كانت وما تزال جائحة كورونا مناسبة لتعرية واقع القطاعات العمومية والخصوصية في المغرب بما يتناقله المغاربة عادة من ضعف الحكامة، والهشاشة، والتراخي، وضعف الكفاءة؛ ومن هذه القطاعات قطاع التعليم الذي ظهر بوجهه الحقيقي بما لم تستطع إخفاء قبحه مساحيق التصريحات والتبريرات.
ولئن كان قطاع التعليم في شقه الأساسي والثانوي قد ناله حظه من النقد، والسخرية، والسخط؛ فإن واقع التعليم الجامعي ظل لغزا نظرا لما يتمتع به الأستاذ في الجامعة المغربية من حصانة تجعله في الغالب بعيدا عن أن تطاله أعين النقد والمساءلة.
إدريس (اسم مستعار) واحد من الطلبة الجامعيين الذين كابدوا معاناة هذا النوع من “التراخي” الجامعي ورصد جملة من الاختلالات وسط إحدى المؤسسات الجامعية التي يتابع فيها دراساته العليا، وأزاح الشجرة التي تغطي غابة الفساد المتشعّب في هذا الملف.
يحكي إدريس، في اتصال بجريدة “بناصا”، أنّ “فئة ليست بالقليلة، لا تحسن التعامل مع التكنولوجيا بحيث يرمي الأستاذ بما كتبه للطلبة مصورا بخط يده، ولا يلقي بالا حتى لجودة الصورة وما يؤثر من ذلك من الأغلاط اللغوية والمعرفية”.
وأضاف المتحدث ذاته، الذي يتابع دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، “أن الطلبة يتناقلون ما يرمي به الأستاذ من دروس، دون القدرة على التواصل مع كاتبها”، مُشدّداً بالقول إنّ “الأستاذ الجامعي لا يتواصل غالبا”.
“ومن الكوارث أنْ تجد غالب الأساتذة إلا من رحم الله لا يقدرون أو لا يكلفون أنفسهم حتى فتح كاميرا هاتف لشرح ما قذفوه من دروس للطلبة”، يُردف إدريس.
ويسترسل الطالب الجامعي قائلا: “ليت الأمر يصل إلى هذا الحد؛ بل إنك تجد من لا يكلف نفسه حتى كتابة درس بيده واكتفى فقط بنسخ درس من محركات البحث ونسبه لنفسه ولم يكلف نفسه حتى قراءته ومراجعته في مخالفة واستهتار بكل الأعراف”.
“ليس هذا وحسب”، يقول إدريس، “بل إنه يسائل حتى طبيعة عمل الإدارة داخل الجامعة المغربية؛ والتي من المفروض أن تكون القدوة والمنطلق النظري والتطبيقي لباقي القطاعات الحكومية”.
وشدّد المتحدث ذاته، “أن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، تشهد نوعا من التراخي وضعف التواصل والعشوائية في تسيير مرفق عام”.
وأوضح إدريس، “أنه من المفروض أن يكون المرفق العام أنموذجا؛ فلوائح الطلبة ما تزال إلى اليوم غير مرتبة وكثير من الطلبة لم يعلموا بقبولهم إلا في هذه الأيام”.
وأشار إدريس، ضمن التصريح ذاته، إلى أنّ “الإدارة، ومع ذلك، تصر على برمجة الامتحانات في وقتها الطبيعي، وكأن شيئا لم يكن، بل إنّ طلبة الفصل الأول في الغالب ليس لديهم أدنى فكرة عن طبيعة التعليم في الجامعة”.
وأضاف، “أن الأستاذ الجامعي (دون تعميم)، يكتفي برمي الدروس والابتعاد عن أي تواصل؛ ليترك المجال للشائعات التي تصبح هي المتحكم في علاقة الطلبة بالجامعة”.
وختم، إدريس، حديثه مع “بناصا” قائلا: “نستطيع بكل بساطة أنْ نرى واقع الجامعة المغربية والأستاذ الجامعي من خلال نظرة بسيطة لماذا جامعاتنا دائما خارج أي تصنيف”.
تعليقات الزوار ( 0 )