Share
  • Link copied

ثقل وتعدد الغرامات وضعف التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل.. التقدم والاشتراكية يستعرض أسباب تصويته ضد مشروع قانون الإضراب

استعرض رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، الأسباب التي جعلت فريقه، يصوت ضد صيغة مشروع “قانون الإضراب” التي تمت المصادقة عليها، اليوم الأربعاء، بمجلس النواب.

وقال حموني، خلال كلمة له بمجلس النواب، إن من أبرز أسباب التصويت ضد صيغة المشروع، هو “محدوديةُ تجاوُبِ الحكومة مع توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها جعلُ تأطير وضمانُ ممارسة حق الإضراب مشــروعاً مُجتمعيا يتطلب توافقاتٍ بناءة ومتينة”.

وأوضح حموني في كلمته اليوم الأربعاء، خلال جلسة التصويت على المشروع في قراءته الثانية، أن تصويت فريق التقدم والاشتراكية، ضد صيغة المشروع، لا يعني أن “الكتاب” ضد “تأطير حقٍّ كَوني دستوري، حيث ينص الفصل 29 من الدستور على أنَّ “حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته”.

وتابع أن الفريق التقدمي، برهن “على حسِّ الإيجابية وروح المسؤولية، عبر إسهامه الفعلي في وضع هذا النص التشريعي ذي الأبعاد المجتمعية، على سِكَّة المناقشة البرلمانية، بعد سنواتٍ من التقاذُف والأخذ والرد”، مضيفاً أنه تحمل مسؤوليته في “تجويده، من خلال المشاركة الجادة بتعديلاتٍ جوهرية، من منطلقاتٍ حقوقية وديموقراطية”.

واسترسل: “ثم إننا نصوت اليوم ضد الصيغة الحالية للمشروع، ليس لأنها لا تتضمن أيَّ إيجابيات، بل لأنَّ تطوير النص الأصلي خلال مسار المصادقة البرلمانية لم يصل إلى درجة ما كنا نطمحُ إليه مِنْ تتَجَنُّبٍ لكل المقتضيات والإجراءات التكبيلية التي تجعل من ممارسة حق الإضراب أمراً مُتَعَسِّراً”.

وأردف أنه “بالنظر إلى مكانة القانون التنظيمي للإضراب، ذي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والديموقراطية والحقوقية، كنا نطمحُ إلى يَحصُلَ حولهُ إجماعٌ للقوى السياسية وللحركة النقابية”، متابعاً: “كما كنا نتطلع إلى أن تُقبَلَ، بدرجةٍ أكبر، تعديلاتنا الأساسية التي ارتكزت على توخّي التوازن بين مصالح الطبقة العاملة والمهنيين”.

وأبرز أن تعديلات فريقه، كانت تهدف أيضا إلى تحقيق التوازن “بين مصلحة المقاولة الوطنية، والمصلحة العليا للوطن”، مسترسلاً: “مع ذلك، لا يمكننا سوى أن نعبر عن الاعتزاز بعُمقِ المناقشةِ البرلمانية لهذا النص، بما جَسَّدَهُ من صورة حقيقية مطلوبة يتعين أن تكون عليها المؤسسة التشريعية”.

وبالرغم من انتقاد رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب لصيغة المشروع، وتصويت فريقه ضدها، إلا أنه هنأ وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، على “المجهود الكبير الذي بذلتموه والتفاعل الإيجابي الذي أبديتموه لتطوير النص نسبياًّ، منذ صيغته الأصلية وإلى حدود الصيغة الحالية”.

كما، أثنى رئيس فريق التقدم والاشتراكية بالغرفة الأولى للبرلمان، على ما أسماه بـ”الحِسِّ السياسي والتواصلي” الذي ميَّزَ تعامُل الوزير، “خلال كل المراحل التي قطعتها مناقشةُ هذا المشروع”، وهو الحِسُّ السياسي المفقود، حسب حموني، “لدى معظم أعضاء الحكومة الحالية”.

ونبه إلى أنه “من الإيجابي أنَّ بلادنا ستتوفر على قانونٍ للإضراب، لطالما تمَّ انتظارُه منذ أزيد من ستة عقود. لكن من المؤسف حقاًّ أن النص الذي بين أيدينا لم تتوفر له الشروطُ الكافية واللازمة والمُقنِعَة، حتى يحظى بموافقتنا وموافقة الجميع، وذلك لدواعي ومبررات قوية ومعقولة لا يتَّسِعُ الوقتُ لسردها كلِّها”.

هذا، وأضاف حموني: “لكن حَسْبُنا أنَّ هذا المشروع سيحتكُّ قريباً بالواقع والممارسة العملية، وحين تتَكَشَّفُ ثغراته، ستكون للبرلمان عودةٌ من أجل الإصلاح والتجويد”، متابعاً: “بالفعل، اليوم، تُصِرُّ الحكومة على عدمِ إدراجِ ديباجةٍ قوية تؤكد المرجعيات الحقوقية والدستورية لممارسة الإضراب”.

وسجل حموني، استمرار ضعف التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل في الصيغة الحالية للمشروع، إضافة لثقل وتعدد الغرامات، مشيراً إلى أن المشروع تضمن أيضا “استمرار إثقال النص بالمساطر والإجراءات والآجال والجهات الواجب تبليغها، عوض الاقتصار على المبادئ الأساسية، بما يعقِّدُ الدعوة إلى الإضراب والمشاركة فيه”.

وفي نفس الوقت، يقول حموني: “تُصِرُّ الحكومةُ على إبقاء الحرمان التلقائي من الأجر بسبب الإضراب، عوض الاعتماد على بدائل أخرى اقترحناها استلهاماً من التجارب الدولية الفُضلى. كما لم تعمل الحكومة على إقرار عدم تطبيق مبدأ “الأجر مُقابل العمل” إذا ما كان سبب الإضراب هو عدم أداء الأجر من قِبَلِ المشغِّل”.

وفوق هذا وذاك، أوضح حموني، أن “هذه اللحظة الهامة التي نُــصوِّتُ فيها على مشروع القانون التنظيمي، لا يجب أن تُنسيَنَا أنَّ ممارسة الإضرابِ ليست غايةً في حدِّ ذاتها”، مسترسلاً: “حيثُ لا تُستعملُ غالباً هذه الوسيلة إلاَّ اضطراراً، في حالات انسداد آفاق حل نزاعاتِ الشغل، وفي حالات الاحتقان الاجتماعي، وفشل الحوار الاجتماعي”.

وفي هذا السياق، أردف حموني، أن هذا الأمر، هو ما يحدث اليوم “في ظل هذه الحكومة التي تفاقمت معها البطالة، وارتفعت الأسعار، وأفلست المقاولات، وتنامَى الفساد، وتراجَعت الحقوق والحريات”، مبرزاً أن فريقه، يؤكد “على أنَّ عالَم الشُّغل مثلما يحتاجُ إلى قانونٍ لتأطير الإضراب، فهو محتاجٌ إلى الثقة بين الفاعلين، وإلى التعاقد الاجتماعي”.

كما يحتاج عالم الشغل، حسب رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، إلى “إصلاحٍ عميق لمدونة الشغل، وإلى إخراج قانون المنظمات النقابية، وإلى المأسسة الحقيقية للحوار الاجتماعي؛ وإلى تقوية جهاز تفتيش الشغل، وإلى آلياتٍ ناجعة لحل نزاعات الشغل”.

وفي ختام كلمته، دعا حموني، الحكومة، إلى “المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية حول حرية التجمع وحماية حق التنظيم النقابي، كما أوصى بذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان”، و”إلغاء الفصل 288 المشؤوم من القانون الجنائي، نظراً لِتعارُضِهِ التام مع ممارسة الحرية النقابية والحق في الإضراب”.

Share
  • Link copied
المقال التالي