أولت وسائل الاعلام الوطنية والدولية اهتماما خاصا لعملية توزيع قفة رمضان برسم سنة 2025 . إذ تميزت هذه العملية بظهور الأميرة للا خديجة ، رفقة ولي العهد مولاي الحسن، وهو يعطي انطلاقة عملية “قفة رمضان” لأول مرة بدلا عن والده محمد السادس الذي دأب على الإشراف عليها في كل رمضان. كما تميزت هذه العملية التي أطلق عليها “رمضان 1446” بالاستعانة لأول مرة، بالسجل الاجتماعي الموحد لتحيين لوائح الأسر المستفيدة من الدعم الغذائي من طرف وزارة الداخلية وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية.
دلالات تدشين ولي العهد للعملية
درج الملك محمد السادس منذ توليه العرش على الاشراف على عملية توزيع قفة رمضان التي تنظمها مؤسسة محمد الخامس وذلك بإعطاء الانطلاقة لهذه العملية في إحدى المقاطعات التابعة للعاصمة حيث يتم العمل على التغطية الإعلامية لهذا النشاط الاحساني للملك بنقله عبر قنوات التلفزة الرسمية . وبالتالي فتكليف العاهل المغربي ، ولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأميرة للا خديجة، بالاشراف على عملية توزيع قفة رمضان بحي أبي رقراق بمقاطعة اليوسفية بالرباط أثار الكثير من التساؤلات حول دلالة ذلك . فعلى الرغم من أن الملك قد أصيب بوعكة صحية دفعته إلى إلغاء الدروس الحسنية لهذه السنة ، فإن تكليف ولي العهد رفقة أخته الاميرة للا خديجة بتدشين هذه العملية يعكس رغبة ملكية بالدفع بولي العهد إلى الانخراط في الأنشطة الخيرية التي تعتبر من بين الجوانب الخيرية التي درج السلاطين المغاربة بما فيهم السلاطين العلويين على القيام بها خاصة في المناسبات الدينية كعيد الفطر وذكرى عيد المولد النبوي والتي عادة ما يتم فيها توزيع المساعدات الغذائية من حساءوخبز ولحم .في حين أن حضور الأميرة للا خديجة للمشاركة في توزيع المساعدات على محتاجي هذه المقاطعة و إشراك بنت الملك محمد السادس واخت ولي العهد في هذا العمل الخيري في ظرفية تتميز بالتحضير لتعديل مدونة الأسرة بما فيها منع تزويج القاصرات والسعي الملكي إلى الرفع من وضعية المرأة بالمملكة يعكس إشارة سياسية بأن الأميرة للا خديجة ببلوغها سن الرشد ، يتم تهييؤها للقيام بمهام رسمية خاصة بها على غرار باقي اميرات العاءلة الملكية كالاميرة للا مريم التي ترأس مؤسسة الأعمال الاجتماعية للقوات المسلحة وتشرف على الاتحاد الوطني لنساء المغرب ،والاميرة للااسماء التي تشرف على جمعية الصم والبكم والاميرة للا حسناء التي ترأس الجمعية المغربية للبيئة وكذا لتعويض تواري امها للا سلمى التي كانت ترأس جمعية محاربة السرطان.ولعل أول ظهور للاميرة للا خديجة خلال مراسيم زيارة الرءيس الفرنسي للمملكة وتسليط الاضواء عليها خلال هذا الاستقبال و مشاركتها في حفل العشاء الذي أقيم على شرف الرئيس ماكرون وحرمه ، كان إشارة لبداية الظهور الرسمي للاميرة ابنة الملك واخت ولي العهد لهذه الأميرة.لذا فظهورها الرسمي في عملية توزيع قفة رمضان لهذه السنة يؤشر على إمكانية إسنادها أدوارا مستقبلية تتمثل في مهام رسمية تناسب وميولاتها وطبيعة شخصيتها.
كما أن ظهور ولي العهد والى جانبه اخته الأميرة للاخديجة كاميرين شابين يرتديان ألبسة تقليدية بلون أزرق يوحي بالأمل والانفتاح ، فيه إشارة سياسية إلى مواصلة الدور الاجتماعي لأفراد العائلة الملكية وتعكس جزءا من الجانب الإنساني للملك محمد السادس الذي عرف منذ أن كان وليا للعيد بانشطته الاجتماعية حيث كان يستقبل باقامته بطريق سلا مختلف الفءات المعوزة والمحتاجة التي كانت تعرض عليه حالاتها الاجتماعية ومختلف مطالبها . وبالتالي فتكليف ولي عهده وأخته بهذه المهمة هو محاولة لإظهار نقل هذه الخصلة الاجتماعية لوريثيه وتكريس هذه الاستمرارية في اذهان الرأي العام وعموم الشعب بأن الخلف سيكون استمرارا للسلف خاصة فيما يتعلق بهذا الجانب الخيري والإحساني. من هنا ، فقد اكتست عملية توزيع القفة الرمضانية هذه السنة من خلال تدشينها من طرف ولي العهد واخته الأميرة للا خديجة شكلا خاصا كسر روتين العمليات السابقة وأعطى صورة شبابية لاقت تفاعلا متميزا ليس فقط من طرف وسائل الاتصال الرسمية عبر التغطيات التلفزية من طرف القنوات الرسمية بل بالأساس من طرف وسائل التواصل الاجتماعي التي يتابعها ملايين من الشباب المداومين على التواصل بهذه الشبكات مما حقق نوعا من البوز وشعبية خاصة للاميرين داخل اوساط الشباب بالمملكة.
