ينتمي امحمد خداد الذي توفي يوم الأربعاء الماضي بإحدى مستشفيات إسبانيا، إلى قبيلة رقيبات الساحل، وتؤول الزعامة في هذه القبيلة إلى اوﻻد موسى، التي ينحدر منها الراحل.
وكان امحمد خداد وإلى حدود تاريخ وفاته منسقا للبوليساريو مع المينورسو، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالأمانة الوطنية ومكلفا سابقا بملف الاستفتاء.
و غالبية قبيلة رقيبات الساحل انتماء امحمد خداد نازحين من موريتانيا الى مخيمات تندوف، ولم يعد لهم مكان في موريتانيا بسبب طول غيابهم عنها وتحول ثقلهم منها إلى المخيمات.
و تدرك الجزائر هذه الحقيقة؛ فهي تتعامل مع رقيبات الساحل على أساس انعدام وجهة يذهبون إليها وتأويهم، فهم لن يعودوا إلى موريتانيا حيث أتوا، و لن يعودوا إلى الصحراء فرادى ﻷنه لم يكن لهم فيها شيء ولا أثر ماديا ولا أسرة أو عائلة.
فمصالح هذه الفئة، وهذه القبيلة بحكم الواقع رهينة بما ستحققه وتجنيه البوليساريو. وغالبا ما تتفاوض الجزائر معهم لصنع تحالفالفات تقطع به الطريق لقيادة لبيهات للبوليساريو، ﻷنهم حسب التحليل الجزائري لديهم صلة بالصحراء التي نزحوا منها.
ولا تضع الجزائر ثقة مطلقة في أعضاء هذه القبيلة، فهي تعتقد أنهم الأقرب إلى المغرب جغرافيا. وهو سر الاتهام الجزائري الضمني لامحمد خداد أمام الانتصارات التي راكمها المغرب على المستوى الأممي، حيث تحمله جزء من المسؤولية.
وهذا النجاح المغربي جعل البوليساريو في مؤتمرها الأخير تهدد بمراجعة تعاملها مع البعثة والعملية السياسية برمتها. وكانت نواياها متجهة الى تغيير قمرة قياة التواصل، والتنسيق مع أدوات تواصلها مع الامم المتحدة لإظهار نوع من الحزم والصرامة.
بيد أن الجزائر لم تكن تستطيع الإقدام على ذلك التغيير في حياة امحمد خداد بتنحيته من مهمة التنسيق مع المينورسو، لأنه علبة سوداء وكبيرة للأسرار، والتجربة والعلاقات من جهة.
وأنها كانت تحتاج إلى رقم ودعم قبيلته لخلق تحالفات مستقبلية لخلف إبراهيم غالي، الذي يعتبره النظام الجزائري رجل الضرورة فقط، وليس رجل المرحلة.
وبعد وفاة امحمد خداد، فإن الجزائر والبوليساريو وجدتا نفسيهما أمام وضع داخلي غير مرتب لاختيار خليفة له بسبب الحراك في الجزائر والاحتجاجات في المخيمات، زادها غموضا وارتباكا جائحة كورونا.
ولأن اعضاء الأمانة الوطنية في قيادة البوليساريو لم تتوافق على اسم معين لأنهم يريدون شخصية ذات انطباع بالحزم وفقا لخطتها الجديدة لإظهار نوع من عدم الرضى والعصيان على الأمم المتحدة.
ولكون الجزائر منشغلة بأمور داخلية ذات الأولوية وبجائحة كورونا التي ضربت بقوة فيها، والعالم والأمم المتحدة منشغل بنفس التدبير، ولا سبيل للاستعجال في تعيين خليفة امحمد خداد، فإن الجزائر تباطأت في الإذن بتسميته. وهو ما حتم على البوليساريو تكوين لجنة من أجل أجل ذلك في انتظار الإذن الجزائري بالتعيين.
ورغم ان الحظوظ تؤول لصالح بشرايا البشير من رعيل الشباب وهو ديبلوماسي، أظهر لقيادة البوليساريو طيلة إقامته في فرنسا، واستضافة قناة فرانس 24 المريبة وباستمرار له، تمكنا واستيعابا للعناصر الإيديولوجية والمذهبية لمرافعات البوليساريو، وفي استعمال أساليب البروبكاندا والدعاية، كما سمحت له تلك الإقامة من نسج علاقات واسعة.
وهنا يمكن القول بأن صراع الأجيال وتدخل الجزائر قد تكون له كلمة أخرى في المستقبل.
*محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء
تعليقات الزوار ( 0 )