شارك المقال
  • تم النسخ

ثورة “لغة شكسبير” في قطاع التعليم بالمغرب.. تحديات عديدة تواجه اعتماد اللغة الإنجليزية

في سياق تتجدد فيه دعواتُ اعتماد الإنكليزية لغة ثانية بدل الفرنسية، يعتزم المغرب توسيع تدريس “لغة شكسبير” لتشمل جميع مستويات التعليم الإعدادي عوضا عن اقتصارها على السنة الأخيرة، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل.

وكشف مدير مديرية المناهج والمفتش العام للشؤون التربوية بوزارة التعليم، فؤاد شفيقي، الثلاثاء الماضي في تصريح للقناة الثانية الرسمية، توجه الوزارة إلى تعميم تدريس اللغة الإنكليزية بجميع مستويات الإعدادي انطلاقا من الموسم الدراسي المقبل، وذلك وفق مراحل.

وفي وقت لا يزال فيه حضور اللغة الفرنسية طاغيا على منظومة التعليم، أشار المسؤول المغربي إلى أن اعتماد هذه المقاربة، سيؤهل التلاميذ خلال نهاية السلك الإعدادي، من التمكن من الإنكليزية ومتابعة بعض المواد التي تدرس بها في المرحلة الثانوية.

وتأتي تصريحات المسؤول التعليمي، بعد أن كشف وزير التعليم، شكيب بنموسى، بداية الموسم الدراسي الجاري، عن فتح مشاورات حول موضوع توسيع تدريس اللغة الإنكليزية لتشمل مستويات السلك الإعدادي، ورفع عدد مدرسيها، وذلك في أفق تدريس بعض المواد باللغة الإنكليزية مستقبلا في السلك الثانوي.

ويطرح موضوع لغة التدريس الأجنبية، نقاشا لغويا وثقافيا متواصلا، بين المطالبين بإقرار قطيعة مع اللغة الفرنسية “المتجاوزة” والانفتاح على الإنكليزية “لغة التطور والبحث العلمي”، وبين من يعتبر أن مشاكل قطاع التعليم بالمغرب “أعمق” من جدل اللغة المعتمدة.

وتحتل اللغة الفرنسية مكانة مهمة في مختلف مناحي الحياة العامة بالمغرب، حيث تعتمدها أغلب الإدارات الحكومية إلى جانب العربية والأمازيغية، كما أن تدريس مجالات الطب والهندسة والاقتصاد بالجامعات المغربية يتم بـ”لغة موليير” ويرتبط بها بشكل وثيق سوق الشغل وعالم المال والأعمال.

وشهر سبتمبر الماضي، أطلق نشطاء في المغرب عريضة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقع عليها أكثر من 10 آلاف شخص، للمطالبة باعتماد الإنكليزية لغة ثانية في التدريس بدل الفرنسية، وبوقف استخدام الأخيرة في الإدارات والمؤسسات العمومية، كما تصدّر وسما “لا للفرنسية” و”نعم للإنكليزية” صدارة الـ”ترند” بالمغرب لأسابيع.

المنتدى المغربي للحق في التربية والتعليم، رحب بتصريحات مدير مديرية المناهج التعليمية، معتبرا أنها “خطوة في الاتجاه الصحيح لإعادة السيادة اللغوية بمنظومة التربية والتكوين المغربية التي وجب الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الفضلى لمستقبل المتعلم والثقافة والهوية والثوابت الوطنية”.

وطالب المنتدى المغربي في بيان، وزارة التربية الوطنية بمنح الوقت الكافي لـ”خطة الانتقال اللغوي، عبر تأهيل الموارد البشرية وتوفير التكاليف المالية اللازمة لتحقيق هذه الغاية”.

وأشار المنتدى إلى أن اللغة وسيلة للتفكير والتواصل، وأن الاختيار المنطقي يقتضي استحضار قيمة البنية اللغوية للغة المقرر تعليمها للمغاربة، ومدى تحقيقها لأوسع نطاق للتواصل والانفتاح، معتبرا أن هذه الشروط “لا تتوافر في اللغة الفرنسية لا من حيث بنيتها أو من حيث آفاق استعمالها”.

وتابع بيان منتدى “الحق في التربية والتعليم”، أن اعتماد اللغة الإنكليزية لغة أجنبية أولى للمغاربة “سيفتح أمام متعلميها آفاقا واسعة من حيث التحصيل الدراسي والارتقاء العلمي وكذا التواصل مع باقي شعوب العالم”.

الأستاذ الجامعي المتخصص في علوم التربية واللغات بجامعة محمد الخامس بالرباط، الحسن مادي، يعتبر أن توسيع تعليم اللغة الإنكليزية بجميع مستويات التعليم الإعدادي خطوة “جريئة” تمهد لتعميمها مستقبلا على باقي المستويات بدل الفرنسية، ويشير إلى أن التوجه نحو الإنكليزية سيكون بمثابة “ثورة في المنظومة التربوية، ستشمل أبعادها مجالات الاقتصاد والحياة العامة بالمملكة”.

ويبرز مادي في تصريح لموقع “الحرة”، إلى أن “التوجه نحو تعميم اللغة الإنكليزية “أمر إيجابي جدا”، غير أنه يلفت بالمقابل إلى أن مشاكل منظومة التعليم، لا ترتبط باللغة المعتمدة فقط، بل أن هناك “مشاكل أعمق” ترتبط بالمقررات الدراسية وطرق التدريس والنقص في الموارد البشرية وضعف ميزانية القطاع، داعيا إلى حلحلة كل هذه القضايا جنبا إلى جنب مع مسار التحول.

ويؤكد الخبير في علوم التربية على الكلفة الاقتصادية الكبيرة لهذا “التحول المنشود”، مشيرا إلى أنه يتطلب تهيئة شروط أساسية ستحتاج سنوات من العمل من خلال تكوين المدرسين والأساتذة وإعداد الوسائل التعليمية والبرامج المرتبطة بهذه المادة، بالإضافة إلى ربط اللغة الإنكليزية بسوق العمل الذي تهيمن عليه الفرنسية.

في نفس السياق، يلفت الخبير المغربي إلى أن هذا الانتقال يتطلب كذلك إقناع النخبة الاقتصادية والثقافية الفرنكوفونية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع فرنسا والتي سترفض أي قرارات لا تخدم مصالحها، وذلك من خلال فتح حوار واسع مع مختلف المتدخلين التربويين والاقتصاديين والسياسيين لدراسة أي تغيير مرتقب.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي