في تقرير له تحت عنوان “كيف يسمح “محور المقاومة” لإيران بزعزعة استقرار الشرق الأوسط؟”، قال الكاتب الأمريكي نيكولاس كارل بالصحيفة “ذا ديسباتش”، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قامت ببناء تحالف قوي من الميليشيات تعمل في جميع أنحاء المنطقة.
وأوضح نيكولاس، أن عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حماس في السابع من أكتوبر على إسرائيل، كانت سبباً في إشعال حرب تهدد بإغراق الشرق الأوسط في صراع أوسع قد يجر الولايات المتحدة إليه.
وأضاف، أن الحرب توسعت بالفعل إلى ما هو أبعد من إسرائيل، حيث قامت الميليشيات المدعومة من إيران في لبنان وسوريا والعراق وحتى اليمن بحشد الدعم لحماس وبدأت في مهاجمة أهداف إسرائيلية وأميركية في جميع أنحاء المنطقة.
وتشكل هذه الميليشيات جزءًا من تحالف عابر للحدود الوطنية يسمى “محور المقاومة”، أنشأته إيران على مدى عقود لغرض واضح هو مهاجمة الولايات المتحدة وإسرائيل على جبهات متعددة في نفس الوقت، حسب قوله.
ويتكون محور المقاومة من جهات فاعلة حكومية وشبه حكومية وغير حكومية، بما في ذلك النظام الإيراني، ونظام بشار الأسد في سوريا، وحماس، وحزب الله في لبنان، وحركة الحوثي في اليمن، وعدد لا يحصى من الميليشيات الأخرى من المقاتلين الأفغان والبحرينيين والعراقيين والفلسطينيين والباكستانيين والسوريين المنتشرين في جميع أنحاء المنطقة.
وأسست إيران بشكل مباشر بعض الجماعات في التحالف بعد ثورتها عام 1979، في حين ظهرت مجموعات أخرى بشكل مستقل وأقامت فيما بعد علاقات مع طهران.
وتزود إيران هذه الجماعات بمستويات متفاوتة من الدعم المالي والعسكري والسياسي مقابل درجة معينة من النفوذ أو السيطرة على أعمالها، بعضهم عبارة عن وكلاء تقليديين يستجيبون بشكل كبير للتوجيه الإيراني، في حين أن البعض الآخر عبارة عن ميليشيات شريكة تمارس عليها إيران نفوذًا محدودًا.
ويرى صاحب المقال، أن أعضاء محور المقاومة متحدون بالتزامهم بتآكل النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط وطرده في نهاية المطاف، أو تدمير الدولة الإسرائيلية، أو كليهما، حيث أصبح السعي وراء هذه الأهداف ودعم محور المقاومة لتحقيق هذه الغايات حجر الزاوية في الاستراتيجية الإقليمية الإيرانية.
واستثمر القادة الإيرانيون طاقة وموارد ووقتاً هائلاً على مدى العقود القليلة الماضية لتحويل محور المقاومة إلى قوة عسكرية هائلة، قوة تسمح لهم باستخدام القوة وإبرازها، وردع وإكراه الجهات الفاعلة الأجنبية، وتشكيل البيئة الإقليمية.
واستنادا إلى المعطيات التي قدمها نيكولاس، فإن هذا التحالف العسكري، يساعد إيران على تعزيز حملاتها ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين يدعم أيضًا سعيها للهيمنة الإقليمية.
أضاف أن الحرس الثوري الإسلامي (IRGC) هو المنظمة الأساسية لإدارة الدعم لشبكة الميليشيات، حيث يقدم الحرس الثوري الإيراني تقاريره مباشرة إلى المرشد الأعلى الإيراني ويعمل باستقلالية كبيرة وبحد أدنى من المساءلة والرقابة.
وتوفر إيران من خلال الحرس الثوري الإيراني، حسب الكاتب، التوجيه والاستخبارات والدعم اللوجستي والأسلحة وأنواع أخرى من المعدات العسكرية للأعضاء الآخرين في محور المقاومة.
