قال موقع “ذا ديفينس بوست” المتخصص في أخبار التسلح بأن امتداد استراتيجية التخريب الإيراني، يمكن أن تشكل أكبر العواقب الجيوسياسية في منطقة الصحراء في شمال غرب إفريقيا، وذلك من خلال دعمها المتزايد للمعارضين الحكوميين وغير الحكوميين للمغرب، حيث تسعى إيران إلى تقويض حليف غربي قوي يعمل بمثابة حجر الأساس للاستقرار في منطقة مضطربة.
وأفاد المصدر ذاته، ضمن تقرير له، أن القلق الأكثر حدة بالنسبة للمغرب هو إمداد جبهة البوليساريو بطائرات مسيرة هجومية إيرانية، مشيرا إلى أن جبهة البوليساريو الإنفصالية خاضت حربا دام لعقود لفصل الصحراء عن المغرب وتتمتع الجبهة بدعم مستمر من الجزائر، المنافس الإقليمي والعدو رقم واحد للمغرب.
وسلط الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الضوء مرارًا وتكرارًا على عمليات نقل الطائرات بدون طيار عبر الجزائر وحذر من أن المغرب سيرد “بطريقة مناسبة”، ومع ذلك ، فإن التخريب الإيراني يصل إلى عمق أكبر داخل المغرب من خلال حملتها المستمرة لتجنيد أعضاء من الأقلية الشيعية في المملكة.
وعلى مدى عقود، انخرطت جمهورية إيران الإسلامية في مواجهات غير متكافئة مع خصومها الإقليميين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ووسعت نفوذها من خلال دعم مجموعات حرب العصابات الأجنبية بالمعدات العسكرية والتدريب.
وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، عملت إيران على توسيع وتعميق نفوذها في منطقة إفريقيا، وعلى الأخص منطقة الساحل والمغرب العربي، وفي بلدان أخرى نظير السنغال وجمهورية إفريقيا الوسطى ونيجيريا، وكانت إيران تكرر نفس السيناريو في الشرق الأوسط من خلال تسليح الجماعات الشيعية المتمردة وتدريبها.
وأوضح المصدر ذاته، أنه، وبهذه الطريقة، فإن إيران تكتسب موطئ قدم في منطقة استراتيجية غنية بالموارد بالقرب من ممرات الشحن الغربية الحيوية في المحيط الأطلسي.
العلاقات الإيرانية الجزائرية
تربط إيران علاقات اقتصادية وعسكرية طويلة الأمد مع الجزائر، وقد أقرت طهران ببيعها طائرات عسكرية بدون طيار إلى الجزائر، واستكمالًا لهذه الحلقة تفاخر وزير الداخلية السابق في جبهة البوليساريو، عمر منصور، العام الماضي بأن المجموعة كانت تتسلم طائرات إيرانية بدون طيار وستنشرها لاستهداف قوات الأمن المغربية.
وأوضح مسؤولون مغاربة كبار بالتفصيل كيف تستخدم إيران وكيلها اللبناني حزب الله لتوفير التدريب العسكري والدعم لمقاتلي البوليساريو المتمركزين في مخيم تندوف للاجئين في الجزائر، ويعود هذا الدعم الذي أثار حفيظة الرباط لفترة طويلة إلى عام 2017.
وفي ماي 2018، قطع المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إيران للمرة الثالثة بسبب دعمه للجبهة، ولزيادة الرهان، نشرت إيران مؤخرًا وحدات من الحرس الثوري الإسلامي في الجزائر لزيادة تدريب مقاتلي البوليساريو.
وتحدث المسؤولون المغاربة عن معلومات استخبارية كشفت كيف قامت الجزائر بتحسين مهابط الطائرات قليلة الاستخدام لعمليات الطائرات بدون طيار، حيث تقع هذه المهابط في مناطق مقفرة بالجزائر بالقرب من الحدود مع المغرب.
كما تتبع المسؤولون المغاربة شحنات عتاد عسكري عن طريق الجو من إيران إلى دول غير محددة في شمال إفريقيا، وشملت هذه الشحنات، التي تم تسليمها إلى مقاتلي البوليساريو عبر الجزائر، طائرات بدون طيار ومعدات رادار وأنظمة صواريخ باليستية.
الاستقرار الإقليمي
المصدر ذاته، أكد أن دعم إيران المتزايد للجزائر وجبهة البوليساريو لا يهدد المغرب فحسب، بل يهدد أيضًا استقرار المنطقة برمتها، ولطالما كان المغرب حصنًا استراتيجيًا في شمال إفريقيا، وهو بلد إسلامي معتدل يتمتع باقتصاد سريع النمو وعلاقات اقتصادية عميقة مع البلدان الأفريقية الشقيقة.
وأشار الموقع المتخصص في الشؤون العسكرية، إلى أن هذه الأسس الاقتصادية والسياسية تدعم ظهور المغرب كحلقة وصل استراتيجية يمكن الاعتماد عليها بين الولايات المتحدة / أوروبا والقارة الأفريقية بأكملها.
وتتوافق الجهود الإيرانية لزعزعة استقرار المغرب مع عداء إيران لإسرائيل، حيث تحسنت العلاقات المغربية الإسرائيلية بسرعة عبر المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية في أعقاب توقيع اتفاقات إبراهيم في عام 2020.
وأضفى الاتفاق طابعاً رسمياً على تعاون غير رسمي دام عقوداً بين المغرب وإسرائيل، وأكد على مركزية المملكة في السياسة الأمريكية لتعزيز العلاقات مع الحلفاء الاستراتيجيين الرئيسيين في الشرق الأوسط، وتشير الحقائق إلى أن الاتفاقات تشمل دولتين أفريقيتين (المغرب والسودان) إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن للقارة.
ويرى المصدر ذاته، أن الاتفاق الأخير بين المملكة العربية السعودية وإيران لتطبيع العلاقات الدبلوماسية قد يخفف الضغط على بعض نقاط الاحتكاك الرئيسية في الشرق الأوسط ، لكن من غير المرجح أن يخفف من الأنشطة التوسعية الإيرانية في إفريقيا.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، ركزت المناقشات الجيوسياسية لأفريقيا على ما يمكن أو ينبغي أن تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لمواجهة الأنشطة الصينية، وبدرجة أقل، الأنشطة الروسية في جميع أنحاء المنطقة.
وخلص تقرير “ذا ديفينس بوست” المتخصص في أخبار التسلح، إلى أن سياسة التخريب الإيرانية المتزايدة في إفريقيا المتمثلة في إدخال طائراتها العسكرية بدون طيار إلى الصحراء، تتطلب مزيدًا من التدقيق.
تعليقات الزوار ( 0 )