا. ويحدد جدار يشبه الأعمدة، مغطى بالحجر الجيري المحلي البيج و مثقب بفتحات مستطيلة، محيط المبنى.
ويحيط هذا المدخل بفناء أولاً، ثم بأسطوانة ضخمة من الخرسانة المسلحة مع أربعة أقواس عريضة حول قاعدتها، وضمن هذا الحجم الأسطواني، يقع ردهة الدخول وأبنية متدرجة (تضم قاعات دراسية) تتخللها آبار ضوء تحيط بمسرح التعليم الأحادي اللون الذي يتسع لـ 1500 مقعد.
وعلى الجانب الآخر، في الفراغ بين الأسطوانة والجدار الخارجي، وضع المهندسون المعماريون مقهىً مع الكثير من المقاعد (وإطلالات على بستان زيتون)، ومساحة للمعارض، وقاعة ماسية الشكل تتسع لـ 300 شخص، وهي أيضاً خضراء بالكامل.
وقد استخدم الاستوديو الكتالوني الألوان بشكل فعال لإضفاء الحياة على عمارته، مثل اللون الأزرق الداكن في قلعة كافكا والأحمر والنيلي في لا مورايا روجا، المستوحى من القصور المغربية.
يقول بوفيل: “الألوان جزء من هويتنا، وهي استراتيجية نأخذها في الاعتبار دائماً. بالنسبة لنا، يصبح الفضاء أكثر قوة عندما يكون هناك لون واحد بدلاً من خليط من الألوان، فهو يساعد الناس على تحديد مكان مميز في أذهانهم”.
كما يحمل اللون الأخضر أهمية ثقافية في هذا السياق، حيث يرتبط بالجنة والطهارة في الإسلام، وخماسي علم المغرب، والبلاط الزليجي الذي يزين المساجد البارزة في جميع أنحاء البلاد.
ويعترف بوفيل قائلاً: “أحياناً تكون الطريقة الوحيدة للقيام بالأشياء في المغرب هي القيام بها بسرعة، حيث يحدث العمل والبناء في نفس الوقت تقريباً. لقد كان هذا دائماً تحدياً”. ولكن على الرغم من ذلك، يسود المشروع نوع من الجودة السينمائية، وهو أمر ملحوظ بالنسبة لمكتب جذب أعماله انتباه كشافي المواقع لأفلام مثل “البرازيل” (1985) والبرامج التلفزيونية مثل “ويستوورد” (2016-22)، أو ألهم تصميم الديكور، كما في “لعبة الحبار” (2021).
ويشير بوفيل إلى أن “هذا المشروع يتعلق بأكثر من مجرد الهندسة المعمارية”. وتأسست جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، العلوم، والتكنولوجيا،والعلوم الاجتماعية، والأعمال، بهدف توفير التعليم الجيد للطلاب من جميع أنحاء القارة.
ويضيف: “الأمر يتعلق بمحاولة أن نكون جزءًا من تحول المكان”، مشيراً إلى أنه أصبح من الصعب بشكل متزايد على الطلاب في المغرب العربي الناطق بالعربية والفرنسية الحصول على تأشيرات لدراسة في فرنسا.
ويقول: “الهندسة المعمارية ذريعة لتحقيق التقدم”. وفي حين أن هذا قد يكون صحيحًا، فإن مركز المؤتمرات سيجعل أولئك الذين ليسوا طلابًا هناك يائسين أيضاً – من الحسد.
تعليقات الزوار ( 0 )