شارك المقال
  • تم النسخ

تقرير استخباراتي بريطاني: النظام الجزائري ساعد الطوارق على هزيمة الروس في مالي

شهد الشمال المالي خلال الأسابيع القليلة الماضية تطورات دراماتيكية، بدأت بكشف فظائع ارتكبتها قوات الجيش المالي المدعومة بالمرتزقة الروس، وتوالت بأحداث عسكرية وصفت بـ”الكارثية” للنظام الحاكم في باماكو وحلفائه الروس.

وكشف تقرير استخباراتي بريطاني صادر عن شركة “Menas Associates”، البريطانية المتخصصة في التحليلات الاستراتيجية والسياسية تحت عنوان “هل ساعدت الجزائر الطوارق على هزيمة الروس في مالي؟” معطيات جديدة ومثيرة حول الموضوع.

واستنادا إلى المصادر ذاتها، فقد انتشر على نطاق واسع خلال الأسبوع الثاني من يوليو الماضي فيديو مروع يظهر فيه جندي من الجيش المالي وهو يقطع ويدهن قلب وكبد إنسان، في مشهد يثير الرعب والاشمئزاز.

وتمّ التعرف على الضحية لاحقا بأنه من قبيلة الفولاني، قتل على يد قوات الجيش المالي ومرتزقة فاغنر في منطقة ليري العام الماضي، وحاولت قيادة الجيش المالي التهرب من المسؤولية، مدعية أن الأمر حادث معزول، لكن سرعان ما تكشفت عدة فيديوهات أخرى مشابهة، تؤكد أن ما حدث جريمة منظمة وليست حادثة فردية.

وفي سياق متصل، أعلن الجيش المالي في 22 يوليو الماضي عن سيطرته على بلدة إن أفاراك النائية، الواقعة على بعد 122 كيلومترا شمال غرب تيساليت و10 كيلومترات فقط من الحدود الجزائرية.

وزعمت السلطات المالية أن البلدة كانت تحت سيطرة جماعات مسلحة ومتاجرين بالمخدرات، لكن الحقيقة أنها كانت نقطة رئيسية في شبكات التهريب بين الجزائر وموريتانيا وإمداد مدينتي غاو وتيمبوكتو، وهذه المنطقة تخضع لسيطرة عناصر فاسدة في الأجهزة الأمنية الجزائرية منذ سنوات.

وشدد التقرير البريطاني، على أن ما حدث بعد ذلك لا يزال غامضا، لكن يبدو أن العمود العسكري الذي سيطر على إن أفاراك تحرك جنوبا باتجاه منطقة أبيبيرا، ومن ثم إلى تين زاواتين، حيث تعرض لكمين مدمر من قبل المقاتلين الطوارق، وهناك احتمال آخر وهو أن يكون عمودا عسكريا ثانيا انطلق من كيدال باتجاه أبيبيرا ومن ثم تين زاواتين.

وتزامنا مع هذه الأحداث، أظهرت صور وفيديوهات منع السلطات الجزائرية للاجئين الفارين من شمال مالي من دخول الأراضي الجزائرية عبر تين زاواتين، وهذا يشير إلى أن الجزائر ربما اتخذت قرارا بالتدخل في الأزمة خلال تحرك العمود العسكري المالي الروسي من إن أفاراك باتجاه تين زاواتين.

وتحدث الروس عن عاصفة رملية قوية مكنت نحو ألف مقاتل طوارقي من إعادة التجمع، لكن هذا الادعاء لم يتم تأكيده وقد يكون جزءا من محاولة تبرير الهزيمة الكبيرة، ةفي كل الأحوال، تعرض العمود العسكري لكمين مدمر في تين زاواتين أو بالقرب منها، كما زعم الطوارق إسقاط طائرة هليكوبتر للجيش المالي في كيدال، وهو ما تنفيه السلطات المالية.

ولا تزال حصيلة القتلى والجرحى من الجيش المالي والمرتزقة الروس غير واضحة، وتشير تقارير أولية تحدثت عن مقتل 20 روسيا بينهم الجنرال سيرغي شيفشينكو، و17 جنديا ماليا، لكن تقارير أخرى، بما فيها مصادر روسية، تحدثت عن مقتل نحو 50 روسيا، ووصلت بعض الأرقام إلى 80 قتيلا.

ومن المحتمل أن تكون جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة إياد أغ غالي قد هاجمت بقايا العمود العسكري المالي الروسي أثناء فراره من تين زاواتين، ما يفسر ارتفاع عدد القتلى الروس مقارنة بالأرقام التي أعلنها المقاتلون الطوارق.

ومهما كانت التفاصيل، فإن معركة تين زاواتين تمثل أكبر انتكاسة تتعرض لها القوات الروسية في أفريقيا، وتثير تساؤلات حول استراتيجيتها المستقبلية في مالي والمنطقة، وهناك مخاوف من أن تلجأ روسيا إلى الانتقام من السكان المدنيين.

ويبدو أن المقاتلين الطوارق لم يكونوا قادرين على تحقيق هذا الانتصار الكبير دون دعم خارجي، حيث إن العديد من التقارير والصور تشير إلى حصول الطوارق على أسلحة دفاعية ضد الطائرات المسيّرة التركية التي استخدمها الجيش المالي ومرتزقة فاغنر بشكل مكثف.

وبحسب التقرير، فإن السؤال الأهم هو مصدر هذا الدعم، والاحتمال الأبرز هو الجزائر، ومصادر دبلوماسية مطلعة تعتقد أن الضغوط الفرنسية والأمريكية دفعت الجزائر للتدخل، خاصة أن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة نفوذها في أفريقيا بعد تراجعه أمام روسيا.

ومن غير المحتمل أن تكون الجزائر سمحت بدخول أسلحة أمريكية أو فرنسية إلى أراضيها، فهي تمتلك ترسانة عسكرية كافية، بما في ذلك قدرات مضادة للطائرات المسيّرة، لتوجيه ضربة قاصمة للعمود العسكري المالي الروسي.

ويعتقد التقرير، أن الضغوط الخارجية ربما دفعت الجزائر إلى تغيير سياستها تجاه موسكو، خاصة بعد رفض طلبها الانضمام إلى مجموعة البريكس، وقد تكون الجزائر قررت توجيه صفعة قوية لروسيا ومالي ردا على تجاهل تحذيراتها بشأن تصرفاتهما في كيدال ونشر القوات الروسية قرب الحدود الجزائرية.

وأشار التقرير البريطاني، إلى أن هذا التحول في الموقف الجزائري قد يكون مرتبطا أيضا بالضغوط التي يتعرض لها قائد الجيش الجزائري، الفريق سعيد شنقريحة، على خلفية كشف تورطه في قضايا فساد، لافتا إلى أن الأيام المقبلة ستكشف المزيد من التفاصيل حول معركة تين زاواتين وآثارها على الوجود الروسي في مالي والمنطقة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي