شارك المقال
  • تم النسخ

تلاعباتٌ في بطائقِ “الإنعاشِ” تُثيرُ جدلا بسيدي قاسم، والحافظ: “خلونا نعيدو في خطرنا”

أثارت الخروقات والتلاعبات التي شابت توزيع “بطائق الإنعاش” بالمجلس الجماعي لمدينة سيدي قاسم، جدلا واسعا في الفترة الأخيرة، بعدما عاد موضوعها إلى السطح، عقب كشف عدد من النشطاء والفاعلين الجمعويين بالمدينة، عن وجود أسماء عدد من الموظفين والأشخاص المعروفين بالمدينة، الذين تمتلك أسرهم لبعض الشركات، في لائحة المستفيدين، بالإضافة إلى عائلة كاملة بسيدي قاسم.

وتشير أصابع الاتهام إلى رئيس المجلس الجماعي، محمد الحافظ، باعتباره المسؤول الأول عما يجري داخل المؤسسة، حيث يتهمه بعض نشطاء المدينة وفريق المعارضة داخل المجلس، بمحاباة عدد من الأشخاص في المدينة، منهم موظفين ومنتحلي صفة صحافيين، وبعضهم يمتلكون شركات بأسماء زوجاتهم وأبنائهم، ومنحهم بطائق الإنعاش الوطني، سواء لاستمالتهم لتبادل المصالح الشخصية، أو للحصول على أصواتهم في الانتخابات.

وكانت صفحات فيسبوكية مهتمة بأخبار سيدي قاسم، قد نشرت، تدوينات في وقت سابق، جاء فيها، أنها توصلت بـ”لائحة المسجلين بالإنعاش بمدينة سيدي قاسم، من بين المسجلين عائلة بأكملها لأشخاص معروفين على مستوى المدينة، يزاوجون مهن متعددة في الوقت نفسه، التعليم و شركات بأسماء زوجاتهم و أبنائهم والصحافة للضغط على المسؤولين”.

وأضافت بأنها ستعمل على فضح هؤلاء الفاسدين، ليتسنى لسكان المدينة “أن يعرفوا جميع من يدعي النزاهة والشفافية والمصداقية وأن يميزوا بين الصفحات والمواقع التي لا زالت لم تقم بالملاءمة وأصبحت مواقع لابتزاز المسؤولين والضغط عليهم لتسجيل عائلاتهم بالإنعاش أو تفويت صفقات مشبوهة لشركات زوجاتهم و أبنائهم”، حسب ما جاء في إحدى التدوينات.

وسبق لمنسق المعارضة بالمجلس الجماعي لسيدي قاسم، علي العشعوشي، وأن تقدم بشكاية إلى عامل الإقليم، الحبيب نادر، في الـ9 من شهر يوليوز الجاري، بخصوص موضوع “التلاعبات التي يقوم بها رئيس المجلس، محمد الحافظ، في بطائق الإنعاش الخاصة بالعمال الموسميين، وهي المراسلة التي أكد من خلالها أن “هذا الموضوع يعرف تسيبا كبيرا تشوبه اختلالات عدة، ساهم فيها رئيس المجلس، والذي أقدم منذ تعيينه رئيسا، على تشغيل العديد من الأشخاص الموالين لحزبه، وتعيينهم كعيون له بمرافق تابعة للجماعة، مع إبعاد العديد من الموظفين الرسميين الذين راكموا تجربة واسعة في التدبير الإداري”.

وتابعت المعارضة في شكايتها، أن البرلماني المذكور، “عمل على مضاعفة الميزانية المخصصة لهذا الشأن خمس مرات، من 30 مليون سنتيم، إلى 150 مليون، أي بزيادة 120 مليون سنتيم، “مع إضافة سندات طلب تجعل إجمالي مصاريف العمال المياومين يصل أحيانا إلى 250 مليون، وكل ذلك مع تعاقد المجلس في إطار التدبير المفوض مع شركة للنظافة بصفقة مالية وصلت لـ مليار و250 مليون سنتيم، وذلك التعاقد يلزم الشركة بتوفير عمال النظافة بمختلف درجاتهم”.

واعتبر العشعوشي بأن “تخصيص 150 مليون سنتيم لعمال مياومين وبهذا الشكل من التضخيم”، جاء “من أجل إرضاء الأصوات الانتخابية عبر توزيع البطائق على عمال أشباح لا يؤدون أي خدمة للصالح العام، بل ينتظرون كل شهر لتسلم مبالغ من المال العام لأجل التصويت في الانتخابات المقبلة لصالح الرئيس؟”، مضيفا بأن “هذه السلوكات غير المسؤولة التي يقوم بها رئيس المجلس تضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين فئة عريضة من طالبي العمل المؤقت، وتحصرها في الموالاة الحزبية، كما أنها تخلق خللا إداريا عبر إسناد المهام إلى غير أهلها، وأيضا تشجع على الريع ونهب المال العام عبر عمال أشباح وميزانية منفوخ في أرقامها”، حسب ما جاء في الشكاية التي تتوفر جريدة بناصا على نسخة منها.

