بعد أزيد من أسبوع على توقيف الرئيس الموريتاني السابق ولد عبدالعزيز من طرف الشرطة الموريتانية ،والتحقيق معه في ملفات كبيرة لها علاقة بفترة حكمة للبلاد، أُعلن بشكل مفاجىء عن إطلاق سراحه في الساعات الماضية.
ومن المعلومات الخطيرة التي راجت، وباتت مؤكدة، بعد إلقاء القبض على الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حاول تهريب الرئيس السابق خارج الأراضي الموريتانية، وذلك نظرا للاتفاق السري الذي تم توقيعه بين الرئيس السابق ولد عبدالعزيز وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في سنة 2010، وهو الاتفاق الذي كشفت عنه وثائق حصلت عليها وكالة الاستخبارات الأمريكية في بيت بلادن بباكستان بعد مقتله.
ويشير مضمون اتفاق سنة 2010، الذي يبدو أنه لازال جاريا مع الرئيس الموريتاني السابق ولد عبدالعزيز، ويفسر تهديد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي للسلطات الموريتانية للإفراج عنه، إلى هدنة تقضي بعدم اعتداء تنظيم القاعدة على الأراضي الموريتانية واستفادة أعضاء التنظيم بالمقابل من المستشفيات، والمواد الغدائية، ومأوى للاختفاء من القوات الفرنسية والأمريكية، بعد تنفيذ عمليات إرهابية في مالي وباقي دول الساحل.
ويبدو اليوم أن الإفراج المفاجىء عن ولد عبد العزيز، بعد الملفات الكبيرة التي بدا واضحا أنه متورط فيها، يعود إلى تهديدات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتنفيذ عمليات إرهابية فوق الأراضي الموريتانية، في حالة عدم إطلاق سراح ولد العزيز.
ومن الواضح، أننا اليوم أمام سابقة خطيرة لها علاقة بالأمن والسلم الإقليمي، تكشف عن خيوط تقود إلى طرح أسئلة كبيرة، منها؛ من كان مكلفا بتنفيذ عملية تهريب الرئيس السابق ولد عبدالعزيز من داخل الأراضي الموريتانية؟ وماهو المأوى الجديد الذي كان مهيأً لاحتضانه؟ فتهريب الرئيس الموريتاني السابق لشمال مالي لم يكن ممكنا للمراقبة المضروبة على المنطقة من طرف القوات الفرنسية، وهناك معطى تشير إليه بعض المعلومات المتقاطعة عن وجود حلفاء الرئيس السابق ولد عبدالعزيز، وهما قيادات البوليساريو وجنرالات الجزائر وراء ستار عملية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فالجزائر الحاضنة الرسمية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والتي قبل شهور قليلة وفي ظروف فراغ ناتج عن الوباء، نقلت زعيم القاعدة عبدالمالك درودكال في مسافة تتجاوز 2000 كلم، من أقصى الشمال الشرقي للجزائر ليصل إلى شمال مالي قبل رصده وقتله من طرف القوات الفرنسية، الجزائر نفسها هي التي حاول رئيسها الفعلي الجنرال شنقريحة بتنسيق مع قيادات البوليساريو، وعلى رأسهم البوهالي، بتسلم ولد عبدالعزيز بعد تهريبه من طرف أعضاء القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذين كان مطلوب منهم إيصال الرئيس السابق المهرب إلى مخيمات تندوف وبعدها نقله للجزائر دون الإعلان عن مكان اختبائه.
وبذلك، فإن قضية محاولة تهريب الرئيس الموريتاني السابق من طرف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تكشف عن قضايا أمنية خطيرة منها عرقلة ولد عبدالعزيز في فترة رئاسته لقوات مجموعة الساحل الخمس في شمال مالي، ومخطط وصول تنظيم القاعدة لبلاد المغرب الإسلامي إلى المحيط الأطلسي، والمجال المفتوح للعلاقات بين أعضاء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مربع يمتد من شمال مالي ومخيمات تيندوف وشمال موريتانيا، والخطير اليوم أن يوظف الرئيس السابق ولد عبدالعزيز هذا التحالف الموجود وراءه بين جنرالات الجزائر وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وقيادات البوليساريو، للضغط على السلطات الموريتانية لإعطاء دور سياسي للرئيس السابق ولد عبدالعزيز، أو التهديد بعمليات لضرب الاستقرار في موريتانيا عن طريق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني
تعليقات الزوار ( 0 )