اعتبر الدكتور محمد الغالي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في ندوة بمدينة تنغير أول أمس السبت، أن مجابهة مختلف المخاطر المتعلقة بقضية الوحدة الترابية للمملكة تفرض التقائية مختلف المبادرات والجهود لتحقيق تناسق مختلف المسارات السياسية والقانونية و التنموية، مادام ان تقارير الامين العام للأمم المتحدة تؤكد على الجهود المغربية في تدشين سياسات عمومية تنموية لفائدة ساكنة الاقاليم الجنوبية، مما مكن من تحسين جودة الخدمات بأداء فعال و ناجع.
وذهب عميد الكلية المتعددة التخصصات بقلعة السراغنة، في ندوة ” التطورات الإقليمية والدولية في ملف الصحراء مقاربات متقاطعة” من تنظيم المنتدى الجهوي للشباب والمواطنة للشباب الرائد، إلى أن قرارات مجلس الامن على جدية ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي المغربية منذ سنة 2007 حتى سنة 2022 من خلال القرار 2654 ينتصر للمقاربة المغربية في ضمان وحدتها الترابية وسيادتها على اقاليمها من طنجة الى لكويرة، وإقبار مقاربة الانفصال التي تتحجج بها جبهة البوليزاريو والجزائر كصيغة لتقرير المصير.
بل الاكثر من ذلك، يضيف الدكتور الغالي، أن هذه القرارات تقر بمسؤولية الجزائر كطرف شريك في الصراع، وعلى اعتبار مسؤوليتها في عرقلة جهود المندوبية السامية للاجئين في إحصاء المقيمين المحتجزين فوق أراضي تندوف، بالإضافة الى عرقلة جهود التسوية من خلال عرقلة صيغة الموائد المستديرة.
ودعا المتدخل إلى التصدي للحرب السبيريالية التي تستهدف رموز المملكة المغربية والتصدي لكل المحاولات التي تضرب عمق الامة المغربية وتحاول النيل منها بالطرق المناسبة في إطار استراتيجية الرسمي يجابه الرسمي والموازي يواجه الموازي.
وخلص الدكتور الغالي في مداخلته إلى أن المكاسب التي يحققها المغرب تحولت عمليا وواقعيا من قضية أو مسألة إلى مجرد مشكل ينتظر طريقه للتسوية، وأن هذا الملف لم يعد يدبر في مواجهة مع خصوم الوحدة الترابية ولكنه يدبر في مستويات جيواستراتيجي مرتبط بإعادة تشكل النظام الدولي، بعد جائحة كوفيد 19، وخلال الحرب الروسية على أوكرانيا، وغيرها من المستجدات التي يحقق حيالها المغرب توازنا جديدا في المنطقة يفضي إلى انهيار اطروحة خصوم الوحدة الترابية للمملكه.
وأشار الدكتور عبد الفتاح البلعمشي، استاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض إلى أن تاريخ 2016 يعد حاسما في تطور تدبير ملف الصحراء، وهي السنة التي عرفت تغيرات مهمة في السياسة الخارجية للمملكة من خلال الخطاب الملكي في القمة المغربية- الخليجية، التي أشار فيها إلى أن المغرب ليس محمية لأحد وأنه عازم على تنويع تصريف سياسته الخارجية خصوصا في شقها الاقتصادي.
وكان هذا التوجه استباقيا بالنظر إلى التحرشات المستجدة التي تحاول معاكسة الطموح الاقتصادي والتنموي للمملكة، من قبل جهات محسوبة على الشركاء للمغرب، وهو ما دفع باعتبار قضية الصحراء محددا لمستقبل الشراكات والنظارة التي أصبح ينظر بها المغرب إلى شراكاته الاستراتيجية.
في نفس السياق، يضيف البلعمشي، عرف انضمام المغرب للاتحاد الافريقي في يناير 2017 تحولا هاما في طريق حسم نزاع الصحراء، سواء من باب الحسم مع الكولسة التي كانت تحاك داخل المنظمة حول نزاع الصحراء، أو من خلال الموقع الجديد للمغرب داخل أجهزة المنظمة الأمنية منها والإدارية والمالية.
