كشف تقرير استخباراتي حديث نشرته صحيفة “لا رفيو أفريك” عن تزويد إيران جبهة البوليساريو بنوع جديد من قذائف الهاون لم تستخدمه الجبهة الانفصالية من قبل، ويمثل التقرير دليلا جديدا على مساعي طهران المستمرة في تسليح البوليساريو، متجاهلة التحذيرات المغربية من هذا النهج الذي من شأنه تقويض استقرار المنطقة بأكملها.
ويظهر مقطع فيديو نشرته “لا رفيو أفريك” مقاتلي البوليساريو وهم يحملون قذائف هاون من طراز HM-16 لأول مرة، في تطور يؤكد صحة الاتهامات المغربية ضد إيران.
وفي السياق ذاته، أكدت صحيفة “تاغس اشبيغل” الألمانية في تقرير نُشر مؤخرًا أن “علاقة النظام الإيراني بجبهة البوليساريو تشهد تطورا مستمرا من خلال قيام طهران بتزويد أعضائها بصواريخ أرض-جو والإشراف على معسكرات تدريب مقاتلي الجبهة في الجزائر بالتعاون مع جماعة حزب الله الشيعية اللبنانية”.
وتكشف مثل هذه الادعاءات أن البوليساريو ربما تأمل في تصعيد الصراع مع المغرب لمواجهة عزلتها على الصعيد الدولي.
ففي السنوات الأخيرة، تزايدت عزلة البوليساريو من قبل المجتمع الدولي بعد كشف النقاب عن مخططاتها العدائية أمام أعين العالم. وجاء ذلك في وقت دعمت فيه العديد من الدول مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب عام 2007 للصحراء المغربية كقاعدة واقعية وبراغماتية لحل سياسي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي.
وحذر المغرب مرارا من المحاولات الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة من خلال تزويد الانفصاليين بالأسلحة والطائرات المسيرة. كما تزعم أن حزب الله يقوم بتدريب قادة البوليساريو في منطقة المحبس بالجزائر، التي تدعم الانفصاليين وتوفر غطاء سياسيا لقادتهم، وذلك في إطار مساعيها لإطالة أمد الصراع حول قضية الصحراء.
ودفع دعم إيران للبوليساريو المغرب إلى قطع علاقاته مع طهران في مايو 2018. وأكد وزير الخارجية ناصر بوريطة آنذاك أن “حزب الله اللبناني المدعوم من طهران تورط بعلاقات عسكرية مع البوليساريو عبر السفارة الإيرانية في الجزائر”، وهو ما اعتبرته المملكة تهديدا لأمنها واستقرارها.
ويقول المغرب إنه لديه تقارير مفصلة وصور أقمار صناعية تظهر اجتماعات بين ممثلي حزب الله ومتمردي البوليساريو في الجزائر.
وكانت تقارير استخباراتية قد أكدت في وقت سابق صحة الاتهامات المغربية ضد إيران، مشيرة إلى أن طهران تأمل منذ عدة سنوات في تعزيز نفوذها في المنطقة العربية وشمال إفريقيا.
ويقول خبراء إن الهجمات الإرهابية التي نفذتها البوليساريو ضد بعض المدن في الصحراء المغربية تجسد نهج إيران في المنطقة العربية، حيث تقوم طهران بتسليح وتدريب عملاء جدد لتنفيذ مهام نيابة عنها.
وكان وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان قد صرح في يونيو 2023 أن بلاده تدعم تطبيع وتنمية العلاقات مع المغرب. في حين يرى محللون أن المملكة، التي تولي أهمية كبيرة لأمن واستقرار المنطقة، تربط المصالحة الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية بدعمها لمبادرة الحكم الذاتي لمغربية الصحراء.
ويرى بعض المراقبين أن المملكة المغربية قد أعطت إيران فرصة كاملة لتغيير سياساتها والتخلي عن دعمها لجبهة البوليساريو، والتزام الحياد الإيجابي في الصراع حول قضية الصحراء المغربية.
تعليقات الزوار ( 0 )