وقد ركز الحرس الثوري الإيراني في السنوات الأخيرة على تجهيز الميليشيات بقدرات عسكرية متقدمة، مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ بعيدة المدى، فضلاً عن تعزيز قدر أكبر من التماسك بين أعضائه، مما دفعهم إلى العمل جنباً إلى جنب بشكل أوثق.
وأفضل مثال على عمل المحور كتحالف عسكري هو الحرب الأهلية السورية، حيث جمعت إيران وكلائها معًا للحفاظ على نظام الأسد، وقام الحرس الثوري الإيراني بتنظيم نشر آلاف المقاتلين ووضعهم تحت القيادة الإيرانية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية والمعارضة السورية.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحشد فيها الحرس الثوري الإيراني أطراف محور المقاومة للقيام بحملات عسكرية مطولة على هذا النطاق، بل وينشر وحداته القتالية الخاصة للقتال في الخارج.
وكان هذا التدخل لإنقاذ نقطة مهمة في التحالف مثالاً على كيفية استعداد محور المقاومة لخوض حروب شديدة الحدة لتأمين مصالحه الجماعية، ويبين مثال آخر كيف قامت إيران بتسليح الحوثيين في اليمن بطائرات بدون طيار وصواريخ يمكن أن تصل إلى معظم أنحاء الشرق الأوسط.
والحوثيون حركة شيعية زيدية قامت بانقلاب في اليمن عام 2014 وبدأت الحرب الأهلية التي دمرت البلاد منذ ذلك الحين. وتدخلت دول الخليج في الحرب عام 2015 لاحتواء الحوثيين، حيث اقتربت من إيران وبدأت تتلقى الدعم العسكري منها.
ومكّن الحوثيون المحور من فتح جبهة أخرى – هذه المرة من الجنوب – ضد الولايات المتحدة وشركائها، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحتى إسرائيل، ويهدد محور المقاومة الآن الولايات المتحدة وشركائها من معظم الاتجاهات الأساسية في المنطقة.
ويعمل محور المقاومة الآن على الحفاظ على حماس بينما تشن إسرائيل عملية برية في قطاع غزة. تسعى إيران وحلفاؤها إلى تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية: أولا ردع إسرائيل عن محاولة تدمير حماس في قطاع غزة، وثانيا منع إسرائيل من تدمير حماس إذا فشل الردع،
أما الهدف الثالث، فهو ردع الولايات المتحدة عن تقديم دعم عسكري حقيقي لإسرائيل، ولتحقيق هذه الغاية، بدأ حزب الله والحوثيون بمهاجمة إسرائيل من الشمال والجنوب، على التوالي، لجذب انتباه إسرائيل ومواردها بعيداً عن قطاع غزة والتهديد بمزيد من التصعيد.
وفي الوقت نفسه، نفذ المسلحون العراقيون المدعومين من إيران عشرات الهجمات على المواقع العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا في الأسابيع الأخيرة، مما يدل على القدرة والإرادة، وتحويل الحرب إلى صراع إقليمي أكبر.
ويعتقد الكاتب، أن احتمال تصعيد الحرب مرتفع، حيث يمكن لإيران أن ترى فرصًا أو تهديدات في الأسابيع المقبلة تحفزها على زيادة الضغط على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتابع، أن التحدي الذي تفرضه إيران ووكلاؤها الآن على واشنطن يسلط الضوء على درس أوسع حول سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: لقد سعت الإدارات الثلاث الماضية إلى فصل الولايات المتحدة عن المنطقة، لتكتشف أن ذلك ليس خيارًا حقًا.
وقد أدى إهمال ضرورة تعزيز الاستقرار وتأمين المصالح الأمريكية إلى اندلاع الأزمات – ليس فقط في سوريا، ولكن أيضًا الحرب الأهلية في اليمن، وتوسيع السيطرة الإيرانية تدريجيًا في العراق، وتحدي داعش الدائم الذي لا يمكن هزيمته.
وخلص الكاتب الأمريكي نيكولاس كارل بالصحيفة ذاتها، إلى أنه هذا التهديد الذي يمثله محور المقاومة، يوضح سبب ضرورة بقاء الولايات المتحدة منخرطة في الشرق الأوسط بطريقة استباقية ومستدامة.
تعليقات الزوار ( 0 )