كما عرج الباحث في العلاقات الدبلوماسية، على التحرك الدبلوماسي للمغرب مع دول أوروبية بشكل ثنائي بتعاقدات واضحة خارج الإطار المؤسساتي للاتحاد الأوروبي رغم أهمية الشراكة مع هذه المنظمة، خصوصا مع إسبانيا وألمانيا ودول الفيشغراد، كما أشار إلى التطور مع دول تحالف المحيط الهادئ، والدول العربية خصوصا دول الخليج العربي، وكلها أمور ادت إلى تعدد المداخل والمصالح التي تجعل المغرب في وضع مريح إزاء وحدته الترابية، وزيادة الإقرار الدولي بمغربية الصحراء سواء من قبل الدول التي افتتحت قنصليات عامة بالأقاليم الجنوبية، أو تلك القوى الدولية التي لم تتفتح قنصليات لكنها تصطف إلى جانب الشرعية والمشروعية، كالولايات المتحدة، وإسبانيا، وألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، والنامسا، والبرتغال، ودول مجلس التعاون الخليج، ودول عديدة بإفريقيا، وأمريكا اللاتينية.
ومن مقاربة أخرى، قدم الدكتور نورالدين لشهب، الإعلامي والباحث في التواصل السياسي، مداخلة حول دور الإعلام في ملف قضية الصحراء المغربية، حيث دعا في مداخلته إلى عدم التمييز بين الصحراء الشرقية والصحراء الجنوبية للمملكة، فهذه كلها صحراء مغربية فـ”فلا فرق بين الراشيدية وتنغير وزاكورة وطاطا والسمارة والعيون والداخلة وبوجدور، فهذه كلها صحراء مغربية وعلى الإعلام الوطني أن يتعاطى مع كل صحرئنا بل مع كل أقاليم بلدنا المغرب الذي يعرف تعددا وتنوعا خلاقا”.
كما دعا الباحث في التواصل السياسي إلى إعادة هيكلة الحقل الإعلامي المغربي والعمل على تحقيق الأمن الإعلامي للمغرب، وقال بأن الوزارة المعنية بالتواصل والإعلام عليها أن تحذو عمل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي عملت على تعزيز الأمن الروحي للمغاربة بعد أوراش هيكلة الحقل الديني بالمغرب.
وحذر لشهب من ما يسمى بالمواطنة الافتراضية لأنها تعطي هوية افتراضية وأن إيديولوجيا الشركات الكبرى المتحكمة في سوق الانترنيت GAFAM هي أخطر إيديولوجيا مقارنة مع جميع الإيديولوجيات التي عرفها التاريخ.
إن المواطنة الافتراضية، حسب فرضية الدكتور نورالدين لشهب، تخلق دولة افتراضية، وهذه الدولة الافتراضية لا تتحقق إلا بعد افتراض غياب الدولة الحقيقية على واقع الأرض، وان الدولة الافتراضية تتجاوز قوتها وتأثيرها الدولة مهما كانت قوتها، فهي تعمل على تفكيك هوية الدولة وتقيم على أشلائها هوية افتراضية أخرى.
وخلص الباحث والإعلامي أن الإعلام هو الكتاب المقدس للعصر الراهن الذي نحياه، فلا بد أن نستثمر في الإعلام بما يخدم الحق الذي هو إلى جانب المغرب عن طريق إعلام مهني ينتصر للهوية والتاريخ والتنوع والتعدد الذي يزخر بها المغرب.
واختتم عبد الرحيم المنار اسليمي، بمداخلة تفاعل معها الجمهور الذي ملا القاعة، حيث ركز مداخلته حول الصحراء الشرقية.
وأبرز أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالرباط، مداخلات، أسباب ومقومات الترافع عن القضية الوطنية، من قبيل “المغرب أمة/دولة، الموقع الاستراتيجي، الثواتب الدستورية، الملك رمز الوحدة وقوة الدولة، إضافة إلى كون المملكة قوة إقليمية”.
تعليقات الزوار ( 0 )