تتجه الحكومة برئاسة سعد الدين العثماني، إلى المصادقة، يوم غدٍ الخميس، على مشروع يتعلق بتقنين زراعة القنّب الهندي، بعد سنوات من الشدّ والجذب بشأن هذا الموضوع، الذي سبق وأثار الكثير من الجدل في المغرب، وتوزّعت بسببه الاتهامات بين الأحزاب السياسية، وصلت لحدّ وصف المدافعين عن تقنينه بـ”تجّار المخدرات”.
وكشف بلاغ صادر عن الحكومة، أن مجلسها الذي سينعقد يوم غد الخميس، سيتدارس مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، إلى جانب ثلاثة مشاريع أخرى، متعلّقة بسن تدابير استثنائية لفائدة عدد من الشرائح المتضررة من تداعيات تفشي جائحة فيروس كورونا، في كل من قطاعات قاعات الرياضة، ودور الحضانة، والصناعات الثقافية والإبداعية.
وسادت حالة من التفاؤل في صفوف مزارعي “الكيف” بالمدن الشّمال، خصوصا في منطقة صنهاجة بإقليم الحسيمة، الذي يُعتبر من أكبر المناطق التي تعرف انتشارا لحقول هذه النبتة، حيث أعرب مجموعة من الفلاحين، عن أملهم في أن تنتهي المعاناة التي يقبعون فيها منذ سنوات طويلة، والتي جعلتهم يعيشون “العذاب” في ظل المتابعات ضدهم.
وأعرب عدد من المزارعين، ممن تواصلت معهم “بناصا”، عن تفاؤلهم من توجه الحكومة للمصادقة على تقنين زراعة القنّب الهندي، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على الاستثمار، وتوافد مجموعة من الشركات على المناطق التي تُزرع فيها النبتة، إضافة إلى فرص الشغل العديدة التي سيوفرها هذا الأمر، والتي من شأنها أن تحفظ للفلاحين كرامتهم.
وفي المقابل، أبدى عدد من المزارعين بصنهاجة، تحفظهم بشأن هذا الأمر، مبرّرين ذلك بأن الخطوة لا تنهي المشكل الذي يعانون منه، بل من شأنها أن تُفاقمه، لأنها ستفتح المجال لزراعة “الكيف” في مجموعة من جهات المغرب، مطالبين بضرورة تحديد المناطق الجغرافية المعنية بهذا الأمر، باعتبارها الأحوج إلى التقنين، في ظل غياب بدائل اقتصادية غير “القنب الهندي”.
وتساءل نشطاء من المناطق التي تنتشر فيها زراعة الكيف بإقليم الحسيمة، عن تفاصيل هذا المشروع الذي من المنتظر أن تتم المصادقة عليه غدا، وما إن كان سيهم الأماكن التي تعرف انتشاراً لـ”القنب الهندي”، أو سيتم تخصيص أراضي جديدة في جهات أخرى، بسبب غياب المساحات الكافية في الشمال، التي من شأنها توفير الكمية المطلوبة للإنتاج الطبي.
وكان رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، نور الدين مضيان، قد أكد، مؤخرا، على ضرورة تحرير المزارعين من الخوف والرعب الذي يلازمهم طوال الوقت، داعياً إلى رفع الصفة الجرمية عن زراعة عشبة الكيف، تماشياً مع القرار الأممي الأخير، وذلك خلال مناظرو مرئية نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الموضوع.
وطالب النائب البرلماني الممثل لإقليم الحسيمة، إلى ضرورة اعتماد برنامج اقتصادي مندمج، خاصة بالمناطق التي تعيش على زراعة الكيف، وهي أقاليم الحسيمة وشفشاون تاونات ووزان والعرائش وتطوان، مطالباً بفتح نقاش مجتمعي موسع ومسؤول حول هذا الموضوع، يعرف تدخل كل الأطراف المعنية إقليميا وجهويا ووطنياً.
ونبه مضيان إلى أن وفقاً لإحصائيات حكومية، فإن عدد المتابعين بتهم زراعة القنب الهندي، يتجاوز 30 ألف شخص، ما يزالون يعيشون في ما أسماه “سراحا مؤقتاً”، مُهدّدين بالاعتقال إلى أن تثبت براءتهم، مضيفاً أنه من الضروري التمييز بين المخدرات الصلبة، والكيف كنبتة، وعشبة ملحية وطبيعية كسائر النباتات التي لا يمكن تصنيفها ضمن هذا الصنف الخطير من المخدرات القوية.
ولم يفت رئيس الفريق الاستقلالي، التنبيه، إلى خطوروة نبتات الكيف الهجينة (خردالة – كريكيتا)، وتأثيرها على النبتة الأصلية المحلية، إلى جانب المخاطر الكبيرة التي تتسبب فيها على الفرشة المائية، والمحيط الغابوي، مضيفاً أن حزب “الميزان” بصدد أصدار مقترح في شأن تقنين النبتة ورفع الصفة الجرمية على المزارعين.
وكانت الشهور الأخيرة، قد شهدت نقاشاً واسعاً بشأن إمكانية تقنين القنب الهندي، قبل أن يُصوّت المغرب لصالح استعمالات الطبية لـ”الكيف”، خلال اجتماع للجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، وهو ما جرى المصادقة عليه بالفعل، بعد تصويت 27 دولة، بنعم، مقابل رفض 25 أخرى، وهو ما اعتبر وفق كثيرين وقتها، أولى خطوات تقنين زراعة النبتة داخل البلاد.
يشار إلى أن جهة الشّمال تعاني من وضع اقتصادي صعب، بعد إغلاق السلطات المغربية للمعبر الحدودي مع مدينة سبتة المحتلة، ومنعها للتهريب المعيشي، الذي كان المصدر الرئيسي لعيش شريحة واسعة من سكان المنطقة، إلى جانب تعقيد الإجراءات المرتبطة بالتصدي لانتشار كورونا، وعلى رأسها إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، من مهمة بيع “الكيف” المزروع، ما جعل العديد من النشطاء يجدّدون مطلب تقنين هذه النبتة.
تعليقات الزوار ( 0 )