اختلالات التدبير الإداري للعملية
أشارت وزارة الداخلية التي تؤطر عملية توزيع قفة رمضان في مختلف جهات وأقاليم المملكة أنه قد تم الاعتماد، لأول مرة، على “السجل الاجتماعي الموحد”، لتحديد الأسر والأفراد اللذين يحق لهم الاستفادة من برامج الدعم المادي والحصول على المساعدات الغذائية من سكر وزيت . وحليب . كما تم تبني هذا النظام لتفادي أي تلاعب إداري أو اختلال تقني يؤدي إلى استفادة فئات أو أشخاص لا تتوفر فيهم شروط العوز أو مظاهر الهشاشة الاجتماعية لاسيما النساء الأرامل والأشخاص المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة . وقد همت عملية “رمضان 1446″، التي خصص لها غلاف مالي إجمالي قدره 330 مليون درهم، توزيع 34 ألفا و280 طنا من المواد الغذائية (كالدقيق، الحليب، الأرز، الزيت، السكر، مركز الطماطم، المعجنات، العدس والشاي). ويبدو أن لجوء السلطات المركزية إلى اعتماد هذا النظام يؤشر على رغبة السلطة الملكية في تدشين عهد جديد يقوم على الشفافية وعدم الاستغلال السياسوي لهذه الأنشطة خاصة في إطار عملية التطهير وتنقية المشهد السياسي التي تقوم به السلطة خلال السنوات الأخيرة والذي يتغيا تخليق الحياة العامة.
غير أن هذا لم يمنع من تسجيل عدة اختلالات خلال عملية توزيع القفف الرمضانية وذلك في عدة مناطق بالمملكة ، حيث أن “عملية توزيع قفة رمضان المبارك بقيادة اوسرد رافقها الكثير من الإنتقادات ، تمثلت في إقصاء من يفترض بهم الإستفادة من ابناء القيادة وإستفادة من لا يستحقونها ( موظفين ) فمن أبرز المشاكل التي واجهت عملية توزيع قفة رمضان بقيادة اوسرد هو غياب معايير شفافة وعادلة لاختيار المستفيدين ، مع العلم أن هذه السنة يتم منح القفة الرمضانية وفق لوائح السجل الاجتماعي ، إذ تم توزيعها على أساس غير واضح ، وممارسات مبهمة تمثلت في حصول أشخاص ميسورين على المساعدات في حين حرم منها الفقراء الحقيقيون ، وتجسدت في تسجيل القيادة لأشخاص لا يوجدون باللوائح الإنتخابية ولا بلوائح الحالة المدنية ” . ،
كما كشفت تقارير رفعت لوزارة الداخلية عن تجاوزات خطيرة في تدبير عملية توزيع “قفة رمضان” في عدد من عمالات وأقاليم جهة الدار البيضاء-سطات، حيث أُدرجت مناطق تضم فيلات سكنية وشققا راقية ضمن قوائم المستفيدين، في حين تم تهميش الفئات الأكثر هشاشة. وأثارت هذه المعطيات تحركات مكثفة لرجال وأعوان السلطة، الذين كلفوا بتجميع معلومات دقيقة حول هذه الاختلالات التي شابت العملية . فعلى سبيل المثال، كشفت المعطيات الواردة من جماعة تيط مليل التابعة لإقليم مديونة عن تخصيص 184 قفة لحي يضم 56 فيلا، مع تسجيل حالات مشابهة في دوائر أخرى يسكنها ميسورون لا تنطبق عليهم معايير الاستفادة .وقد امتدت هذه الاختلالات إلى إقليمي برشيد والنواصر، حيث أظهرت التقارير المرفوعة إلى وزارة الداخلية غياب معايير شفافة في تحديد المستفيدين، ما أتاح المجال لاستغلال العملية لأغراض انتخابية، إذ تم توجيه المساعدات إلى فئات غير محتاجة بغرض استمالتها سياسياً” .ولعل استحضار هذا الوضع وقصد معالجة هذه الاختلالات وتفادي توظيف المساعدات الغذائية لأغراض سياسية و انتخابية ، فقد صادقت الحكومة خلال اجتماعها الذي تزامن مع انطلاق عملية توزيع قفة رمضان لهذه السنة على المرسوم الذي تقدم به وزير الداخلية المتعلق بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.22.79 بتاريخ 18 جمادى الأولى 1444 (13 ديسمبر 2022)، خاصة وأن هذه المصادقة قد أتت في سياق سياسي يتسم بتسخينات انتخابية سابقة لأوانها إذ أنه في ظرف أقل من سنة ونصف ستكون المملكة على موعد مع الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لسنة 2026.
تعليقات الزوار ( 0 )