والتمست المعارضة في شخص منسقها، من عامل إقليم سيدي قاسم، إيفاد لجنة “لافتحاص الموضوع والاطلاع على اللوائح والبطائق الخاصة بهؤلاء العمال المياومين، والاطلاع على المهام التي يقوم بها كل عامل منهم، مع التدقيق في مصاريف المبلغ الضخم الذي يضيع في سياق التبذير وعدم ترشيد النفقات الذي ينهجه الرئيس”.

وفي السياق ذاته، قال محسن العلوي أحد النشطاء بالمدينة، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن موضوع بطائق الإنعاش الوطني، يمثل نموذجا من نماذج اقتصاد الريع، “الذي يقتل التنافسية ويقضي على روح المبادرة في الإنتاج الاقتصادي على المستوى المحلي بسيدي قاسم، بعد أن خلقت نوعا من التصدع على مستوى البنية الاجتماعية المحلية، حتى أصبحت بطاقة الإنعاش سُبةً في جبين من يحصل عليها، والكثير يستفيد منها دون أن يصرح بذلك أمام أصدقائه ومعارفه لأن البطاقة تعني في ثقافة النخبة المحلية الولاء للمنتخب”.

وأضاف العلوي في حديثه: “إن كانت بطاقة الإنعاش حقا فلا داعي للتستر عليها ككل الموظفين الذين يأخذون أموالهم من خزينة الدولة، لكن المسألة هنا تختلف، لأن المستفيد منها غالبا لا يقدم للدولة أي نشاط يستحق فيها ذلك بالإضافة إلى أنه حصل عليها بطرق ملتوية وغامضة”، مستدركاً: “بطبيعة الحال هناك من يستفيد منها بطريقة شرعية ويعملون بشكل طبيعي”.

وأوضح المتحدث بأن السؤال الذي يطرح نفسه، هو من يستفيد من ريع هذه البطائق على المستوى المحلي، وكم هو عددها، وما هي الطريقة المتبعة للحصول عليها والاستفادة منها؟”، مردفا، بأن الجواب على السؤال “غالبا ما يكون بالصمت الذي يخفي من ورائه أمورا غير عادية”، مضيفا “سابقا طالب المعطلون من حاملي الشهادات والدبلومات بإيفاد لجنة للتقصي في ملف الإنعاش الوطني التي تحكمها المحسوبية والزبونية “.

وواصل العلوي: “مقارنة بالمجلس السابق بمدينة سيدي قاسم الذي كان على رأسه بنعيسى بنزروال، فقد تم صرف 30 مليونا سنة 2015 على بطائق الإنعاش، لينتقل الرقم في السنة الموالية إلى 70 مليون، ثم 100 في سنة 2017، و154 قي سنة 2018، ومزال العاطي يعطي”، مسترسلا في الوقت نفسه: “المشكل أن مدينة سيدي قاسم لها اتفاقية شراكة مع شركة للنظافة تكلف ميزانية المجلس السنوي مليار و250 مليون”.

وتساءل المتحدث في ختام كلامه: “لماذا هذا الرقم المهول لبطائق الإنعاش، وماذا سيقدم كل هؤلاء المستفيدين في ظل شركة النظافة، وواش حنا ناقصين باش نزيدو عجز الميزانية لي أصلا وصل لأرقام خطيرة تنبئ بأن أي مجلس قادم سيرث عبئا كبيرا وغير مسبوق”.

وتكشف المعطيات التي حصلت عليها جريدة “بناصا”، بأن الميزانية المخصصة لبطائق الإنعاش الوطني بجماعة سيدي قاسم، ارتفعت منذ تولي الرئيس الحالي، محمد الحافظ، وهو الارتفاع الذي يراه فاعلون جمعويون في المدينة مهولا جدا، خاصة أن هناك الكثير من الأمور التي تحتاجها المنطقة، وتحتاجها الساكنة، في ظل المعاناة اليومية التي يقبعون تحت وطأتها”.

ومن أجل الاستفسار عن الجدل الدائر بخصوص هذه الخروقات المحتملة، حاولت جريدة “بناصا”، الحصول على تصريح من رئيس المجلس الجماعي لسيدي قاسم، محمد الحافظ، المنتمي لحزب الاستقلال، الذي وجهت إليه أصابع الاتهام في قضية بطائق الإنعاش، غير أنه رفض بشكل قاطع الإجابة عن سؤال القضية موضوع الجدل، مكتفيا بالقول:”العيد هذا، خلينا نعيدو الله يعطيك الستر”، قبل أن يقطع الخط.

شبهات التلاعب بتوزيع بطائق الإنعاش الوطني، ليست الوحيدة التي تلاحق الحافظ، فقد سبق له التورط في عدد من القضايا، من بينها حصوله على ترخيص غير قانوني من الوكالة الحضرية بالقنيطرة، لتحويل سفلي عمارة سكنية في ملكية شركته، لمشروع تجاري، بالإضافة إلى اتهامه باستغلال المساعدات الغذائية المقدمة للأسر المعوزة في سيدي قاسم، خلال رمضان الماضي، من أجل القيام بحملة انتخابية مبكرة، مستغلا مآسي المواطنين.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي